أثار أداء شركة أوراكل الأخير تساؤلات بين المستثمرين بشأن إنفاقها الرأسمالي، خاصةً مع تراجع أسهم الشركة بأكثر من 11٪ في التداول بعد ساعات العمل الرسمية. جاء هذا التراجع بعد إعلان أوراكل عن نتائجها المالية الفصلية التي لم ترق إلى مستوى توقعات وول ستريت من حيث الإيرادات. يركز القلق بشكل خاص على التكاليف المرتبطة بالتوسع الهائل في مراكز البيانات الذي تقوم به الشركة لدعم خدماتها السحابية، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي.

أكد كلاي ماجوريك، الرئيس التنفيذي المشترك لشركة أوراكل، للمحللين خلال مكالمة استثمارية أن ديون الشركة لا تزال “بمستوى استثماري” وأن مجالات أعمالها الفريدة تبرر التفاؤل. ومع ذلك، فإن حجم الإنفاق المستقبلي لا يزال موضع نقاش مكثف، حيث يتساءل المستثمرون عما إذا كانت الشركة ستضطر إلى جمع أكثر من 100 مليار دولار لإكمال خططها التوسعية.

تحديات الإنفاق الرأسمالي لأوراكل

أشار المحلل ديريك وود من TD Cowen قبل الإعلان عن الأرباح إلى أن “الإنفاق الرأسمالي واحتياجات التمويل كانت أكبر تساؤلات المستثمرين خلال الشهرين الماضيين، مما أثر على أداء السهم”. تأتي هذه المخاوف في وقت تراهن فيه أوراكل بقوة على جنون الذكاء الاصطناعي، وتستثمر بكثافة في توسيع مراكز البيانات لجذب المزيد من الأعمال.

في تقريرها عن الأرباح في سبتمبر الماضي، فاجأت أوراكل وول ستريت بزيادة كبيرة في حجوزات السحابة المرتبطة بأعباء العمل الخاصة بالذكاء الاصطناعي، وهو ما دفع السهم إلى تحقيق مستوى قياسي. لكن هذا الارتفاع لم يستمر طويلاً، حيث انخفضت الأسهم منذ ذلك الحين بحوالي الثلث، مع تزايد قلق المستثمرين بشأن رأس المال الهائل المطلوب لمواصلة بناء مراكز البيانات وما إذا كان أكبر عملاء أوراكل، OpenAI، قادرًا على الوفاء بالتزاماته السحابية متعددة المليارات من الدولارات.

الأداء المالي رغم التحديات

على الرغم من عدم تحقيق الإيرادات المتوقعة، سجلت أوراكل نموًا في الإيرادات بنسبة 14٪ على أساس سنوي في الربع المنتهي في 30 نوفمبر. كما تجاوزت أرباح السهم التقديرات، حيث بلغت 2.26 دولارًا مقابل 1.64 دولارًا المتوقعة. وارتفع صافي الدخل بشكل حاد إلى 6.14 مليار دولار، مقارنة بـ 3.15 مليار دولار في العام السابق.

يُعزى هذا النمو الجزئي إلى استمرار الطلب على خدمات أوراكل السحابية، بالإضافة إلى الأداء القوي في بعض قطاعات الأعمال. ومع ذلك، يرى المحللون أن هذا النمو قد لا يكون كافيًا لتبرير مستوى الإنفاق الرأسمالي الحالي للشركة.

أكد ماجوريك أن أوراكل هي “الشركة الوحيدة في العالم التي تبيع مجموعات تطبيقات كاملة” مع إضافة الذكاء الاصطناعي، وذلك ردًا على سؤال من أحد المحللين في Guggenheim Securities حول سبب تفاؤل الشركة بشأن تسارع النمو في الوقت الذي تشهد فيه معظم شركات خدمات البرمجيات تباطؤًا في النمو. هذا التركيز على الحلول المتكاملة والذكاء الاصطناعي هو جزء من استراتيجية أوراكل لتمييز نفسها عن المنافسين.

تعتبر المنافسة في سوق الحوسبة السحابية شديدة، حيث تتنافس شركات مثل Amazon Web Services و Microsoft Azure و Google Cloud Platform على حصة السوق. تستثمر هذه الشركات أيضًا بكثافة في مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي، مما يزيد من الضغط على أوراكل لتقديم خدمات مبتكرة وفعالة من حيث التكلفة.

بالإضافة إلى ذلك، تواجه أوراكل تحديات اقتصادية عالمية، مثل ارتفاع أسعار الفائدة والتضخم، والتي يمكن أن تؤثر على إنفاق الشركات على التكنولوجيا. هذه العوامل تجعل من الصعب على أوراكل التنبؤ بدقة بمسار نموها المستقبلي.

تعتبر استثمارات أوراكل في الذكاء الاصطناعي خطوة استراتيجية مهمة، حيث من المتوقع أن يشهد هذا المجال نموًا هائلاً في السنوات القادمة. ومع ذلك، فإن نجاح هذه الاستثمارات يعتمد على قدرة الشركة على تنفيذ خططها التوسعية بكفاءة وفعالية، وعلى قدرة OpenAI على الوفاء بالتزاماتها المالية.

من المتوقع أن تستمر أوراكل في مراقبة إنفاقها الرأسمالي عن كثب، وأن تسعى إلى تحسين كفاءة عملياتها لتقليل التكاليف. كما ستواصل الشركة الاستثمار في البحث والتطوير لتقديم خدمات سحابية مبتكرة تلبي احتياجات عملائها.

في الختام، يظل مستقبل أوراكل غير مؤكد، حيث تواجه الشركة تحديات كبيرة في إدارة إنفاقها الرأسمالي وتحقيق النمو المستدام. سيكون من المهم مراقبة أداء الشركة في الأرباع القادمة، بالإضافة إلى التطورات في سوق الذكاء الاصطناعي وعلاقتها مع OpenAI، لتقييم مدى نجاحها في التغلب على هذه التحديات. الخطوة التالية الحاسمة ستكون تقرير الأرباح التالي في فبراير، حيث سيبحث المستثمرون عن مزيد من الوضوح بشأن خطط الشركة للإنفاق المستقبلي.

شاركها.