شهد تشاد تريدواي صعودًا سريعًا في الإدارة العليا في بنك جي بي مورغان تشيس، حيث انتقل من موظف مساعد خلال الأزمة المالية إلى منصب رفيع يشرف على أعمال الإقراض التي تبلغ قيمتها 20 مليار دولار مع كبار ملاك ومطوري العقارات التجارية. يعكس مسيرته المهنية تحولًا في استراتيجية البنك نحو الاستثمار العقاري، وهو قطاع يشهد اهتمامًا متزايدًا في ظل التقلبات الاقتصادية الحالية. يركز بنك جي بي مورغان تشيس الآن على تعزيز موقعه في سوق الاستثمار العقاري العالمي، مع التركيز بشكل خاص على أمريكا.
في عام 2021، ترك تريدواي جي بي مورغان تشيس لإطلاق شركة خاصة به، “مجموعة تريو للاستثمار”. تخصصت الشركة في معاملات البيع والإعادة التأجير، حيث كانت تشتري الأصول العقارية من المالكين الذين يستخدمونها في أعمالهم – مثل الشركات المصنعة – ثم تعيد تأجيرها لهم. وفي أوائل عام 2024، استعاد جي بي مورغان تشيس خدماته عن طريق الاستحواذ على شركة تريو للاستثمار بسعر لم يتم الكشف عنه، وعينه رئيسًا للاستثمار العقاري في الأمريكتين، وهي ذراع استثمارية للبنك تمتلك ما يقرب من 79 مليار دولار من العقارات التجارية.
عودة إلى جي بي مورغان تشيس: قيادة عالمية في الاستثمار العقاري
في مايو 2024، تمت ترقية تريدواي، البالغ من العمر 42 عامًا، إلى منصب القائد العالمي لأعمال الاستثمار العقاري. يتضمن هذا الدور الجديد السفر بانتظام لمقابلة العملاء الحاليين والمحتملين، بما في ذلك بعض أكبر المستثمرين في العالم. تأتي هذه الترقية في وقت يشهد فيه قطاع العقارات تحولات كبيرة، مما يجعل خبرة تريدواي في كل من الإقراض والاستثمار ذات قيمة خاصة.
ترك تريدواي منصبه في جي بي مورغان تشيس في الأصل للاستفادة من الفرص المتاحة في سوق البيع والإعادة التأجير، حيث كان يعتقد أنه من الممكن تحقيق عوائد تتراوح بين 10 و 13٪ مع تحمل مخاطر معقولة. وقد نفذت شركته أكثر من 50 صفقة في 22 ولاية أمريكية. ومع ذلك، فقد وجد أن العودة إلى جي بي مورغان تشيس توفر له ميزة لا يمكن الحصول عليها بشكل مستقل.
مزايا العودة إلى بنك كبير
أشار تريدواي إلى أن أحد أهم الأسباب التي دفعته إلى العودة هو الوصول إلى الخبرات المتخصصة داخل جي بي مورغان تشيس. فالقدرة على التشاور مع خبراء رائدين في مجالات مثل عمليات الاندماج والاستحواذ والعقارات الشركاتية والإقراض، تمثل ميزة تنافسية هائلة. كما أن الاستحواذ على شركة تريو للاستثمار جاء نتيجة رؤية مشتركة حول إمكانات النمو في قطاع العقارات.
يشير جورج غاتش، الذي يقود إدارة الأصول والثروات في جي بي مورغان تشيس، إلى أن البنك يهدف إلى أن يكون أكثر قدرة على المناورة وريادة الأعمال في مجال الاستثمار العقاري. يؤكد هذا التوجه على أهمية الاستفادة من الفرص الجديدة والتكيف مع التغيرات في السوق. إن انتقال تريدواي من الإقراض إلى الجانب الاستثماري يمنحه منظورًا فريدًا حول إدارة المخاطر وإضافة القيمة للعملاء.
اتجاهات الاستثمار العقاري الحالية والفرص المتاحة
لاحظ تريدواي أن قيم العقارات لم تنخفض بأكثر من 10٪ في السنوات الخمسين الماضية سوى ثلاث مرات، مع وجود خمسة أو ستة فصول إيجابية متتالية شهدت ارتفاعًا في قيم العقارات. هذا يشير إلى مرونة القطاع وقدرته على التعافي. يرى المستثمرون الآن العقارات كأصل يمكن أن يدعم عوائدهم في أسواق الأسهم المضطربة.
تستهدف استراتيجية الاستثمار الحالية لـ جي بي مورغان تشيس ثلاثة مجالات رئيسية: التخزين الصناعي في الهواء الطلق، والإسكان غير الفاخر، والتصنيع. يعتبر التخزين الصناعي في الهواء الطلق، والذي يشمل المساحات المستخدمة لشاحنات شركات مثل أمازون ويوبس وفيديكس، خيارًا استراتيجيًا بسبب نمو التجارة الإلكترونية والحاجة إلى البنية التحتية اللوجستية. ويركز البنك أيضًا على توفير خيارات إسكان ميسورة التكلفة، مستفيدًا من بياناته التي تغطي نصف سكان الولايات المتحدة لفهم احتياجات السوق بشكل أفضل. الاستثمار في العقارات الصناعية والإسكان يمثل تنوعًا في محفظة البنك.
بالإضافة إلى ذلك، يولي البنك اهتمامًا خاصًا لفرص الاستثمار في الشركات متوسطة الحجم، حيث يرى أنها تقدم قيمة أفضل مقارنة بالمعاملات الكبيرة التي كانت تهيمن على السوق في السابق. فمتوسط حجم الصفقة التي يستهدفها البنك حاليًا يتراوح بين 50 و 100 مليون دولار. على الرغم من عدم استهداف البنك حاليًا سوق مراكز البيانات المزدهر، إلا أنه يراقب التطورات التكنولوجية وتقييم المخاطر المرتبطة بها.
وفيما يتعلق بمستقبل الاستثمار العقاري في ظل ارتفاع أسعار الفائدة وعدم اليقين الاقتصادي والتضخم المستمر، يؤكد تريدواي على أن بعض الأمور تظل ثابتة. فالحاجة إلى السكن، وإلى توصيل البضائع بسرعة، هي عوامل أساسية لن تتغير. هذا يعزز فكرة الاستثمار في الأصول الأساسية التي تلبي الاحتياجات الأساسية للمجتمع.
ومن المتوقع أن يستمر جي بي مورغان تشيس في تطبيق هذه الاستراتيجية وتنفيذ المزيد من عمليات الاستحواذ والاستثمار في قطاع العقارات. يهدف البنك إلى الاستفادة من الفرص المتاحة في السوق غير المستقرة، مع التركيز على إدارة المخاطر وتحقيق عوائد مستدامة. ستكون الخطوة التالية هي تقييم الأداء المالي لعمليات الاستثمار الأخيرة، وتحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين، وتطوير خطط النمو المستقبلية.