في أعقاب اتفاق وقف إطلاق النار الجاري في قطاع غزة، عادت جثامين 47 رهينة إسرائيلية إلى ديارهم، من بينهم العمال التايلاندي سودتيساك رينثالاك. هذه القصة المؤلمة تلقي الضوء على مصير العمال المهاجرين التايلانديين في خضم الصراع، وتأثير ذلك على عائلاتهم. فبعد عامين من الانتظار المليء بالقلق والأمل، تستعد عائلة سودتيساك في مقاطعة نونغ خاي بشمال شرق تايلاند لاستقبال جثمانه وإقامة مراسم بوذية تقليدية لإراحة روحه. هذه الأحداث تثير تساؤلات حول العمالة التايلاندية في إسرائيل ومخاطر العمل في مناطق الصراع.
العودة المؤلمة: تفاصيل مأساة سودتيساك رينثالاك
استغرق الأمر عامين من البحث والانتظار قبل أن يتم تحديد هوية جثمان سودتيساك رسميًا من قبل السلطات الإسرائيلية يوم الخميس الماضي. قُدّر سودتيساك، البالغ من العمر 44 عامًا، في بداية الأمر بأنه مفقود بعد أسره خلال هجوم حركة حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023. كان يعمل في مزرعة أفوكادو وقت وقوع الحادث، وتم نقله لاحقًا إلى كيبوتس بئيري حيث لقي حتفه.
آخر صورة للعامل التايلاندي، وصلت إلى عائلته عبر أصدقائه، كانت مُروّعة؛ حيث ظهر وهو مستلقٍ على وجهه بينما كان مسلحون يوجهون أسلحتهم نحوه. قال ثيبورن، الشقيق الأكبر لسودتيساك، بألم: “أشعر بالحزن لأنني لم أستطع فعل أي شيء لمساعدته. لم أتمكن من فعل أي شيء عندما رأيته بعيني. كان يختبئ خلف إطار خشبي وكانوا يوجهون المسدسات نحوه.”
وعود لم تُكتمل: أحلام العائلة المؤجلة
قضى ثيبورن العامين الماضيين في محاولة الوفاء بوعوده التي قطعها لشقيقه الأصغر. استخدم تعويضات مالية سخية لبناء منزل جديد للأسرة، وشراء شاحنات صغيرة لوالديه المسنين، وتوسيع مزرعة المطاط التي يعملون بها. ومع ذلك، يرى ثيبورن أن كل هذه الإنجازات باهتة في غياب سودتيساك. “كل شيء تم إنجازه، لكن الشخص الذي فعلت كل هذا من أجله ليس هنا”، هكذا عبّر عن حزنه العميق.
كان سودتيساك يعمل في إسرائيل بهدف توفير حياة كريمة لوالديه، ثونغما البالغ من العمر 77 عامًا وأون البالغة من العمر 80 عامًا. العديد من الشباب في مجتمعهم الزراعي يسافرون إلى الخارج بحثًا عن فرص عمل أفضل. هذه القصة تعكس التحديات التي تواجهها العائلات التايلاندية التي تعتمد على تحويلات العاملين في الخارج.
تأثير الصراع على العمال المهاجرين ونداءات السلام
تأتي هذه المأساة في وقت كانت فيه تايلاند تعتمد بشكل كبير على العمالة المهاجرة في قطاع الزراعة الإسرائيلي. قبل الصراع، كان يقدر عدد العمال التايلانديين في إسرائيل بحوالي 30 ألف عامل، مما يجعلهم واحدة من أكبر مجموعات العمال المهاجرين في البلاد.
عبّرت بونما بوتراسري، زوجة ثيبورن، عن أملها في أن يتوقف هذا العنف. “لا أريد أن تحدث حرب. لا أريد هذا على الإطلاق”، قالت وهي تذرف الدموع. وتضيف أن هذه الحادثة تذكر الجميع بتكلفة الصراع البشعة.
تحذير للآخرين: تقييم المخاطر قبل العمل في الخارج
يعتقد ثيبورن أن وفاة شقيقه بمثابة تحذير للعمال التايلانديين الآخرين الذين يفكرون في العمل في الخارج. “أريد فقط أن أقول للعالم أنه يجب أن تفكروا مليًا قبل إرسال عائلاتكم إلى الخارج. تحققوا من الدول التي تشهد حروبًا أم لا، وفكروا بعناية”، نصح.
هذا التأكيد على أهمية تقييم المخاطر قبل اتخاذ قرار العمل في الخارج يمثل صدى لمخاوف العديد من العائلات التايلاندية التي ترسل أبنائها وبناتها للعمل في دول أخرى.
الخلاصة: أكثر من مجرد إحصائية
قصة سودتيساك رينثالاك هي قصة مأساوية تذكرنا بالتكلفة الإنسانية للصراع. إنها تسلط الضوء على المخاطر التي يواجهها العمال التايلانديين في إسرائيل والعديد من العمال المهاجرين الآخرين حول العالم. من الضروري أن يتم التركيز على حماية حقوق العمال المهاجرين، وأن يتم توفير بيئة عمل آمنة لهم.
نتمنى أن تجد عائلة سودتيساك السلام والراحة في إقامة مراسم الدفن، وأن تساهم هذه القصة في تعزيز الجهود المبذولة لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة. شارك هذه القصة لزيادة الوعي حول هذه القضية الهامة، وادعم المنظمات التي تعمل على حماية حقوق العمال المهاجرين.
