في تطور متصاعد للأحداث في قطاع غزة، أعلنت إسرائيل عن مقتل رئيس قسم تصنيع الأسلحة في الجناح العسكري لحركة حماس، رائد سعد، في ضربة جوية نفذت يوم السبت. يأتي هذا الإجراء ردًا على حادثة إطلاق نار استهدفت قوات إسرائيلية في المنطقة المعروفة بـ “المنطقة الصفراء” داخل القطاع، مما يثير تساؤلات حول مستقبل الهدنة الهشة القائمة. هذا الخبر يمثل تصعيدًا خطيرًا في التوترات المستمرة، ويؤكد على تعقيد الوضع الأمني في غزة.
مقتل رائد سعد وتصعيد التوترات في غزة
أكدت مصادر طبية ووكالة الدفاع المدني في قطاع غزة، الذي تديره حماس، مقتل خمسة أشخاص في منطقة تل الهوى جنوب غرب مدينة غزة، نتيجة لضربة إسرائيلية. وأكد الجيش الإسرائيلي، في تصريح لـ “فرانس برس”، أنه نفذ ضربة واحدة فقط في المنطقة، وأدت إلى مقتل رائد سعد.
وفي بيان مشترك، صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت بأن عملية “تصفية الإرهابي رائد سعد” جاءت ردًا مباشرًا على انفجار عبوة ناسفة تابعة لحماس أدت إلى إصابة جنود إسرائيليين في “المنطقة الصفراء” من قطاع غزة. تعتبر هذه المنطقة بمثابة منطقة عازلة بموجب الهدنة الحالية.
تفاصيل الضربة وضحايا مدنيين
على الرغم من أن الجيش الإسرائيلي أكد استهداف رائد سعد تحديدًا، إلا أن وكالة الدفاع المدني الفلسطيني أفادت بأن الضربة استهدفت مركبة مدنية من نوع “جيب” بالقرب من دوار النبيلسي في تل الهوى. وقال محمود بسال، المتحدث باسم الدفاع المدني، إن الجثث المحروقة نُقلت إلى مستشفى الشفاء.
وأضاف بسال أن “طائرات حربية إسرائيلية استهدفت المركبة المدنية بثلاثة صواريخ، مما أدى إلى احتراقها وتدميرها”. وأكد قسم الطوارئ في مستشفى الشفاء استلام خمس جثث، بالإضافة إلى أكثر من 25 مصابًا جراء الغارة.
شهود عيان وصفوا المشهد المروع، حيث أظهرت لقطات فيديو من “فرانس برس” سيارة محطمة وأجزاء متناثرة حولها. قال أحد الشهود، رافضًا الكشف عن هويته خوفًا على سلامته: “أطلقت الطائرات عدة صواريخ على المركبة، مما أدى إلى اشتعالها”. وأضاف: “هرع السكان لإخماد الحريق، وكانت أجزاء من الجثث المحروقة متناثرة على الأرض”.
رائد سعد ودوره في هجوم 7 أكتوبر
تعتبر إسرائيل رائد سعد شخصية رئيسية في الجناح العسكري لحماس، وتصفه بأنه “أحد مهندسي” هجوم السابع من أكتوبر 2023، الذي أشعل فتيل الحرب في غزة. وأفاد الجيش الإسرائيلي أن سعد كان “رأس العمليات” في مقر تصنيع الأسلحة التابع لحماس، وأشرف على “تعزيز قوة” الحركة.
وقد أكدت مصادر عائلية مقتل سعد لـ “فرانس برس”، وأعلنت عن موعد الجنازة يوم الأحد. هذا الحادث يثير مخاوف بشأن ردود فعل محتملة من حماس، خاصة وأن سعد كان شخصية بارزة في قيادتها العسكرية.
الهدنة الهشة وانتهاكات مستمرة
على الرغم من أن الهدنة التي توسطت فيها الولايات المتحدة بين إسرائيل وحماس في غزة دخلت حيز التنفيذ في العاشر من أكتوبر، إلا أنها لا تزال هشة للغاية. وقد اتهم كل طرف الآخر بانتهاك شروط الهدنة.
في وقت سابق من يوم السبت، أعلن الجيش الإسرائيلي أن جنديين احتياطيين أصيبا بجروح طفيفة نتيجة انفجار عبوة ناسفة أثناء عملية لتطهير المنطقة من البنية التحتية الإرهابية في جنوب غزة. هذا الحادث، بالإضافة إلى مقتل رائد سعد، يلقي بظلال من الشك على استمرار الهدنة.
بالإضافة إلى ذلك، أفاد المتحدث باسم الدفاع المدني الفلسطيني، محمود بسال، بمقتل شابين، أحدهما يبلغ من العمر 17 عامًا والآخر 18 عامًا، نتيجة إطلاق نار إسرائيلي في حادثين منفصلين في غزة. هذه الحوادث المتفرقة تزيد من حدة التوتر وتؤكد على الوضع الإنساني والأمني الصعب في القطاع.
مستقبل غزة والجهود الدبلوماسية
إن مقتل رائد سعد يمثل تطورًا خطيرًا في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ويؤكد على الحاجة الملحة إلى جهود دبلوماسية مكثفة لتعزيز الهدنة الهشة ومنع المزيد من التصعيد. يجب على جميع الأطراف المعنية الالتزام بشروط الهدنة وتجنب أي إجراءات قد تؤدي إلى إشعال العنف.
الوضع في غزة لا يزال معقدًا للغاية، ويتطلب حلولًا شاملة لمعالجة الأسباب الجذرية للصراع. الهدنة الحالية هي فرصة هشة لتحقيق الاستقرار، ولكنها تتطلب التزامًا حقيقيًا من جميع الأطراف. من الضروري أيضًا التركيز على تحسين الأوضاع الإنسانية في القطاع، وتوفير المساعدات اللازمة للمدنيين المتضررين. الوضع الإنساني في غزة يتدهور باستمرار، ويحتاج إلى تدخل عاجل من المجتمع الدولي. التصعيد العسكري لا يخدم مصلحة أحد، بل يزيد من معاناة الشعب الفلسطيني.
