استضاف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في مدينة العلمين الشمالية لبحث مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة والجهود المبذولة لاستعادة الأمن والاستقرار في المنطقة.
واتفق المسؤولان خلال لقائهما على ضرورة التوصل إلى اتفاق بين حماس وإسرائيل لإنهاء الأعمال العدائية في قطاع غزة وإطلاق سراح بقية الأسرى المحتجزين لدى الحركة داخل القطاع، بحسب بيان للرئاسة المصرية.
وقال السيسي لبلينكن خلال اللقاء: “وقف إطلاق النار في غزة يجب أن يكون بداية لاعتراف دولي أوسع بالدولة الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين، فهو الضامن الأساسي للاستقرار في المنطقة”.
وأضاف الزعيم المصري أن “الوقت قد حان لإنهاء الحرب” المستمرة منذ أكثر من عشرة أشهر في قطاع غزة، محذرا من خطر توسعها في المنطقة على نحو “يصعب تصور عواقبه”.
وأطلع بلينكن السيسي على نتائج زيارته لإسرائيل في اليوم السابق، مؤكدا التزام الولايات المتحدة بالتوصل إلى وقف إطلاق النار. وأضاف بيان الرئاسة أن بلينكن أشاد بدور مصر في هذا الصدد.
وحضر اللقاء وزير الخارجية بدر عبد العاطي ورئيس المخابرات عباس كامل.
وفي وقت لاحق، أجرى بلينكن محادثات منفصلة مع عبد العاطي. وبحسب بيان لوزارة الخارجية المصرية، ناقش الرجلان العلاقات الثنائية بين بلديهما والجهود المشتركة لإنهاء الحرب في غزة، فضلاً عن القضايا الإقليمية، بما في ذلك الحرب في السودان.
وأعرب عبد العاطي عن أمله في أن تشهد الجولة الحالية من المفاوضات “رغبة سياسية إسرائيلية صادقة في وقف الحرب في غزة”، وهو ما قال إنه “السبيل الوحيد ليس فقط لإنهاء المعاناة الإنسانية في قطاع غزة، بل أيضا لمنع تدهور الوضع الإقليمي بشكل يهدد الاستقرار” في الشرق الأوسط بأكمله.
وأشار إلى وجهة نظر بلاده بأن السلام والاستقرار في المنطقة لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال الحل الدائم والعادل للقضية الفلسطينية، القائم على إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وصل بلينكن إلى مصر في وقت سابق اليوم الثلاثاء في المحطة الثانية من جولته الإقليمية، ومن المقرر أن يتوجه إلى الدوحة في وقت لاحق اليوم لإجراء محادثات مماثلة مع المسؤولين القطريين.
استمرار المحادثات بشأن ممر فيلادلفيا
استأنفت الولايات المتحدة ومصر وقطر محادثات وقف إطلاق النار في قطاع غزة الأسبوع الماضي. واستضافت الدوحة الجولة الأولى من المفاوضات، التي حضرها كامل، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وليام بيرنز، ومدير الموساد الإسرائيلي ديفيد برنياع، ورئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني. ولم تحضر حماس المحادثات.
وأصدر الوسطاء بيانا مشتركا بعد انتهاء اجتماعات الدوحة يوم الجمعة الماضي، طرحوا فيه مقترحا جديدا وصف بأنه “يعمل على سد الفجوات” بين الجانبين المتنازعين. لكن حماس رفضت المقترح لأنه يتماشى مع مطالب إسرائيل، وخاصة رفضها الانسحاب الكامل لقواتها من غزة ومن ممر فيلادلفيا على الحدود بين غزة ومصر.
ومع ذلك، وبعد أن اتهم الرئيس جو بايدن حماس يوم الاثنين بـ “التراجع” عن عملية وقف إطلاق النار، أصدرت حماس بيانًا قالت فيه إن “الادعاءات المضللة … لا تعكس الموقف الحقيقي للحركة، التي تسعى جاهدة إلى التوصل إلى وقف إطلاق النار”.
كان ممر فيلادلفيا، وهو منطقة عازلة منزوعة السلاح بطول 14 كيلومترًا (8.7 ميلًا) على طول الحدود بين قطاع غزة ومصر، أحد نقاط الخلاف الرئيسية في مفاوضات وقف إطلاق النار.
وبعد انسحاب إسرائيل من غزة في عام 2005، وقعت اتفاق فيلادلفيا مع مصر، الذي منح القاهرة الحق في نشر نحو 750 من حرس الحدود على طول المنطقة العازلة على طول الجانب المصري من الحدود.
وتقول إسرائيل، التي تولت السيطرة الكاملة على المنطقة العازلة في مايو/أيار الماضي، إن قواتها منتشرة هناك لمنع تهريب الأسلحة والذخائر من مصر إلى غزة. وقال مسؤول إسرائيلي لصحيفة تايمز أوف إسرائيل إن الولايات المتحدة “لم ترفض المنطق الاستراتيجي الإسرائيلي” فيما يتصل بالممر.
وقال المصدر المطلع على المحادثات التي جرت بين بلينكن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الاثنين إن الجهود ستستمر هذا الأسبوع للتوصل إلى حل يحمي المصالح الأمنية لإسرائيل. في الوقت نفسه، تريد حماس خروج كل القوات الإسرائيلية من المنطقة العازلة.
وتعارض مصر أيضًا الوجود العسكري الإسرائيلي في محور فيلادلفيا. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن مصر وافقت على ألا تضطر إسرائيل إلى تحديد موعد نهائي لانسحابها من الممر خلال المناقشات في القاهرة. لكن مصدرًا مصريًا رفيع المستوى نفى هذه الأنباء. وأكد المصدر في حديثه لقناة القاهرة الإخبارية التابعة للدولة المصرية يوم الاثنين التزام مصر بالانسحاب الإسرائيلي الكامل من محور فيلادلفيا.
ومن المتوقع أن يستأنف الوسطاء وإسرائيل المناقشات بشأن وقف إطلاق النار في غزة في القاهرة هذا الأسبوع.
وقال بلينكن في حديثه للصحافيين في تل أبيب الاثنين إن زيارته الحالية للمنطقة تهدف إلى “التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن عبر خط النهاية”.
وتمثل جولة المسؤول الأميركي الحالية زيارته التاسعة للمنطقة منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.