في خطوة مفاجئة، أعلنت الحكومة الكندية يوم الجمعة، الموافق 5 ديسمبر، عن قرارها بإزالة سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب، بالإضافة إلى إخراج هيئة تحرير الشام، وهي الجماعة التي قادت تحالفًا متمردًا ساهم في الإطاحة بالرئيس بشار الأسد، من قائمة الكيانات الإرهابية. هذا القرار، الذي يمثل تحولًا ملحوظًا في السياسة الكندية تجاه سوريا، يأتي في أعقاب خطوات مماثلة اتخذتها دول حليفة مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة.

دوافع القرار الكندي وتوقيته

أوضحت الحكومة الكندية أن هذا الإجراء يتماشى مع قرارات اتخذتها دول أخرى حليفة، بما في ذلك المملكة المتحدة والولايات المتحدة. وأشارت إلى الجهود المبذولة من قبل الحكومة السورية الانتقالية لتعزيز الاستقرار في البلاد، وبناء مستقبل آمن وشامل لمواطنيها، والعمل جنبًا إلى جنب مع الشركاء الدوليين لمواجهة الإرهاب وتعزيز الاستقرار الإقليمي.

هذا التغيير في الموقف الكندي يثير تساؤلات حول تقييم الحكومة الكندية للوضع الحالي في سوريا. فبعد سنوات من دعم المعارضة السورية وفرض عقوبات على النظام، يبدو أن هناك اعترافًا ضمنيًا بالتغيرات التي طرأت على الساحة السورية، وربما بضرورة إعادة النظر في استراتيجيات التعامل مع الأزمة. القرار قد يعكس أيضًا رغبة كندية في تنسيق جهودها مع الحلفاء الغربيين في ملف مكافحة الإرهاب، خاصة مع التركيز المتزايد على التهديدات الإرهابية الأخرى في مناطق مختلفة من العالم.

تقييم الوضع الإقليمي وتأثيره

لا يمكن النظر إلى هذا القرار بمعزل عن التطورات الإقليمية الأخيرة. فالتدخلات الإقليمية والدولية المعقدة في سوريا، بالإضافة إلى صعود وتراجع الجماعات الإرهابية المختلفة، قد دفعت الحكومة الكندية إلى إعادة تقييم أولوياتها. كما أن التغيرات في التحالفات الإقليمية، مثل التقارب الأخير بين بعض الدول العربية والنظام السوري، قد لعبت دورًا في هذا التحول.

ردود الفعل المحتملة على القرار

من المتوقع أن يثير هذا القرار ردود فعل متباينة. فمن جهة، قد يرحب به البعض باعتباره خطوة نحو تطبيع العلاقات مع سوريا، وفتح الباب أمام تقديم المساعدات الإنسانية والتنموية للشعب السوري. ومن جهة أخرى، قد ينتقده آخرون بشدة، معتبرين أنه مكافأة للنظام السوري على قمعه للشعب، وتجاهل لانتهاكات حقوق الإنسان المستمرة.

من المرجح أيضًا أن يثير القرار انتقادات من قبل بعض الجماعات المعارضة السورية، التي قد تعتبره خيانة لقضيتها. بينما قد ترى بعض القوى الإقليمية في هذا القرار فرصة لتعزيز نفوذها في سوريا. الوضع الإنساني المتردي في سوريا، وضرورة إيجاد حلول سياسية للأزمة، هما عاملان رئيسيان سيحددان ردود الفعل على هذا القرار.

هيئة تحرير الشام: من قائمة الإرهاب إلى المجهول

إخراج هيئة تحرير الشام من قائمة الكيانات الإرهابية يمثل جانبًا آخر من هذا القرار. هذه الجماعة، التي كانت تعرف سابقًا بجبهة النصرة، ارتبطت بتنظيم القاعدة، وقد لعبت دورًا رئيسيًا في الحرب الأهلية السورية.

على الرغم من أن الجماعة أعلنت انفصالها عن القاعدة في عام 2016، إلا أنها ظلت مصنفة كمنظمة إرهابية من قبل العديد من الدول، بما في ذلك كندا. قرار إخراجها من القائمة قد يعكس تقييمًا بأن الجماعة قد خففت من حدة أنشطتها الإرهابية، أو أنها أصبحت أكثر تركيزًا على الأهداف السياسية. مكافحة الإرهاب تظل أولوية عالمية، وهذا القرار قد يخضع لمراجعة مستمرة بناءً على تطورات الوضع على الأرض.

الآثار المحتملة على جهود مكافحة الإرهاب

يثير هذا القرار تساؤلات حول الآثار المحتملة على جهود مكافحة الإرهاب في سوريا والمنطقة. فهل سيؤدي إخراج هيئة تحرير الشام من القائمة إلى تسهيل عملياتها، أو إلى تمكينها من إعادة تنظيم صفوفها؟ أم أن هذا القرار سيشجعها على الانخراط في العملية السياسية، والتخلي عن العنف؟

مستقبل العلاقات الكندية السورية

يمثل هذا القرار نقطة تحول في العلاقات الكندية السورية. فبعد سنوات من القطيعة والعقوبات، يبدو أن كندا مستعدة لإعادة النظر في سياستها تجاه سوريا. ومع ذلك، لا يزال هناك العديد من التحديات التي تواجه أي محاولة لتطبيع العلاقات.

من بين هذه التحديات، استمرار الأزمة الإنسانية في سوريا، وانتهاكات حقوق الإنسان المستمرة، وغياب أي تقدم ملموس في العملية السياسية. بالإضافة إلى ذلك، فإن وجود قوى إقليمية ودولية متنافسة في سوريا يجعل من الصعب تحقيق أي استقرار حقيقي. الدبلوماسية والتعاون الدولي هما السبيل الوحيد لإيجاد حلول مستدامة للأزمة السورية.

في الختام، قرار الحكومة الكندية بإزالة سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب وإخراج هيئة تحرير الشام من قائمة الكيانات الإرهابية هو قرار معقد له تداعيات محتملة على الوضع في سوريا والمنطقة. يتطلب هذا القرار مراقبة دقيقة وتقييمًا مستمرًا، بالإضافة إلى التزام قوي من قبل المجتمع الدولي بدعم الشعب السوري وإيجاد حلول سياسية للأزمة. نأمل أن يساهم هذا القرار في تحقيق الاستقرار والسلام في سوريا، وأن يفتح الباب أمام مستقبل أفضل لشعبها.

شاركها.