إن العالم يشعر بالفزع من استمرار الحرب على غزة والجرائم التي يرتكبها الاحتلال رغم كل المناشدات الدولية، الأمر الذي دفع الولايات المتحدة إلى تأخير إرسال شحنة أسلحة لإسرائيل، مما تسبب في توتر العلاقة بين الطرفين، حيث يؤثر التأخير على مئات الشحنات من المدفعية والذخائر، وليس فقط 3500 قنبلة ثقيلة لسلاح الجو الإسرائيلي.
وتتفاقم مخاوف إسرائيل بسبب الربط الأميركي والدولي بين تأخير توريد الأسلحة والتقارير العديدة عن سقوط ضحايا أبرياء في غزة. وعلى سبيل المقارنة، بذل الأميركيون خلال الأسابيع الأولى من حرب غزة كل جهودهم لتزويد الاحتلال بالأسلحة في أسرع وقت ممكن، وعمل البنتاجون على مدار الساعة لتسريع نقلها، حتى في عطلات نهاية الأسبوع. وكانت هناك أسلحة في طريقها إلى أوكرانيا ولكنها أعيدت إلى إسرائيل لاستخدامها في حرب غزة.
إن تأخير شحنة الأسلحة الأميركية إلى إسرائيل يعني أن أجندة واشنطن سوف تؤثر على الحرب في غزة. ولم يعد سراً أن استمرار الحرب أصبح مصدر إزعاج كبير للولايات المتحدة، وأن خطاب رئيس الوزراء نتنياهو المقرر أمام الكونجرس سوف يبدو منفصلاً عن الواقع. ولكن يبدو أن الأولويات الأميركية تتركز على جبهتين: الأولى هي ممارسة الضغوط على الوسطاء لإبرام صفقة تبادل أسرى مع حماس ووقف إطلاق النار. والثانية هي ممارسة الضغوط على إسرائيل لعدم الانخراط في حرب شاملة في لبنان. وكلا القضيتين مرتبطتان بتزويد الاحتلال بالذخيرة.
رأي: عندما يصبح دعم إسرائيل عبئا: هل تغير غزة الغرب؟
ولا يقتصر تجميد صفقات الأسلحة مع إسرائيل على الولايات المتحدة. ففي حين تحاول إسرائيل إصلاح الوضع وتخفيف التوتر بعد تجميد توريد الأسلحة إلى الولايات المتحدة، تحذو دول أخرى حذوها. وتتسبب هذه التطورات في قلق أجهزة الأمن الإسرائيلية بشأن نقص الذخيرة.
إن الخلافات المتزايدة بين تل أبيب وواشنطن بسبب تأخير شحنات الأسلحة تشكل مصدر قلق لجيش الاحتلال هذه الأيام، حيث تخشى إسرائيل من تشكل واقع آخر، وهو احتمال نقص الذخيرة، حيث أوقفت عدد من الدول التعامل مع إسرائيل بشكل غير رسمي، وتوقف موردو الأسلحة في العديد من الدول الأوروبية عن الاستجابة لنظرائهم الإسرائيليين، كما أن قوة أجنبية معينة كانت تتاجر مع الاحتلال في السابق رفضت منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول تزويده بالمواد الخام التي يحتاجها لاستخدامها في الحرب على غزة.
كما طردت فرنسا وفداً عسكرياً إسرائيلياً من معرض مهم للأسلحة، وقطعت كندا فعلياً علاقاتها الأمنية مع الاحتلال، وهي تمنع حالياً إيصال معدات الحماية التي تستخدمها وحدات حرس الحدود الخاصة التي تقاتل يومياً في قطاع غزة والضفة الغربية. كما أعلنت بلجيكا وقف الصادرات العسكرية إلى الاحتلال، ومنعت إسبانيا سفينة تحمل 27 طناً من المتفجرات من الهند إلى إسرائيل من الرسو على شواطئها عبر ميناء قرطاجنة.
وتسعى إسرائيل دائماً إلى تنويع مصادر أسلحتها. فالهند، على سبيل المثال، هي المستورد الأول للأسلحة الإسرائيلية، في حين تأتي المواد الخام التي تستخدمها صناعة الأسلحة الإسرائيلية من بلد آخر. وفي الوقت نفسه، زودت صربيا الاحتلال بأسلحة بملايين الدولارات منذ اندلاع حرب غزة.
وهذا يدل على أن العدوان الإسرائيلي على غزة، والعزلة الدولية التي أحدثها للاحتلال، أدت إلى نقص غير عادي في كافة أنواع الذخيرة للجيش، وهناك عوامل دولية أخرى، مثل حرب أوكرانيا، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار والتنافس بين مختلف الدول على الذخيرة والمواد الخام، ما دفع جيش الاحتلال إلى التحكم في وتيرة القصف بسبب النقص العالمي في الذخيرة والاستخدام المكثف لها في بداية الحرب.
وبحسب تقديرات إسرائيلية غير رسمية، فإن الاحتلال قد يواجه نقصاً في قذائف الدبابات، لدرجة أن بعض الدبابات المتمركزة في غزة أصبحت الآن في حالة تأهب جزئي، وتحمل عدداً أقل من القذائف، من أجل توفيرها في حال اندلاع حرب على الجبهة الشمالية. وهذا دفع كبار جنرالات الجيش إلى الزعم بأن هناك بالفعل تقليصاً في الأسلحة بسبب النقص في قطع الغيار للدبابات والجرافات من طراز دي 9 والمركبات المدرعة وغيرها من الذخائر الأرضية الخفيفة.
رأي: الكيان الصهيوني في مأزق استراتيجي بسبب فشله في تحقيق أهدافه المعلنة
الآراء الواردة في هذه المقالة تعود للمؤلف ولا تعكس بالضرورة السياسة التحريرية لموقع ميدل إيست مونيتور.