في غضون الشهرين الماضيين، بعد أن تلقت إيران أول رحلة ترحيل من الولايات المتحدة في عهد إدارة ترامب، أكدت طهران وصول رحلة ترحيل ثانية. وتثير هذه التطورات مخاوف متزايدة بشأن مصير الإيرانيين المقيمين في الولايات المتحدة، خاصةً في ظل اتهامات بالافتقار إلى الشفافية وتصعيد الإجراءات القمعية.

رحلة ترحيل ثانية: تصعيد الضغوط على الإيرانيين في الولايات المتحدة

أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، في مؤتمر صحفي يوم الأحد، أن “حوالي 50 إلى 55 مواطنًا إيرانيًا سيعودون إلى إيران في الأيام القادمة”. وأضاف أن ترحيل الإيرانيين يعود “ظاهريًا لأسباب قانونية وانتهاكات لقوانين الهجرة، وهو ما تدعيه السلطات الأمريكية”. هذه التصريحات تأتي في وقت يزداد فيه القلق بشأن سلامة وأمن الإيرانيين المقيمين في الولايات المتحدة، خاصةً مع تزايد التقارير عن الاعتقالات والترحيلات التعسفية.

مخاوف من سوء المعاملة والاعتقالات التعسفية

أعرب المجلس الوطني الإيراني الأمريكي (NIAC) عن قلقه العميق إزاء هذه الرحلة، ودعا الحكومة الأمريكية إلى إيقافها، مشيرًا إلى وجود “أفراد لديهم خوف مبرر من الانتقام والانتهاكات من قبل السلطات الإيرانية” على متن الطائرة. وذكر المجلس في بيان له أن أحد المعتقلين تعرض للاعتداء الجسدي من قبل الحراس أثناء الاحتجاز، وأن المواطنين الإيرانيين في حجز إدارة الهجرة والجمود (ICE) قد تم إخبارهم بأنهم “سوف يُجبرون على هذه الرحلة إلى إيران ضد إرادتهم – مع إخبار أحد المعتقلين بأنه سيتم تخديره إذا لزم الأمر”. هذه الاتهامات تثير تساؤلات جدية حول احترام حقوق الإنسان والعمليات القانونية الواجبة.

غموض إجراءات ICE ونقص الشفافية

عند التواصل مع إدارة الهجرة والجمود (ICE) للحصول على تعليق، اكتفت بالقول إنها “لا تؤكد ولا تنفي رحلات محددة لأسباب تتعلق بالأمن التشغيلي”، لكنها أكدت أن “رحلات الترحيل التابعة لإدارة ترامب ووزيرة الأمن الداخلي كريستي نيم تتم يوميًا”. وأعرب جمال عبدي، رئيس المجلس الوطني الإيراني الأمريكي، عن “نقص صادم في الشفافية” من جانب الوكالة. وأضاف: “لقد رأينا تقارير تشير إلى وجود ما يصل إلى 2000 إيراني في الاحتجاز، ولا نعرف حقًا وضعهم”.

ليس فقط المهاجرون غير الشرعيين: استهداف أصحاب الإقامة القانونية

الوضع لا يقتصر على المهاجرين غير الشرعيين. فقد طالب الرئيس السابق دونالد ترامب بترحيل المهاجرين القانونيين الذين قد يكون لديهم سجل جنائي بسيط، مثل كتابة شيك بدون رصيد، أو تفويت موعد محكمة بسبب تغيير العنوان، أو حيازة الماريجوانا في ولاية تسمح بذلك. على الرغم من أن القانون الفيدرالي يعتبر حيازة جميع المخدرات الترفيهية غير قانونية.

هل هي صفقة تبادل سجناء؟

أعرب بقائي عن قلقه من “تصاعد الإجراءات العنصرية ضد الأجانب – وخاصة من دول في منطقتنا، وإيران على وجه الخصوص – في الولايات المتحدة”. وأضاف أن الإيرانيين “واجهوا مضايقات بذريعة مختلفة”. هذا التصريح يثير تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الترحيلات جزءًا من صفقة تبادل سجناء محتملة مع إيران.

تصعيد استهداف الإيرانيين بعد الحرب مع إسرائيل

في وقت سابق من هذا العام، اقترحت تود ليونز، مديرة إدارة الهجرة والجمود (ICE)، في مقابلة مع قناة NewsNation أن وكالتها قد كثفت بالفعل من استهداف الإيرانيين، بعد الحرب التي استمرت 12 يومًا بين إسرائيل وإيران في يونيو، والتي بلغت ذروتها بهجوم أمريكي غير مسبوق على المواقع النووية الرئيسية الثلاثة لإيران. وبعد ذلك الهجوم مباشرة، أعلنت إدارة الهجرة والجمود (ICE) أنها اعتقلت 130 مواطنًا إيرانيًا.

حالة البروفيسور أبيديني: مثال على الاعتقالات التعسفية

في الشهر الماضي، تم اعتقال البروفيسور في جامعة أوكلاهوما والمواطن الإيراني وحيد أبيديني من قبل مسؤولي الهجرة أثناء استعداده للصعود على متن رحلة طيران في مطار أوكلاهوما سيتي. على الرغم من أن أبيديني يحمل تأشيرة عمل صالحة في الولايات المتحدة، إلا أنه كان قيد الاحتجاز لمدة ثلاثة أيام قبل إطلاق سراحه. ووفقًا لعبدي، “لقد أطلقوا سراحه ببساطة وقالوا: ‘أوه، لقد اعتقله فقط للتحقيق'”.

دعوى قضائية ضد ICE للمطالبة بالشفافية

يقوم المجلس الوطني الإيراني الأمريكي (NIAC) برفع دعوى قضائية ضد إدارة الهجرة والجمود (ICE) بعد فشل الوكالة في تلبية طلب قانون حرية المعلومات المتعلق باعتقالاتها وترحيلاتها للمواطنين الإيرانيين. وتطالب الدعوى بالكشف عن الوثائق المتعلقة بالعدد الدقيق للإيرانيين في حجز إدارة الهجرة والجمود (ICE)، ومدة احتجازهم، وأماكن اعتقالهم الأولي، وعدد عمليات الترحيل، والاتصالات الداخلية حول رحلات الترحيل إلى إيران ودول أخرى، والرسائل بين قيادة إدارة الهجرة والجمود (ICE) والجهات السياسية المشاركة في قرارات الترحيل.

هذه التطورات تثير قلقًا بالغًا بشأن مستقبل الإيرانيين في الولايات المتحدة، وتدعو إلى مزيد من الشفافية والمساءلة من جانب إدارة الهجرة والجمود (ICE) والحكومة الأمريكية بشكل عام. ترحيل الإيرانيين يمثل تحديًا كبيرًا لحقوق الإنسان والعلاقات الدولية، ويتطلب حلولًا عادلة ومنصفة تحترم كرامة الأفراد وتضمن سلامة مجتمعاتهم. يجب على المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية مواصلة الضغط من أجل حماية حقوق الإيرانيين المقيمين في الولايات المتحدة، وضمان عدم تعرضهم للاعتقالات والترحيلات التعسفية. قانون الهجرة الأمريكي يجب أن يراعي الظروف الخاصة للمهاجرين، ويضمن لهم الحق في محاكمة عادلة وحماية قانونية. حقوق الإنسان هي أساس العدالة والإنصاف، ويجب احترامها في جميع الظروف.

شاركها.