يشهد قطاع غزة وضعاً اقتصادياً كارثياً نتيجة الحرب الإسرائيلية المستمرة، حيث حذّرت الأمم المتحدة، يوم الثلاثاء، من أن الوضع يهدد ببقائه على قيد الحياة. وتُقدّر تكلفة إعادة إعمار القطاع بأكثر من 70 مليار دولار، وقد تستغرق عقوداً، في ظلّ انهيار غير مسبوق للاقتصاد الفلسطيني بسبب الحرب والقيود المفروضة. هذا الوضع يتطلب تدخلاً دولياً “فوريًا وكبيرًا” لإنقاذ الوضع.

تدهور اقتصادي غير مسبوق في قطاع غزة

الحرب على غزة لم تدمر البنية التحتية فحسب، بل قضت أيضاً على كل مقومات الحياة الأساسية. تقرير صادر عن وكالة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) يوضح أن العمليات العسكرية قد “قوضت بشكل كبير كل ركيزة من ركائز البقاء”، بدءًا من الغذاء والمأوى وصولًا إلى الرعاية الصحية. الوضع الإنساني والاقتصادي في القطاع يتدهور بسرعة، مما يضع مستقبل الفلسطينيين على المحك.

أرقام دامغة للدمار الاقتصادي

التقرير يصف ما يحدث في غزة بأنه “هاوية من صنع الإنسان”، مشيراً إلى أن الاقتصاد الفلسطيني يشهد “انهيارًا غير مسبوق”. فقدت آلاف الشركات والمصالح التجارية، وارتفعت معدلات البطالة إلى مستويات قياسية. بالإضافة إلى ذلك، تعطلت سلاسل الإمداد بشكل كامل، مما أدى إلى نقص حاد في المواد الغذائية والطبية الأساسية. هذا النقص يفاقم الأزمة الإنسانية ويؤثر بشكل مباشر على صحة وسلامة السكان.

تكلفة إعادة الإعمار.. عقود من العمل والتمويل

تُقدّر تكلفة إعادة إعمار غزة بأكثر من 70 مليار دولار أمريكي، وهو رقم هائل يعكس حجم الدمار الشامل الذي لحق بالقطاع. هذا المبلغ لا يشمل فقط إعادة بناء المنازل والمباني المدمرة، بل يشمل أيضاً إعادة تأهيل البنية التحتية المتضررة، مثل شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي، بالإضافة إلى ترميم المرافق الصحية والتعليمية.

سيناريوهات التعافي.. نظرة متشائمة

حتى في السيناريو الأكثر تفاؤلاً، والذي يتضمن معدلات نمو مضاعفة مدعومة بمستوى كبير من المساعدات الخارجية، سيستغرق الأمر “عدة عقود” لكي يعود قطاع غزة إلى مستويات الرفاهية التي كانت عليها قبل السابع من أكتوبر 2023. هذا يعني أن الأجيال القادمة ستعاني من آثار هذه الحرب المدمرة، وأن عملية التعافي ستكون طويلة وشاقة. الوضع يتطلب ليس فقط التمويل، بل أيضاً إرادة سياسية قوية لإزالة القيود المفروضة على القطاع والسماح بإعادة بنائه بشكل مستدام.

تأثير الحرب على الاقتصاد الفلسطيني بشكل عام

لم يقتصر تأثير الحرب على غزة على القطاع نفسه، بل امتد ليشمل الاقتصاد الفلسطيني بأكمله. فقد أدى انخفاض النشاط الاقتصادي في غزة إلى تقليل الطلب على المنتجات والخدمات الفلسطينية الأخرى، مما أثر سلبًا على الشركات والمصالح التجارية في الضفة الغربية والقدس الشرقية. بالإضافة إلى ذلك، أدت القيود الإسرائيلية المتزايدة على حركة الأشخاص والبضائع إلى تفاقم الوضع الاقتصادي في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية.

تداعيات على الأمن الغذائي

تفاقمت أزمة الأمن الغذائي في الأراضي الفلسطينية بشكل كبير نتيجة للحرب. فقد أدى تدمير الأراضي الزراعية وتعطيل سلاسل الإمداد إلى نقص حاد في المواد الغذائية، وارتفاع أسعارها بشكل كبير. هذا الوضع يهدد بحدوث مجاعة واسعة النطاق، خاصة في قطاع غزة الذي يعتمد بشكل كبير على المساعدات الإنسانية. الاستثمار في الزراعة المستدامة وتعزيز الأمن الغذائي يجب أن يكونا جزءًا أساسيًا من أي خطة لإعادة إعمار الأراضي الفلسطينية.

الحاجة الماسة للتدخل الدولي

تؤكد الأمم المتحدة على الحاجة الماسة إلى تدخل دولي “فوري وكبير” لإنقاذ الوضع في غزة ومنع المزيد من التدهور الإنساني والاقتصادي. يتطلب هذا التدخل توفير المساعدات الإنسانية العاجلة، بما في ذلك الغذاء والدواء والمأوى، بالإضافة إلى تقديم الدعم المالي لإعادة إعمار القطاع.

دور المجتمع الدولي في تحقيق الاستقرار

بالإضافة إلى المساعدات الإنسانية والمالية، يجب على المجتمع الدولي أن يلعب دورًا فعالًا في تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي في الأراضي الفلسطينية. يتطلب ذلك الضغط على إسرائيل لرفع القيود المفروضة على القطاع والسماح بإعادة بنائه بشكل مستدام، بالإضافة إلى دعم الجهود المبذولة لتحقيق حل عادل ودائم للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. الاستثمار في السلام هو أفضل استثمار في مستقبل المنطقة.

في الختام، الوضع في غزة مأساوي ويتطلب تحركًا عاجلاً من قبل المجتمع الدولي. إن إعادة إعمار القطاع لن تكون مهمة سهلة، وستستغرق وقتًا طويلاً وجهدًا كبيرًا. ولكن، مع الإرادة السياسية الكافية والدعم المالي والإنساني، يمكننا أن نساعد الفلسطينيين على إعادة بناء حياتهم ومستقبلهم. ندعو الجميع إلى التفاعل مع هذه القضية الإنسانية وتقديم الدعم اللازم للشعب الفلسطيني. شارك هذا المقال لزيادة الوعي حول الوضع في غزة، وادعم المنظمات التي تعمل على تقديم المساعدة الإنسانية.

شاركها.