في ظل تصاعد التوترات في الضفة الغربية، تواجه ساحة كرة القدم الشهيرة في مخيم عايدة، والتي تعتبر متنفساً حيوياً للشباب، تهديداً بالإزالة من قبل السلطات الإسرائيلية. هذه الساحة، التي بُنيت على أرض مملوكة للكنيسة الأرمنية، أصبحت رمزاً للأمل والمقاومة للاحتلال، وتهديدها يثير مخاوف واسعة النطاق. تعتبر ساحة مخيم عايدة لكرة القدم أكثر من مجرد مكان لممارسة الرياضة، فهي ملتقى اجتماعي ورياضي هام لسكان المخيم، وخاصة الأطفال والشباب.
تهديد إسرائيلي بإزالة ساحة كرة القدم في مخيم عايدة
أثارت إخطارات الهدم التي وزعتها القوات الإسرائيلية قبل أسبوعين حالة من الذعر والقلق في مخيم عايدة للاجئين، الواقع بالقرب من مدينة بيت لحم. هذه الإخطارات لم تقتصر على ساحة كرة القدم التي افتُتحت عام 2021، بل امتدت لتشمل مسرحاً قريباً و حديقة أخرى في المنطقة، مما يشير إلى حملة أوسع نطاقاً.
تعتبر ساحة كرة القدم، التي تم تجهيزها بالعشب الاصطناعي، بمثابة نقطة جذب للشباب من جميع الأعمار. تلعب فيها فرق الشباب، بما في ذلك الفتيات اللاتي يمثلن منتخب فلسطين للناشئات والسيدات في المحافل الدولية. الإخطار يزعم أن البناء تم دون الحصول على التصاريح اللازمة، وهو ادعاء يثير تساؤلات حول صعوبة الحصول على هذه التصاريح في ظل الاحتلال.
أهمية الساحة للشباب و المجتمع المحلي
تأسست ساحة كرة القدم بمبادرة من مركز عايدة للشباب، وسرعان ما أصبحت معلماً بارزاً في المخيم. لا توفر الساحة مكاناً آمناً للشباب لممارسة الرياضة فحسب، بل تساعد أيضاً في تعزيز الصحة البدنية والعقلية لديهم، وتقوية الروابط الاجتماعية.
تحدثت العديد من الأمهات في المخيم عن أهمية هذه الساحة لبناتهن، حيث توفر لهن فرصة للمشاركة في الرياضة وتحدي الصور النمطية. بالإضافة إلى ذلك، تعتبر الساحة بديلاً مهماً عن الأنشطة الأخرى المحدودة بسبب الظروف المعيشية الصعبة في المخيم.
التصاريح الإسرائيلية و تحديات البناء في الضفة الغربية
تكمن المشكلة الأساسية في الحصول على التصاريح الإسرائيلية للبناء في المناطق الفلسطينية، خاصة في المناطق المصنفة (ج) بموجب اتفاقيات أوسلو. هذه المناطق تخضع للسيطرة الأمنية والإدارية الكاملة لإسرائيل، مما يجعل عملية الحصول على التصاريح معقدة وطويلة الأمد، وغالباً ما تنتهي بالرفض.
يقول مراقبون إن الشروط التي تفرضها إسرائيل للحصول على التصاريح غالباً ما تكون تعجيزية، وتهدف إلى منع التوسع الفلسطيني في هذه المناطق. هذا الأمر يدفع العديد من الفلسطينيين إلى البناء دون تصاريح، مما يجعلهم عرضة لإخطارات الهدم والإخلاء.
ردود الفعل الدولية و المحلية على التهديد
أثار تهديد إزالة ساحة مخيم عايدة موجة من الإدانات والاحتجاجات على المستويات المحلية والدولية. كما دعت العديد من المنظمات الحقوقية إلى تدخل عاجل لحماية الساحة ومنع هدمها.
وشددت هذه المنظمات على أن هدم الساحة يعد انتهاكاً لحقوق الفلسطينيين في التمتع بحياة كريمة، وفي ممارسة الرياضة والأنشطة الترفيهية. ووصفت بعض المنظمات الإسرائيلية أيضاً التهديد بأنه “غير مبرر” و “يتعارض مع القيم الإنسانية”.
يضاف إلى ذلك، تسبب هذا التهديد في حالة غضب واستياء بين شباب المخيم والكثير من الفلسطينيين الذين يرون فيه محاولة لتقويض أي بصيص أمل أو نشاط إيجابي في حياتهم. وقد نظّم الأهالي فعاليات احتجاجية تعبيراً عن رفضهم لهذا الإجراء.
مستقبل الساحة و المخيم
لا يزال مصير ساحة كرة القدم في مخيم عايدة معلقاً. يعمل مركز عايدة للشباب والأهالي على جمع الأدلة والتوثيقات لإثبات ملكية الأرض للكنيسة الأرمنية، والسعي للحصول على أمر قضائي لوقف الهدم.
ومع ذلك، يظل الوضع غير مؤكد، حيث أن السلطات الإسرائيلية لديها صلاحيات واسعة في الضفة الغربية. ويرى البعض أن هدم الساحة قد يكون مجرد بداية لحملة أوسع لإزالة البنية التحتية الفلسطينية في المنطقة.
وتؤكد المجتمعات المحلية و الناشطون على أهمية الضغط الدولي المستمر على إسرائيل لوقف الهدم واحترام حقوق الفلسطينيين. كما يرون في دعم هذه المبادرات المحلية و مراكز الشباب الفلسطينية طريقاً لتعزيز صمود الفلسطينيين في وجه الاحتلال.
وفي الختام، فإن قضية ساحة كرة القدم في مخيم عايدة هي بمثابة رمز لمعاناة الفلسطينيين في الضفة الغربية. إنها قصة عن الأمل والمقاومة، وعن التحديات التي تواجه الشباب في ظل الاحتلال. ندعو المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية إلى دعم هذه القضية والمساهمة في حماية حقوق الفلسطينيين في ممارسة الرياضة والتمتع بحياة كريمة. شارك هذا المقال للمساهمة في تسليط الضوء على هذا الوضع المأساوي.
