في تطور لافت للأحداث المتعلقة بالوضع في سوريا، كشفت تقارير إعلامية عن خلاف بين مستشاري رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والإدارة الأمريكية السابقة برئاسة دونالد ترامب حول رفع العقوبات عن البلاد. وتأتي هذه المستجدات بعد مرور سنوات على تطبيق هذه العقوبات، وتحديداً مع إقرار الكونجرس الأمريكي رفعها بشكل نهائي. هذا التطور له تبعات محتملة على المشهد السياسي والاقتصادي في سوريا والمنطقة، حيث يعتبر موضوع العقوبات على سوريا من القضايا الشائكة والمعقدة.
خلاف إسرائيلي – أمريكي حول رفع العقوبات
وفقاً لتقرير نشرته صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية واستندت فيه إلى إعلام “كان” العام، فقد حث مستشارو نتنياهو الرئيس ترامب على الإبقاء على بعض العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا كورقة ضغط في أي مفاوضات مستقبلية. ورأى هؤلاء المستشارون أن الحفاظ على بعض هذه الأدوات قد يساعد في تحقيق مكاسب إسرائيلية في الملفات الأمنية والسياسية ذات الصلة.
ولكن، يبدو أن ترامب لم يقتنع بهذا الطرح، واختار المضي قدماً في اتجاه رفع العقوبات، وهو ما تم فعلياً بإقرار الكونجرس لهذا الإجراء مؤخراً. ويعكس هذا التباين في وجهات النظر اختلاف الأولويات والمصالح بين الطرفين فيما يتعلق بالملف السوري.
دوافع الجانب الإسرائيلي
تكمن دوافع الجانب الإسرائيلي في القلق من التمدد الإيراني في سوريا، واعتبارها ساحة خلفية لتهديد أمنها القومي. يسعى نتنياهو وحكومته إلى الحد من النفوذ الإيراني المتزايد في المنطقة، ويرون أن العقوبات يمكن أن تلعب دوراً في تحقيق هذا الهدف. كما أن هناك مخاوف إسرائيلية من استغلال النظام السوري لأي موارد اقتصادية يتم توفيرها له لتعزيز قدراته العسكرية.
رفع الكونجرس الأمريكي لعقوبات “قيصر”
شهد يوم الأربعاء إقرار الكونجرس الأمريكي النهائي لرفع العقوبات عن سوريا، بما في ذلك إلغاء قانون “قيصر” الذي تم تبنيه في عام 2019. ويهدف هذا القانون، الذي يحمل اسم الضابط المنشق في الجيش السوري قيصر العبيد، إلى ممارسة ضغوط اقتصادية على النظام السوري رداً على انتهاكات حقوق الإنسان والجرائم المرتكبة خلال الحرب الأهلية. وكان القانون قد أثر بشكل كبير على الاقتصاد السوري، حيث فاقم من معاناته وتسبب في تدهور الأوضاع المعيشية للمواطنين.
العقوبات المفروضة على سوريا، والتي شملت قطاعات النفط والغاز والتجارة، كانت تهدف إلى عزل النظام ودفع الحلفاء الرئيسيين له – روسيا وإيران – إلى خفض مستوى دعمهم. وبالإضافة إلى ذلك، كانت تهدف إلى إجبار النظام السوري على الدخول في مفاوضات جادة بهدف التوصل إلى حل سياسي للصراع. لا شك أن هذه الخطوة ستؤثر بشكل كبير على الاستقرار في سوريا والمنطقة المحيطة.
خلفية قانون “قيصر”
تم إقرار قانون “قيصر” في عام 2019، وتوسع نطاقه ليشمل أي شخص أو كيان يتعامل مع الحكومة السورية أو يدعمها. وقد أثار القانون انتقادات واسعة من قبل النظام السوري وحلفائه، الذين اعتبروه تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية للبلاد وتسييساً لمعاناة الشعب السوري.
بينما يرى مؤيدو القانون أنه أداة ضرورية لمحاسبة النظام على جرائمه ودعم حقوق الإنسان، يرى منتقدوه أنه يزيد من تدهور الأوضاع الاقتصادية والإنسانية ويضر بالمدنيين الأبرياء. وكان هناك جدل مستمر حول فعالية العقوبات في تحقيق أهدافها المعلنة، وما إذا كانت تكلفة هذه العقوبات تفوق فوائدها.
تداعيات القرار على سوريا والمنطقة
إن قرار رفع العقوبات الاقتصادية على سوريا يحمل في طياته تداعيات محتملة على عدة مستويات. على الصعيد الاقتصادي، قد يؤدي إلى تدفق الاستثمارات وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين، ولكنه قد يسمح أيضاً للنظام السوري بتعزيز قبضته على السلطة وتوسيع نفوذه.
على الصعيد السياسي، قد يضعف الضغوط الدولية على النظام السوري ويقلل من فرص التوصل إلى حل سياسي للصراع. كما أن القرار قد يشجع النظام على مواصلة ممارساته القمعية وانتهاكاته لحقوق الإنسان. بشكل عام، من المرجح أن يؤدي هذا القرار إلى تغييرات كبيرة في المشهد السوري والمنطقة، سواء كانت إيجابية أم سلبية.
مستقبل العلاقات الأمريكية السورية
على الرغم من رفع العقوبات، لا يزال مستقبل العلاقات الأمريكية السورية غامضاً. فمن غير المرجح أن تتغير السياسة الأمريكية تجاه النظام السوري بشكل جذري، خاصة في ظل استمرار المخاوف بشأن حقوق الإنسان والتعاون مع إيران.
قد تسعى الولايات المتحدة إلى إعادة النظر في استراتيجيتها تجاه سوريا، والتركيز على دعم جهود الإغاثة الإنسانية وتعزيز الاستقرار في المناطق التي لا تخضع لسيطرة النظام. كما أن هناك احتمالاً لتبني نهج أكثر براغماتية، يتضمن التعامل مع النظام السوري في الملفات التي تهم المصالح الأمريكية، مثل مكافحة الإرهاب. ولكن، يبقى من الضروري مراقبة التطورات عن كثب لتقييم التأثير الكامل لهذا القرار على المشهد السياسي السوري والعلاقات الدولية.
ملاحظة: هذا المقال يهدف إلى تقديم معلومات حول التطورات المتعلقة بالعقوبات على سوريا. للحصول على تحليل معمق ووجهات نظر مختلفة، يرجى الرجوع إلى مصادر إعلامية موثوقة.
