أعلن ميناء إيلات الإسرائيلي إفلاسه رسمياً، بعد ثمانية أشهر من الشلل التام للنشاط التجاري وتوقفه عن استقبال السفن والحاويات، خاصة القادمة من أسواق الدول الآسيوية، محملة باحتياجات الاقتصاد وقطاعه الصناعي، بما في ذلك المواد الخام والسلع الوسيطة ومدخلات الإنتاج والآلات والمعدات والنفط الخام والوقود والقمح والأغذية والسيارات وغيرها من احتياجات السوق.
وجاء ذلك، بسبب الهجمات المتتالية التي شنتها جماعة الحوثي اليمنية على السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر والبحر العربي، فضلاً عن استهداف السفن التابعة للدول الداعمة للاحتلال في الحرب الإبادة التي يشنها ضد أهل غزة، وأبرزها السفن الأميركية والبريطانية.
بحسب ال الشحن العالمي أعلن ميناء إيلات الإسرائيلي إفلاسه رسميا بسبب انعدام النشاط التجاري، بحسب ما أفاد موقع “الأخبار العالمية” المتخصص في أخبار الشحن. ووفقا لبيانات قدمها الرئيس التنفيذي للميناء جدعون جيلبرت، لم يشهد الميناء أي نشاط أو إيرادات خلال الأشهر الثمانية الماضية، وتسببت هجمات القوات اليمنية في البحر الأحمر في انخفاض حركة الشحن بنسبة 85 في المائة. وأدى هذا الانخفاض الحاد إلى خسائر فادحة للميناء، مما اضطره إلى طلب مساعدات مالية من الحكومة الإسرائيلية لتغطية نفقاته وتجنب الإغلاق الدائم.
رأي: من هم الحوثيون في اليمن؟
ومن المتوقع أن تعلن الموانئ الكبرى والمرافق الاقتصادية والمالية في إسرائيل إفلاسها خلال الفترة المقبلة، في ظل الشلل شبه الكامل الذي أصاب الأنشطة الاقتصادية، بما في ذلك القطاعات الحيوية مثل التكنولوجيا وتكنولوجيا المعلومات والاستثمار المباشر والبناء والتشييد والعقارات والصناعات والزراعة والسياحة الداخلية والطيران. وربما يمتد الإفلاس إلى القطاع المالي والمصرفي في ظل موجة هروب الأموال والودائع الضخمة من أسواق وبنوك دولة الاحتلال، وهروب المستثمرين الأجانب، وارتفاع معدلات القروض المتعثرة والمتعثرة، وتراجع قيمة الشيكل والاحتياطيات الأجنبية والإيرادات العامة للدولة، وخاصة من الضرائب.
وتكمن خطورة إفلاس ميناء إيلات في أن الميناء يعد من أهم الموانئ الإسرائيلية، وهو في الواقع الميناء الإسرائيلي الوحيد المطل على البحر الأحمر، ويمثل بوابة رئيسية ورئة حيوية للتجارة الخارجية لدولة الاحتلال مع آسيا وإفريقيا وبعض دول الخليج، وقد أدى شلله إلى تعطيل سلاسل التوريد وإرهاق الاقتصاد الإسرائيلي، مما تسبب في خسائر تجارية ضخمة.
إن إعلان إفلاس ميناء إيلات ما هو إلا قطرة في بحر الخسائر الاقتصادية والمالية الهائلة التي تكبدتها دولة الاحتلال منذ بدء الحرب على غزة، كما يكشف عن الضرر البالغ الذي ألحقته هجمات الحوثيين بالاقتصاد الإسرائيلي، وخاصة تجارته مع الصين والهند وكوريا الجنوبية وسنغافورة وغيرها من الدول الآسيوية والخليجية. ولولا الدعم اللوجستي والتجاري الذي تتلقاه إسرائيل من بعض دول المنطقة التي تمد أسواق دولة الاحتلال باحتياجاتها عبر موانئ خليجية في دبي والبحرين، لكان الأثر أعظم وأشد إيلاماً، ولشهد اقتصاد دولة الاحتلال وأسواقها انهيارات في الأنشطة الحيوية، وقفزات غير مسبوقة في الأسواق، وخاصة في أسعار السلع الغذائية والمعيشية.
وبطبيعة الحال فإن استمرار الحرب على غزة لا يخدم مصلحة الاقتصاد الإسرائيلي الذي تعطلت أنشطته وتكبد خسائر فادحة وأضرارا جسيمة، بل إن بعض قطاعاته أصيبت بالشلل التام. ووفقا لأرقام بنك إسرائيل ووزارة المالية الإسرائيلية، فإن تكلفة الحرب من 7 أكتوبر/تشرين الأول حتى نهاية مارس/آذار 2024 بلغت أكثر من 70 مليار شيكل (73 مليار دولار).
هذه هي تكلفة الحرب فقط، فماذا عن تكلفة إجلاء نحو 250 ألف إسرائيلي من منازلهم في مستوطنات غلاف غزة والنقب الغربي والحدود اللبنانية، وتكلفة دفع رواتب نحو 360 ألف جندي احتياطي تركوا وظائفهم المدنية ليلتحقوا بالاحتلال؟ لقد عطلت الحرب عمل المدارس والجامعات والمرافق الاقتصادية، بما في ذلك السياحة والمطاعم والمقاهي وأماكن الترفيه. ماذا عن التداعيات الأخرى للحرب على الاقتصاد الإسرائيلي، مثل ارتفاع معدلات التضخم، وتفاقم عجز الموازنة العامة، وزيادة الديون الحكومية؟ وماذا عن تكلفة الخسائر التي لحقت بالمرافق الاقتصادية والمصالح التجارية والشركات الصغيرة والمتوسطة في إسرائيل، التي شهدت ركوداً حاداً بسبب تخصيص واستغلال كافة الموارد والميزانيات الحكومية للحرب؟
رأي: نقل السلطة في إسرائيل خطوة نحو ضم الضفة الغربية وطرد الفلسطينيين، خبراء يحذرون
ظهرت هذه المقالة باللغة العربية في العربي في 16 يوليو 2024
الآراء الواردة في هذه المقالة تعود للمؤلف ولا تعكس بالضرورة السياسة التحريرية لموقع ميدل إيست مونيتور.