برأ تحقيق بريطاني جماعة الإخوان المسلمين من التورط في حريق القاهرة التاريخي وأعمال الشغب عام 1952، وفقًا للملفات البريطانية.

الملفات التي تم الكشف عنها بواسطة مذكرة وأظهر في الأرشيف الوطني أن التحقيق حمل حزب مصر الاشتراكية والسلطات المصرية المسؤولية عن الأحداث.

في 26 يناير 1952، اجتاحت القاهرة الحرائق وأعمال الشغب، وهو الحادث الذي يشار إليه تاريخيا باسم حريق القاهرة. تشير التقارير إلى أن أكثر من 700 مبنى قد تم إحراقها ونهبت، بما في ذلك دار الأوبرا الشهيرة في القاهرة، والتي دمرت بالكامل خلال اليوم المعروف أيضًا باسم السبت الأسود.

وجاءت أعمال الشغب في أعقاب اشتباك مميت يوم 25 يناير/كانون الثاني، عندما هاجمت قوات الاحتلال البريطاني مركزاً للشرطة المصرية في الإسماعيلية، شمال شرق مصر، مما أسفر عن مقتل 47 من رجال الشرطة المساعدين، وإصابة 72 آخرين، واعتقال عدة مئات. أشعلت الأحداث مظاهرات عفوية مناهضة لبريطانيا في القاهرة استغلتها عناصر منظمة في الحشد، مما أدى إلى دمار واسع النطاق وسط غياب غير مبرر للشرطة والجيش.

اقرأ: متى يستعيد المصريون ثورة يناير؟

أدى حريق القاهرة إلى تشويه سمعة النظام الملكي للملك فاروق، مما أدى إلى ظهور سلسلة من الحكومات قصيرة العمر التي فشلت في استعادة ثقة الجمهور. ويرى المؤرخون أن أعمال الشغب كانت بمثابة نقطة تحول حاسمة مهدت الطريق أمام حركة الضباط الأحرار للإطاحة بالملك فاروق في 23 يوليو 1952.

على مدى عقود، اتهمت وسائل الإعلام المصرية والمؤرخون والشخصيات المناهضة للإخوان المسلمين جماعة الإخوان المسلمين بتدبير الحرائق وأعمال الشغب لدعم القوات البريطانية التي تواجه المقاومة في منطقة قناة السويس. لكن الوثائق البريطانية تكشف أن تحقيقًا رسميًا لم يعثر على أي دليل يشير إلى تورط المنظمة في التخطيط للأحداث أو تنفيذها.

وأجرت التحقيق لجنة رسمية مكونة من سبعة أعضاء برئاسة إم تي أودسلي، الملحق العمالي، وضمت القنصل العام البريطاني، وممثلين عن غرفة التجارة البريطانية، ومسؤولين من السفارة البريطانية في القاهرة. وأوضحت اللجنة في تقريرها النهائي أنها اعتمدت على “الروايات التي تلقتها من شهود عيان لأحداث فعلية، وعلى المعلومات الواردة من مصادر موثوقة”.

وبعد أيام قليلة من أعمال الشغب، سرت شائعات على نطاق واسع بأن جماعة الإخوان المسلمين لعبت دورًا نشطًا في الأحداث. لكن التحقيق لم يجد أي دليل يثبت مثل هذا الادعاء. وجاء في تقريرها أن السلطات المصرية نفسها “لم تجد أي دليل على تورط المنظمة كمجموعة”. لكنها أضافت أن السلطات “تعترف بأن العديد من أعضائها، كأفراد، ربما استغلوا الوضع أثناء تطوره”.

وأشار التقرير إلى أن الاعتداءات التي ارتكبت خلال أعمال الشغب كانت متسقة مع “المثل المتعصبة لأعضاء جماعة الإخوان المسلمين”، وهي جماعة ربطها البريطانيون بالإرهاب بسبب أنشطتها المقاومة ضد قوات الاحتلال البريطانية في منطقة قناة السويس.

وبحث التحقيق في مزاعم بأن أعضاء الإخوان المسلمين استهدفوا الحانات والمطاعم بسبب معتقداتهم المتزمتة، ربما بمساعدة عناصر شيوعية تهدف إلى تدمير المنشآت التي يستخدمها الأثرياء المصريون وغير المصريين. ومع ذلك، لم يجد التحقيق أي دليل يدعم هذه الادعاءات.

وبدلاً من ذلك، خلص التحقيق إلى أن أحمد حسين، زعيم حزب مصر الاشتراكية، وأتباعه كانوا مسؤولين بشكل أساسي عن تخطيط وتنفيذ التدمير.

وقال “مراقبون ذوو خبرة” للتحقيق إنهم يعتبرون أن “أحمد حسين وحزبه هم وحدهم الذين يملكون الوسائل المتاحة لهم للتخطيط لمعظم الهجمات المثيرة للجدل وتنفيذها”.

وأخذ المحققون «في الاعتبار اعترافات (عبد) فتح حسن باشا، وزير الشؤون الاجتماعية آنذاك، التي أدلى بها في المحكمة»، حيث اعترف بأنه «سلم من أموال سرية مبلغاً كبيراً من المال إلى أحمد حسين الزعيم». “حزب مصر الاشتراكية في أكتوبر 1951”. لكن الوزير “رفض ذكر الغرض الذي منحت الأموال من أجله”.

كما شهد شهود عيان أن ركاب عدة سيارات وسيارات جيب شوهدوا بشكل متكرر في العديد من حوادث إشعال النيران “كانوا من أتباع أحمد حسين، وشوهد بعضهم يشارك في الهجمات”.

وقال التقرير النهائي: “هناك القليل من الشك في أذهان اللجنة في أن أحمد حسين وحزب مصر الاشتراكية الذي يتزعمه كانا المصممين والمنفذين الرئيسيين لعملية التدمير الرئيسية”.

ولذلك خلص التحقيق إلى أنه “ليس من غير المعقول تحميلهم المسؤولية عن هذه الهجمات”.

وخلص التحقيق إلى أن الحكومة المصرية، وخاصة وزارة الداخلية، برئاسة الوزير فؤاد سراج الدين، “يجب أن تتحمل المسؤولية الكاملة عن تهيئة الظروف التي مكنت من وضع خطة إشعال الحرائق موضع التنفيذ”.

وذكر التقرير النهائي أن “مخبرًا موثوقًا قال إنه سمع محادثة هاتفية بين القائم بأعمال محافظ القاهرة وفؤاد سراج الدين عندما قال الأخير إن الشرطة لن تتدخل”.

وبعد أيام قليلة من الأحداث المأساوية، أفادت التقارير أن حوالي خمسمائة من مثيري الشغب قد وضعوا العاصمة المصرية تحت رحمتهم لعدة ساعات. كما سلط التحقيق الضوء على اعتقال الشيوعيين وأعضاء حركة السلام فيما يتعلق بأعمال الشغب. ومع ذلك، وجد التحقيق أن مشاركتهم كانت انتهازية وليست منسقة.

وذكر أنه على الرغم من أن الأدلة المتاحة لسلطات الأمن المصرية “لا تشير إلى أنهم كانوا مسؤولين بشكل جماعي عن الهجوم”، فمن المعتقد أنهم كأفراد “اغتنموا الفرصة لوضع أهدافهم التخريبية المعلنة موضع التنفيذ”.

اقرأ: هل يوجد في مصر سجن صيدنايا الخاص بها؟

وأشار التقرير النهائي إلى أن خطة مثيري الشغب هؤلاء كان من الممكن أن تفشل “لو تم تحديهم في البداية من قبل قوات شرطة مسلحة وذات تصميم مماثل”.

كما أثيرت تساؤلات حول تأخر استدعاء الجيش للسيطرة على الوضع. وذكر التقرير النهائي أنه لو تم إحضار الجيش بمجرد معرفة عدم موثوقية الشرطة، فقد قيل أن الخطة بأكملها كانت ستنهار على الفور تقريبًا.

واعتبر التحقيق أن فشل الحكومة في ضمان تواجد الجيش واستدعائه لاستعادة هذا النظام عندما بدا واضحاً أن الوضع خرج عن نطاق السيطرة هو “الجريمة الكبرى” التي ساهمت في الفوضى.

واعترفت لجنة التحقيق بأنه على الرغم من عدم معرفة كل الحقائق، إلا أن استنتاجاتها كانت “صحيحة ومبررة من الناحية الواقعية”.

النتائج الرئيسية الأخرى:

  • وفي بعض المناطق، كان المهاجمون يرتدون في الغالب ملابس أوروبية. كان هناك عدد من التقارير عن تمكن هؤلاء الرجال من التحدث باللغة الإنجليزية بشكل جيد.
  • وتعرضت مكاتب المجلس الثقافي البريطاني للهجوم وأطلق المهاجمون على المبنى اسم “البيت الإمبراطوري”.
  • ولم يتم استخدام الشرطة المتوفرة إلا في منزلي (مصطفى) النحاس (رئيس الوزراء) وسراج الدين باشا.

وأدرج التقرير 142 هدفًا كبيرًا مصريًا وغير مصري تم حرقها أو نهبها، منها 34 منشأة بريطانية أو منشأة ذات مصالح بريطانية مهمة. وسلط الضوء على “خمسة هجمات كبرى” على الممتلكات البريطانية أسفرت عن مقتل 10 أشخاص وإصابة 2 بجروح خطيرة خلال الأحداث باستخدام الفؤوس والقضبان الحديدية والروافع الخشبية المستخدمة في الاعتداءات.

واعتبرت الحكومة البريطانية نتائج التحقيق مهمة. وأشادت وزارة العمل بعمل أودسلي، مشيرة إلى مساهمته في فهم الشرق الأوسط.

الآراء الواردة في هذا المقال مملوكة للمؤلف ولا تعكس بالضرورة السياسة التحريرية لميدل إيست مونيتور.


شاركها.