كاد كين بيرنز، المخرج السينمائي الشهير، أن يرفض عرضًا من ستيف جوبز قبل أكثر من عقدين. يتعلق الأمر بترخيص استخدام أسلوبه المميز في تحريك الصور، والذي أصبح يُعرف بـ “تأثير كين بيرنز” (Ken Burns Effect)، في برنامج iMovie من Apple. هذه التقنية، التي أصبحت الآن جزءًا لا يتجزأ من أدوات تحرير الفيديو على أجهزة Apple، كانت في الأصل محل نقاش حول حقوق الملكية الفكرية والتعويضات.
في عام 2002، تلقى بيرنز مكالمة هاتفية من جوبز، دعيته لزيارة مقر Apple في كاليفورنيا. في البداية، لم يصدق بيرنز أن المتحدث هو جوبز نفسه. خلال الزيارة، ناقش الطرفان إمكانية استخدام أسلوب بيرنز في تحريك الصور في برنامج iMovie القادم. كان جوبز يرغب في تسمية الميزة الجديدة بـ “تأثير كين بيرنز” تكريمًا لأسلوب المخرج.
بداية “تأثير كين بيرنز” في Apple
رفض بيرنز العرض في البداية، معربًا عن قلقه بشأن استخدام اسمه في منتج تجاري. وفقًا لمقابلة مع GQ، قال بيرنز: “قلت، أنا لا أؤيد المنتجات التجارية”، فرد عليه جوبز باستغراب. لكن جوبز لم يستسلم، وعرض على بيرنز صفقة غير متوقعة.
تم التوصل إلى اتفاق يقضي بمنح Apple ترخيصًا لاستخدام أسلوب بيرنز في iMovie مقابل مليون دولار أمريكي من معدات وبرامج الكمبيوتر. أكد بيرنز أنه تبرع بمعظم هذه المعدات لمؤسسات تعليمية، لكنه اعترف بأنه احتفظ ببعضها لاستخدامه الشخصي. هذا التعاون أدى إلى ظهور ميزة “تأثير كين بيرنز” في iMovie 3، والتي أتاحت للمستخدمين إضافة حركة دقيقة إلى الصور الثابتة، مما يمنحها مظهرًا سينمائيًا.
تطور التقنية واستخدامها الواسع
على الرغم من أن بيرنز كان مترددًا في البداية، إلا أنه يرى الآن أن “تأثير كين بيرنز” قد أتاح للعديد من الأشخاص إمكانية الحفاظ على ذكرياتهم بطريقة إبداعية. أشار إلى أن هذه التقنية تستخدم الآن على نطاق واسع في تحرير مقاطع الفيديو الخاصة، مثل حفلات الزفاف والاحتفالات العائلية، على هواتف iPhone.
وأضاف بيرنز أن التقنية، على الرغم من بساطتها في الاستخدام، تمثل نسخة مبسطة من الجهود المعقدة التي يبذلها في أفلامه الوثائقية لإحياء الماضي وجعل الصور غير الحية تبدو وكأنها تنبض بالحياة.
تعتبر تقنية تحريك الصور (pan and zoom) التي يستخدمها بيرنز، والتي أصبحت تعرف بـ “تأثير كين بيرنز”، أسلوبًا شائعًا في الأفلام الوثائقية لإضفاء الحيوية على الصور التاريخية. تتضمن هذه التقنية تحريك الكاميرا ببطء عبر الصورة، مع التركيز على تفاصيل مختلفة، لخلق شعور بالحركة والعمق.
أدى إدراج هذه التقنية في iMovie إلى جعلها في متناول جمهور أوسع، مما سمح لهم بإنشاء مقاطع فيديو ذات مظهر احترافي بسهولة. تعتبر هذه التقنية الآن جزءًا أساسيًا من العديد من برامج تحرير الفيديو الأخرى، مما يدل على تأثيرها الدائم على صناعة السينما والتلفزيون.
من الجدير بالذكر أن Apple قد واجهت في الماضي قضايا تتعلق بحقوق الملكية الفكرية، ولكنها تمكنت من حلها وديًا في معظم الحالات. تعتبر الشركة رائدة في مجال الابتكار التكنولوجي، وتسعى دائمًا إلى دمج أحدث التقنيات في منتجاتها.
في المستقبل القريب، من المتوقع أن تستمر Apple في تطوير وتحسين ميزات تحرير الفيديو في iMovie وغيرها من تطبيقاتها. قد نشهد أيضًا ظهور تقنيات جديدة لتحريك الصور تعتمد على الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي. ومع ذلك، من المؤكد أن “تأثير كين بيرنز” سيظل جزءًا مهمًا من تاريخ تحرير الفيديو، وسيستمر في إلهام المبدعين في جميع أنحاء العالم.
