أصبح مايكل بيري، المستثمر الشهير بتوقعاته الناجحة في الأزمة المالية لعام 2008، حديث وسائل التواصل الاجتماعي مؤخرًا بعد رهانه ضد شركة نفيديا (Nvidia) وانتقاده لتقييمات شركات الذكاء الاصطناعي (AI) بشكل عام. وقد يكون لهذا الرأي تأثير على تراجع أسواق الأسهم يوم الخميس الماضي. هذا التحول في اهتمام الجمهور يعيد التركيز على استراتيجيات بيري الاستثمارية الجريئة وقدرته على توقع تحولات السوق، مما يجعله شخصية محورية في النقاشات الحالية حول تقييمات شركات الذكاء الاصطناعي.
يشتهر بيري بتوقعاته المتشائمة بشأن الانهيارات والركود الاقتصادي، وهو ما أكسبه لقب “كاساندرا” على منصة إكس (X)، وهو إشارة إلى الكاهنة اليونانية التي كانت ملعونة بالتنبؤ بالحقيقة دون أن يصدقها أحد. عاد بيري إلى النشاط على إكس في أواخر أكتوبر بعد صمت دام أكثر من عامين، وبدأ على الفور في إطلاق تحذيرات بشأن فقاعة خطيرة في أسهم الذكاء الاصطناعي.
مايكل بيري ورهانه ضد نفيديا: نظرة متعمقة على الذكاء الاصطناعي
كشف صندوق التحوط الخاص به، Scion Asset Management، قبل أيام قليلة عن امتلاكه خيارات بيع (put options) على شركتي نفيديا وبالانتير (Palantir) بقيمة اسمية إجمالية تبلغ 1.1 مليار دولار. هذا الرهان، الذي يعكس توقعاته بتراجع أسعار الأسهم، أثار جدلاً واسعاً في الأوساط المالية.
رد الرئيس التنفيذي لشركة بالانتير، أليكس كارب، على هذه الرهانات بوصفها “مجنونة تمامًا”، مما دفع بيري إلى الرد بأن رئيس الشركة لا يستطيع فهم أبسط التقارير المالية (13F).
لاحقًا، أعلن بيري أنه أغلق رهاناته على بالانتير في أكتوبر، كما أنه أنهى تسجيل صندوقه لدى هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC)، مما يعني إغلاقه أمام المستثمرين الجدد.
استمر بيري في توجيه انتقاداته إلى نفيديا بعد نشر الشركة لأرباحها في الربع الثالث، حيث شكك في مدى استدامة أداء رقائقها، وصفقات “الأخذ والرد” مع شركات الذكاء الاصطناعي الأخرى، وتخفيف أسهم الشركة (stock dilution).
تباينت ردود الفعل على موقف بيري المتشائم من طفرة الذكاء الاصطناعي. فقد سارع البعض إلى انتقاده بعد ارتفاع سهم نفيديا بنسبة تزيد عن 5٪ عقب إعلان الأرباح. بينما سخر آخرون من تحديه للشركات التكنولوجية العملاقة وسعيه للوقوف ضد الاتجاه السائد في السوق.
في المقابل، دافع البعض عن بيري، مؤكدين أنه قد يكون جريئًا وحادًا، لكنه بالتأكيد ليس ساذجًا.
افتتح سهم نفيديا على ارتفاع يوم الخميس ولكنه تحول إلى انخفاض بنسبة 3٪ بحلول نهاية التداول، ثم انخفض بنسبة 1٪ أخرى يوم الجمعة.
تُعد نفيديا حاليًا أغلى شركة مدرجة في البورصة في العالم، بقيمة سوقية تتجاوز 4 تريليونات دولار. لذلك، فإن تراجعها المفاجئ أثر سلبًا على سوق الأسهم بشكل عام.
انخفض مؤشر S&P 500 بنسبة 1.6٪ بعد أن كان قد حقق مكاسب بنسبة 1.9٪، بينما تحول مؤشر Nasdaq Composite من ارتفاع بنسبة 2.6٪ إلى انخفاض بنسبة 2.2٪، مسجلاً أكبر تقلب يومي لكلا المؤشرين منذ أبريل. وكلاهما أغلق بارتفاع أقل من 1٪ يوم الجمعة.
أثار هذا الانعكاس بعض التضامن مع بيري، حيث احتفل البعض بعودته غير المتوقعة واقترح أنه ربما كان على حق في التشكيك في التقييمات المرتفعة. ولكن بيري لم يعلن بعد عما إذا كان لا يزال يمتلك خيارات بيع على نفيديا، أو ما إذا كان قد استفاد من بيع يوم الخميس.
كما تلقى بيري إشادة لرهانه على بالانتير، حيث انخفض سعر سهم الشركة بنسبة 25٪ منذ 3 نوفمبر، وهو اليوم الذي كشفت فيه الشركة عن أرباحها وأعلن بيري عن رهانه.
من المهم التأكيد على أن بيري لم يكن وحده المسؤول عن تراجع السوق. فقد أثرت أيضًا تقارير المحللين التي أشارت إلى زيادة المخزون وتأجيل الإيرادات في نفيديا، مما أثار مخاوف بشأن تباطؤ نمو الشركة في الأرباع القادمة. بالإضافة إلى ذلك، أظهرت بيانات البطالة الأمريكية ارتفاعها إلى 4.4٪ في سبتمبر، وهو أعلى مستوى لها منذ ما يقرب من أربع سنوات.
لم يصدر عن بيري أي تعليق بخصوص الجدل الدائر حول انتقاداته لشركات الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، قد يسمع متابعوه المزيد منه قريبًا، حيث يشير وصفه الشخصي على منصة إكس إلى أن هناك شيئًا جديدًا قادمًا “ربما قبل 25 نوفمبر”. تكنولوجيا المعلومات (IT) والهندسة ما زالت من المجالات الرئيسية التي تستقطب الاستثمارات.
من المرجح أن يشهد سوق الأسهم المزيد من التقلبات في الأيام القادمة، خاصةً مع ترقب المستثمرين المزيد من البيانات الاقتصادية وأرباح الشركات. من المهم مراقبة تطورات هذا الوضع، بما في ذلك رد فعل نفيديا وبالانتير على انتقادات بيري، وتقييمات المحللين، ومؤشرات السوق الاقتصادية للاستعداد لأي تحولات محتملة في السوق.
