تتصاعد حدة المعارك في السودان، حيث أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها الكاملة على مدينة بابنوسة، وهي نقطة وصل حيوية في ولاية جنوب كردفان، الغنية بالنفط. يأتي هذا الإعلان في ظل اتهامات متبادلة بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني بخرق الهدنة الإنسانية المعلنة، ويزيد من تعقيد المشهد السياسي والعسكري في البلاد. هذه التطورات الأخيرة تشكل تهديدًا لجهود السلام الإقليمية والدولية، وسط مخاوف متزايدة من استمرار الصراع وتداعياته الإنسانية.

قوات الدعم السريع تسيطر على بابنوسة.. والجيش السوداني ينفي

أعلنت قوات الدعم السريع، بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”، يوم الاثنين، عن سيطرتها الكاملة على مدينة بابنوسة، مدعيةً أنها تصدت “لهجوم مفاجئ” من قبل الجيش السوداني، واصفةً ذلك بـ “انتهاك واضح للهدنة الإنسانية”. وتعتبر هذه السيطرة مكسباً استراتيجياً هاماً لقوات الدعم السريع، حيث تقع بابنوسة على خطوط إمداد رئيسية وتعتبر مركزاً تجارياً مهماً.

في المقابل، نفى الجيش السوداني بشدة هذا الإعلان، مؤكداً أن قواته لا تزال تسيطر على معظم مناطق المدينة وأنها تصدت لهجمات قوات الدعم السريع. وأضاف الجيش في بيانه أن قوات الدعم السريع تواصل قصف بابنوسة بالمدفعية والطائرات المسيرة، على الرغم من إعلان دقلو عن وقف إطلاق نار من جانب واحد. هذا التناقض في التصريحات يزيد من صعوبة التحقق من الوضع الفعلي على الأرض، ويُظهر عمق الانقسام بين الطرفين المتحاربين.

التداعيات المحتملة للسيطرة على بابنوسة

سيطرة قوات الدعم السريع على بابنوسة قد تكون لها تداعيات واسعة النطاق على عدة مستويات:

  • العسكرية: تعزيز موقع قوات الدعم السريع في ولاية جنوب كردفان وتسهيل عملياتها العسكرية في المنطقة.
  • الاقتصادية: تعطيل حركة التجارة والإمدادات عبر المدينة، مما قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار ونقص السلع الأساسية.
  • الإنسانية: زيادة المعاناة الإنسانية للسكان المحليين، الذين قد يتعرضون للنزوح أو نقص الغذاء والدواء.
  • السياسية: تعقيد جهود السلام وتأخير التوصل إلى حل سياسي للأزمة السودانية.

جهود السلام الدولية والاقليمية تواجه تحديات جديدة

تواجه جهود السلام الدولية والإقليمية في السودان تحديات متزايدة في ظل استمرار المعارك وتصاعد العنف. وكانت الرباعية (الولايات المتحدة، الإمارات العربية المتحدة، مصر، والسعودية) قد اقترحت في نوفمبر الماضي خطة تتضمن هدنة لمدة ثلاثة أشهر تليها محادثات سلام. وقد أعلنت قوات الدعم السريع قبولها بالخطة، لكنها سرعان ما شنت هجمات بطائرات مسيرة على مواقع الجيش السوداني.

من جانبه، أعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن استعداده للتدخل لوقف الصراع، لكن لم تتضح بعد آليات هذا التدخل. وتأتي هذه الجهود في ظل اتهامات متبادلة بتقديم دعم خارجي لقوات الدعم السريع، وهو ما يرفضه الطرفان.

استعادة زخم المعارك بعد سقوط الفاشر

يأتي هجوم قوات الدعم السريع على بابنوسة بعد فترة وجيزة من سيطرتها على مدينة الفاشر في ولاية دارفور، والتي كانت آخر معقل للجيش السوداني في المنطقة. وقد منحت هذه السيطرة قوات الدعم السريع زخماً معنوياً وعسكرياً كبيراً، ويبدو أنها عزمت على استغلاله لتحقيق مكاسب جديدة على الأرض.

ومع ذلك، لا يزال الجيش السوداني متماسكاً في مناطق أخرى من البلاد، ويواصل القتال بقوة للدفاع عن مواقعه. من المرجح أن يستمر الصراع في السودان لفترة طويلة، ما لم يتم التوصل إلى حل سياسي شامل يرضي جميع الأطراف. من الضروري إيجاد طريقة لضمان وصول المساعدات الإنسانية العاجلة إلى المناطق المتضررة جراء القتال.

مستقبل الأزمة السودانية ومخاطر التصعيد

لا تزال آفاق حل الأزمة السودانية غامضة، في ظل استمرار القتال وتصاعد التوتر بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني. يعتبر الوضع في السودان معقدًا للغاية، ويتأثر بعوامل إقليمية ودولية متعددة. هناك حاجة ماسة إلى ضغط دولي مكثف على الطرفين المتحاربين لوقف العنف والعودة إلى طاولة المفاوضات. ومما يزيد الأمر صعوبة هو التدخلات الخارجية في الشأن السوداني، والتي تسعى إلى تحقيق مصالح خاصة.

من بين السيناريوهات المحتملة لمستقبل الأزمة السودانية:

  • استمرار القتال: مع تصاعد العنف وتوسع نطاق الصراع ليشمل مناطق جديدة.
  • تقسيم السودان: في حال فشل جميع جهود السلام، قد يتجه السودان نحو التقسيم إلى دولتين أو أكثر.
  • حكم عسكري: قد تستولي قوات الدعم السريع أو الجيش السوداني على السلطة وفرض حكم عسكري في البلاد.
  • توصل إلى اتفاق سلام: في حال تمكن الأطراف المتفاوضة من التوصل إلى حل سياسي شامل يضمن تقاسم السلطة والثروة بشكل عادل.

إن استمرار الأزمة السودانية يشكل تهديدًا للأمن والاستقرار في المنطقة، وقد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية وزيادة عدد اللاجئين والنازحين. يجب على المجتمع الدولي والدول الإقليمية العمل بشكل حثيث لإيجاد حل سلمي لهذه الأزمة، ومنع انزلاق السودان إلى حرب أهلية شاملة. الأزمة في السودان تتطلب تعاونًا دوليًا لمساعدة الشعب السوداني على تجاوز هذه المحنة.

شاركها.