كما تعمل الولايات المتحدة، التي تقول إنها تعمل بلا كلل من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار، على تزويد إسرائيل بالمعدات العسكرية والأسلحة بلا كلل. ففي الأمس، هبطت في إسرائيل الطائرة الأمريكية رقم 500 التي تحمل معدات عسكرية. ومنذ أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، نقلت 500 طائرة نقل و107 سفن أكثر من 50 ألف طن من الأسلحة والمعدات العسكرية من الولايات المتحدة إلى إسرائيل. ووصفت وزارة الدفاع الإسرائيلية هذه الإمدادات بأنها “حاسمة لدعم القدرات العملياتية لجيش الدفاع الإسرائيلي خلال الحرب الجارية”.
ولن تتراجع المرشحة الديمقراطية للرئاسة ونائبة الرئيس الحالية، كامالا هاريس، عن اتجاه إدارة بايدن المتمثل في التواطؤ والدعم للإبادة الجماعية. وقالت هاريس: “دعوني أكون واضحة، سأدافع دائمًا عن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وسأضمن دائمًا أن تتمتع إسرائيل بالقدرة على الدفاع عن نفسها”. وأضافت أن الفلسطينيين “يمكنهم تحقيق حقهم في الكرامة والأمن والحرية وتقرير المصير” عندما يتم إطلاق سراح الرهائن والتوصل إلى وقف إطلاق النار وينتهي “القتال في غزة”. وحتى قبل الإبادة الجماعية، لم يتمتع الفلسطينيون بأي من هذه التخمينات التي طرحتها الأمم المتحدة. فهل تعني هاريس أن الفلسطينيين سيتمتعون بهذه الظروف بعد قتلهم؟ من المؤكد أن الولايات المتحدة تتفوق في الأخير.
رأي: حرب أردان على الأمم المتحدة: الرغبة الوحشية لدبلوماسي إسرائيلي فاشل
في حين كان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يستعرض بشكل رائع محادثات وقف إطلاق النار الأخيرة، ظل التزام واشنطن بالإبادة الجماعية ثابتاً كما كان دائماً. فمصير الفلسطينيين يكمن في أيدي قوة إمبريالية تساعد المستعمر على إبادة السكان الأصليين. وبهذه الطريقة فقط يمكن لحكومة متواطئة في الإبادة الجماعية أن تتحول إلى رمز لمفاوضات وقف إطلاق النار. وبدلاً من إلقاء اللوم على حماس لعدم موافقتها على وقف إطلاق النار لصالح إسرائيل، على سبيل المثال، لماذا لا يصدر بلينكن بياناً بسيطاً يقول فيه إن وراء مسرحية وقف إطلاق النار شحنة جديدة من الأسلحة لإسرائيل؟ وأن الغرض من محادثات وقف إطلاق النار ليس سوى وسيلة ليس فقط لمواصلة الإبادة الجماعية، بل وأيضاً لتقليص مثل هذه الجريمة البشعة إلى ما هو أقل من انتهاك طبيعي لحقوق الإنسان.
ولكن هل اعتادت الأمم المتحدة على التهجير القسري وتوسيع المستوطنات؟ ولماذا لا تعتاد الأمم المتحدة على تحول شواطئ غزة إلى مدينة خيام كاملة؟ ولماذا لا يتم تطبيع الإبادة الجماعية خارج حدود التطبيع؟ ليس الأمر بالأمر الكبير بالنسبة للأمم المتحدة، التي تركز على الدبلوماسية أكثر من العمل السياسي لوقف انتهاكات حقوق الإنسان. فمع كل جريمة حرب ترتكبها إسرائيل، تتحصن الأمم المتحدة أكثر في دور المتفرج، وتظل بياناتها منفصلة كما كانت دائما، بينما يُغتسل الفلسطينيون بالقوة في دمائهم. فعن أي كرامة يتحدث هاريس، وعن أي إلحاح لوقف إطلاق النار يشير بلينكن؟ إن وضع كل هذه الأسلحة جانبا لن يفيد إسرائيل، ليس عندما أصبحت غزة بأكملها هدفا مشروعا في الرواية الإسرائيلية.
وفي حديثه عن مفاوضات وقف إطلاق النار في القاهرة، صرح المتحدث باسم الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي بأن التوصل إلى اتفاق “يعتمد في واقع الأمر على الحاضرين في الغرفة”. فالناس ليسوا أغبياء. ولا ينبغي أن تكون هناك حاجة حتى إلى مناقشة حماية الأرواح البشرية، ناهيك عن الطريقة التي ينبغي بها القيام بذلك. فالإنسان إما أن يحمي أو يقتل. وبما أن إسرائيل والولايات المتحدة اختارتا الإبادة الجماعية، فمن الواضح أن من المربح للجميع أن يستمروا في دعمها.
رأي: هل الولايات المتحدة طرف مناسب للقيام بدور الوساطة في غزة؟
الآراء الواردة في هذه المقالة تعود للمؤلف ولا تعكس بالضرورة السياسة التحريرية لموقع ميدل إيست مونيتور.
