أصبح الحصول على أفضل النتائج من نماذج الذكاء الاصطناعي (AI) يعتمد بشكل كبير على جودة الاستعلامات المستخدمة، وهو ما يتطلب مهارات تتجاوز مجرد التجربة، وفقًا لفيلسوفة تعمل لدى شركة Anthropic الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي. تؤكد أماندا أسكيل، وهي عضوة في الفريق التقني في Anthropic ومتخصصة في الفلسفة، أن صياغة الاستعلامات الفعالة تتطلب تحقيق توازن دقيق بين عدة اعتبارات لضمان الحصول على ردود دقيقة ومفيدة.
أشارت أسكيل في بودكاست “Ask Me Anything” الخاص بـ Anthropic إلى أن فهم كيفية عمل هذه النماذج يتطلب تفاعلاً مستمرًا وتحليلًا دقيقًا للنتائج. وتعتبر هذه المهارة، التي تتطلب صبرًا وملاحظة، أساسية لتحسين عملية الاستعلام والحصول على أفضل أداء من أنظمة الذكاء الاصطناعي.
أهمية الوضوح في الاستعلامات: منظور فلسفي
لا يقتصر الأمر على التجربة فحسب، بل يمتد إلى تطبيق مبادئ فلسفية في صياغة الاستعلامات. ترى أسكيل أن تدريبها الفلسفي يساعدها في شرح الأفكار والمخاوف بوضوح للنموذج، وهو أمر بالغ الأهمية لتحسين جودة الردود. يؤكد هذا على أهمية الدقة والوضوح في التواصل مع الذكاء الاصطناعي، تمامًا كما هو الحال في التواصل البشري الفعال.
الذكاء الاصطناعي كموظف جديد
تصف Anthropic، في دليل “Prompt Engineering Overview” الذي نشرته في يوليو، نموذجها Claude بأنه “موظف لامع ولكنه جديد جدًا (يعاني من فقدان الذاكرة) يحتاج إلى تعليمات صريحة”. وهذا يعني أن Claude لا يفهم السياقات أو الأساليب أو الإرشادات المفضلة للمستخدم بشكل افتراضي. لذلك، كلما كانت التعليمات أكثر دقة، كانت الاستجابة أفضل. هذا المفهوم يتماشى مع فكرة هندسة الاستعلامات كمهارة أساسية.
بالإضافة إلى ذلك، يرى مارك أندريسن، وهو مستثمر رأس مال مخاطر مخضرم، أن قوة الذكاء الاصطناعي تكمن في استخدامه كـ “شريك تفكير”. وهذا يتطلب القدرة على طرح الأسئلة الصحيحة، وهي مهارة يمكن أن تؤدي إلى فرص عمل مربحة في مجال هندسة الاستعلامات، حيث يصل متوسط الراتب إلى 150 ألف دولار أمريكي، وفقًا لمنصة levels.fyi.
تعتبر هندسة الاستعلامات مجالًا ناشئًا يركز على تطوير التقنيات اللازمة للتفاعل الفعال مع نماذج الذكاء الاصطناعي. يشمل ذلك فهم كيفية عمل هذه النماذج، وتحديد أفضل الطرق لصياغة الاستعلامات، وتقييم جودة الردود. كما يتطلب فهمًا عميقًا للمفاهيم اللغوية والمنطقية.
ومع ذلك، فإن عملية تحسين الاستعلامات ليست دائمًا بسيطة. يتطلب الأمر فهمًا عميقًا لقدرات وقيود النموذج، بالإضافة إلى القدرة على التفكير النقدي وتقييم النتائج بشكل موضوعي. كما يتطلب الأمر الصبر والمثابرة، حيث قد يتطلب الأمر العديد من المحاولات قبل الحصول على الاستجابة المطلوبة.
في المقابل، يزداد الاهتمام بتطوير أدوات وتقنيات جديدة لمساعدة المستخدمين على صياغة استعلامات أكثر فعالية. تشمل هذه الأدوات واجهات المستخدم الرسومية، وأنظمة التوصية، وخوارزميات التعلم الآلي التي يمكنها تحليل الاستعلامات وتحسينها تلقائيًا.
تتطور تقنيات الذكاء الاصطناعي بسرعة، مما يؤدي إلى ظهور تحديات وفرص جديدة في مجال الاستعلام. من المتوقع أن يستمر الطلب على خبراء هندسة الاستعلامات في النمو مع زيادة اعتماد الشركات والمؤسسات على هذه التقنيات.
في الختام، من المتوقع أن تشهد الأشهر القادمة المزيد من التطورات في مجال هندسة الاستعلامات، مع التركيز على تطوير أدوات وتقنيات جديدة لتحسين جودة التفاعل بين الإنسان والآلة. من المهم مراقبة التطورات في هذا المجال، بالإضافة إلى التحديات المتعلقة بالتحيز والمسؤولية الأخلاقية في استخدام الذكاء الاصطناعي.