في القدس، يوم الأحد الموافق 14 ديسمبر، قضت المحكمة العليا الإسرائيلية برفض محاولة الحكومة عزل المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهاراف ميارا، والتي تصارعت مع الائتلاف القومي الديني لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حول قانونية سياساته، وفقًا لوثائق المحكمة.
هذا الحكم يمثل تطوراً هاماً في الصراع المستمر حول سلطة القضاء في إسرائيل، ويؤكد على أهمية استقلالية المؤسسات القانونية. المستشارة القانونية للحكومة كانت محوراً للجدل منذ توليها المنصب، خاصةً مع الخلافات المتزايدة حول التشريعات المقترحة.
قرار المحكمة العليا برفض عزل المستشارة القانونية
في مارس الماضي، عقد مجلس الوزراء الإسرائيلي تصويتاً على عدم الثقة في بهاراف ميارا، مستنداً إلى “اختلافات جوهرية” بين الحكومة والمستشارة القانونية، التي عينتها الحكومة السابقة. لكن هيئة قضائية مكونة من سبعة قضاة في المحكمة العليا رأت يوم الأحد أن الآلية القائمة لإنهاء ولاية المستشار القانوني لا يمكن تغييرها، وبالتالي فإن تصويت مجلس الوزراء على عدم الثقة باطل ولاغٍ.
الآلية القانونية لإقالة المستشار القانوني
أوضحت الوثائق أن الحكومة، بموجب الآلية القائمة، يجب أن تستشير أولاً لجنة مهنية عامة قبل اتخاذ أي قرار بشأن إقالة المستشار القانوني. هذا الإجراء لم يتم اتباعه في حالة بهاراف ميارا، مما أدى إلى اعتبار الإقالة غير قانونية. كما أشارت المحكمة إلى وجود “عيوب إجرائية” عديدة في عملية إقالة بهاراف ميارا، مما زاد من بطلانها.
وبناءً على ذلك، أكدت المحكمة أن بهاراف ميارا لا تزال تشغل منصبها بشكل قانوني. لم يصدر رد فوري على الحكم من الحكومة أو مكتب المستشارة القانونية.
خلفية الصراع وتداعياته على النظام القضائي الإسرائيلي
قبل اندلاع الحرب في غزة، أطلقت حكومة نتنياهو عملية إصلاح شاملة للنظام القضائي الإسرائيلي. دافع نتنياهو عن هذه الإصلاحات، مدعياً أنها ضرورية للحد من “تجاوز سلطة القضاء” الذي يتدخل في اختصاصات البرلمان. بالمقابل، رأى المتظاهرون أن هذه الإصلاحات تمثل محاولة لتقويض أحد أركان الديمقراطية الإسرائيلية.
توقفت خطة الإصلاح إلى حد كبير بعد هجوم حركة حماس في 7 أكتوبر 2023، الذي أشعل فتيل الحرب. إصلاح النظام القضائي كان يهدف إلى منح السياسيين المنتخبين سلطة أكبر على المحكمة العليا، وهو ما أثار مخاوف واسعة النطاق بشأن استقلال القضاء.
ومع ذلك، أعاد مجلس الوزراء إحياء بعض جوانب خطته لتغيير النظام القضائي بعد فترة وجيزة. تعتبر بهاراف ميارا، من قبل المعارضة، بمثابة “حارسة للديمقراطية” بسبب موقفها الرافض لهذه الإصلاحات.
قضايا خلافية أثرت على استقرار الائتلاف الحكومي
تسببت الخلافات مع بهاراف ميارا في مشاكل حقيقية للاستقرار السياسي للائتلاف الحكومي. من بين القضايا الأكثر إثارة للجدل، مسألة الإعفاءات الممنوحة لطلاب المدارس الدينية اليهودية المتشددين (الحريديم) من الخدمة العسكرية الإلزامية. الخدمة العسكرية الإلزامية هي قضية حساسة في إسرائيل، حيث يرى الكثيرون أن الإعفاءات الممنوحة للحريديم غير عادلة.
بالإضافة إلى ذلك، تدخلت بهاراف ميارا في العديد من القرارات الحكومية الأخرى، معتبرة أنها غير قانونية أو تتعارض مع مبادئ الديمقراطية. هذه التدخلات أثارت غضب أعضاء الائتلاف، الذين اتهموها بالتحيز السياسي.
الوضع الحالي يعكس استمرار التوتر بين السلطات التنفيذية والقضائية في إسرائيل. من المرجح أن يستمر هذا التوتر في التأثير على السياسة الإسرائيلية في المستقبل المنظور، خاصةً في ظل استمرار الحرب في غزة والضغوط الداخلية والخارجية المتزايدة. هذا الحكم قد يعيد النقاش حول حدود سلطة الحكومة في التعامل مع المؤسسات القضائية المستقلة.
في الختام، يمثل قرار المحكمة العليا الإسرائيلية بشأن المستشارة القانونية للحكومة انتصاراً لاستقلالية القضاء، ولكنه في الوقت نفسه يسلط الضوء على عمق الانقسامات السياسية والقانونية في إسرائيل. من الضروري متابعة التطورات القادمة لمعرفة كيف ستتعامل الحكومة مع هذا الحكم وما إذا كانت ستستأنف ضده. نأمل أن يؤدي هذا إلى حوار بناء حول مستقبل الديمقراطية في إسرائيل.
