في حادث مأساوي، لقي جنديان أمريكيان ومترجم مدني سوري حتفهم في وسط سوريا يوم السبت، بعد إطلاق نار من قبل شخص يُزعم أنه عضو في تنظيم داعش. وتأتي هذه الحادثة في ظل استمرار التوترات في المنطقة، وتثير تساؤلات حول مستقبل التعاون بين الولايات المتحدة وسوريا في مكافحة الإرهاب. هذا الهجوم، الذي وقع في منطقة البادية السورية، يمثل تصعيدًا خطيرًا للأحداث.
مقتل جنود أمريكيين ومترجم سوري في هجوم داعش بوسط سوريا
أعلن مسؤولون عن مقتل جنديين أمريكيين ومترجم مدني سوري، وإصابة ثلاثة جنود آخرين، في هجوم نفذه مسلح يُشتبه في انتمائه إلى تنظيم داعش في منطقة تدمر بريف حمص الشرقي. وأفاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عبر منصته “تروث سوشيال”، بحزنه العميق لـ “خسارة ثلاثة وطنيين أمريكيين عظماء في سوريا”، مؤكدًا “انتقامًا شديدًا”.
وذكر المتحدث باسم البنتاغون، شون بارنيل، أن الهجوم وقع في منطقة تدمر الأثرية، التي كانت تحت سيطرة داعش في ذروة توسعها الإقليمي في سوريا. وأضاف أن الهجوم كان “كمينًا من قبل مسلح من داعش تم الاشتباك معه وقتله”.
تفاصيل الهجوم وردود الفعل الرسمية
أشار ترامب إلى أن الهجوم كان “هجومًا من داعش ضد الولايات المتحدة وسوريا، في جزء خطير جدًا من سوريا ليس تحت سيطرتهم بالكامل”. وأكد أن الجنود الثلاثة المصابين “في حالة جيدة”. وأوضح بارنيل أن الجنود كانوا “يقومون بمهمة رئيسية للتواصل مع القادة” لدعم عمليات مكافحة الإرهاب عندما وقع الهجوم.
في الوقت نفسه، صرح المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توم باراك، أن الكمين استهدف “دورية مشتركة بين الولايات المتحدة والحكومة السورية”. ولم يتم الكشف عن هوية القتلى حتى يتم إبلاغ عائلاتهم، وفقًا لما ذكرته القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM).
هذه الحادثة هي الأولى من نوعها منذ الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد من قبل قوى إسلامية في ديسمبر الماضي، مما أدى إلى تجديد العلاقات بين سوريا والولايات المتحدة. وأعرب الرئيس السوري الجديد، أحمد الشراعا، الذي زار البيت الأبيض الشهر الماضي، عن “غضبه الشديد واستيائه” من الهجوم، وفقًا لتصريحات ترامب.
تحذيرات سورية من تسلل داعش
أفاد مسؤول عسكري سوري، طلب عدم الكشف عن هويته، أن إطلاق النار وقع “أثناء اجتماع بين ضباط سوريين وأمريكيين” في قاعدة سورية في تدمر. وذكر شاهد عيان، فضل عدم الكشف عن اسمه، أنه سمع إطلاق النار من داخل القاعدة.
ومع ذلك، أوضح مسؤول في البنتاغون، طلب عدم الكشف عن هويته، أن الهجوم “وقع في منطقة لا تخضع لسيطرة الرئيس السوري”. وفي مقابلة على التلفزيون الرسمي، قال المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية، أنور البابا، إن هناك “تحذيرات مسبقة من قيادة الأمن الداخلي للقوات المتحالفة في منطقة البادية” بشأن احتمال “تسلسل داعش”. وأضاف أن “قوات التحالف الدولي لم تأخذ التحذيرات السورية بشأن احتمال تسلل داعش في الاعتبار”.
استراتيجية أمريكية في الصحراء السورية
وفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن الاجتماع جاء في إطار “استراتيجية أمريكية لتعزيز وجودها ونفوذها في الصحراء السورية”. وأفادت وكالة الأنباء السورية (SANA) أن مروحيات قد قامت بإجلاء الجرحى إلى قاعدة التنف في جنوب سوريا، حيث تتمركز القوات الأمريكية كجزء من التحالف الدولي بقيادة واشنطن ضد تنظيم داعش.
في الشهر الماضي، خلال الزيارة التاريخية للشراعا إلى واشنطن، انضمت دمشق رسميًا إلى التحالف. وكان تنظيم داعش قد سيطر على مساحات واسعة من الأراضي السورية والعراقية في عام 2014 خلال الحرب الأهلية السورية، قبل أن يهزم إقليميًا في البلاد بعد خمس سنوات. ومع ذلك، لا يزال مقاتلوه يحتفظون بوجود، خاصة في الصحراء السورية الشاسعة.
تنتشر القوات الأمريكية في شمال شرق سوريا الخاضعة لسيطرة الأكراد، وكذلك في التنف بالقرب من الحدود مع الأردن. هذا الوضع الأمني المتدهور يثير مخاوف بشأن مستقبل الاستقرار في المنطقة.
مستقبل التعاون الأمريكي السوري في مكافحة الإرهاب
هذا الهجوم يمثل تحديًا كبيرًا للتعاون الأمريكي السوري في مكافحة الإرهاب. فهل ستؤدي هذه الحادثة إلى إعادة تقييم الاستراتيجيات المتبعة؟ وهل ستزيد من التنسيق الأمني بين الجانبين؟ هذه أسئلة مهمة تتطلب إجابات واضحة. من الواضح أن مكافحة الإرهاب تتطلب جهودًا مشتركة وتنسيقًا فعالًا بين جميع الأطراف المعنية.
في الختام، يمثل مقتل الجنود الأمريكيين والمترجم السوري خسارة فادحة، ويؤكد على التحديات المستمرة التي تواجهها المنطقة في مواجهة الإرهاب. يجب على جميع الأطراف العمل معًا لضمان استقرار سوريا ومنع عودة تنظيم داعش إلى الظهور مرة أخرى. هذا التصعيد الأمني يتطلب رد فعل حاسمًا ومدروسًا.
