تزايد الاهتمام بـ نادي التداول الخاص (Private Trading Club) مؤخرًا، حيث يقدم عضوية شهرية بقيمة 599 دولارًا، تشمل فعاليات حصرية ولقاءات اجتماعية بعيدًا عن ضوضاء أسواق المال. يهدف هذا النادي، الذي بدأ في استقبال الطلبات مؤخرًا، إلى جمع المتداولين والمستثمرين ذوي التفكير المماثل، مع التركيز على الجودة والجدية في التداول، وهو ما يمثل تحولًا نحو مزيد من الخصوصية والتخصص في مجتمع الاستثمار بالتجزئة. هذا الاتجاه يأتي بالتزامن مع ارتفاع البحث عن مجموعات التداول بشكل عام.

تأسس النادي على يد مينوو ليم، الذي يركز في اختيار الأعضاء على صفات تتجاوز مجرد القدرة المالية، مثل القيم القوية، والبعد عن المشتتات الشخصية، والطموح لتحقيق النجاح. يرغب ليم في بناء مجتمع ينمو أعضاؤه معًا، مستفيدين من تبادل الخبرات والفرص في عالم التداول.

صعود نوادي التداول الخاصة والاستثمار بالتجزئة

على الرغم من أن النادي لا يزال في مراحله الأولى، إلا أن فكرة المجموعات الحصرية بدأت تكتسب زخمًا بين المستثمرين الأفراد. يرى البعض في هذه المجموعات ملاذًا آمنًا بعيدًا عن التوجهات العشوائية وثقافة “ميم” (meme culture) التي تهيمن على مجتمعات الإنترنت الكبيرة مثل “وول ستريت بيتس” (WallStreetBets). وفقًا لبيانات من Google Trends، شهدت عمليات البحث عن “مجموعات التداول” و”نوادي التداول” و”شبكات التداول” ارتفاعًا ملحوظًا في الولايات المتحدة خلال فصل الصيف مع تزايد النشاط في الأسواق المالية.

البحث عن مجتمع داعم

يشير تزايد الإقبال على هذه المجموعات إلى حاجة متزايدة لدى المتداولين للشعور بالانتماء إلى مجتمع داعم. يعاني العديد من المتداولين اليوم من الشعور بالوحدة، مما يدفعهم للبحث عن فرص للتفاعل المباشر مع الآخرين الذين يشاركونهم نفس الاهتمامات والتحديات. وقد أدى هذا إلى ازدهار دورات التداول والاجتماعات وفعاليات التجمع للمستثمرين الأفراد.

ديفيد فيلالوبوس، متداول يبلغ من العمر 21 عامًا ويقيم في كولورادو، أطلق “شبكة التداول النخبة” (Elite Trading Network) بغرض إيجاد أشخاص متشابهين في التفكير. ترتكز الشبكة على أخلاقيات عمل قوية وطموحات كبيرة، ورؤية مفادها أن إتقان الأسواق في سن مبكرة سيؤدي إلى الاستقرار المالي والتمتع بالحياة في المستقبل. وذكر فيلالوبوس أن عدد الطلبات للانضمام إلى الشبكة قد ارتفع بأكثر من 1500٪ خلال العام الماضي، وهو ما يعزوه إلى زيادة الطلب على مجتمعات التداول المنظمة.

يعتمد فيلالوبوس في اختيار الأعضاء الجدد على معايير صارمة، حيث يبحث عن الشباب المتحمسين الذين يرغبون في جعل التداول طموحهم الأسمى في الحياة. يقتصر عمر جميع أعضاء الشبكة على أقل من 25 عامًا. “هذا هو العمر المناسب للتركيز واستغلال الوقت المتاح بشكل كامل”، كما صرح فيلالوبوس، مضيفًا أنه كان يقضي ما يصل إلى 16 ساعة يوميًا في الدراسة والتحليل المالي.

شركة “ذا فوركس لاونج” (The Forex Lounge)، المتخصصة في تعليم التداول، أطلقت أيضًا مجموعة خاصة للمتداولين، وشهدت هذه المجموعة نموًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة. وفقًا لـ غريغ دلوجي، رئيس قسم التداول في الشركة، ارتفعت الاستفسارات الخارجية حول المجموعة بنحو 60٪ خلال الأشهر الـ 12 الماضية. تضم المجموعة حاليًا حوالي 100 عضو، معظمهم من جيل الألفية (Millennials) وأبنائهم من الجيل زد (Gen Z).

أصبح القبول في المجموعة أكثر انتقائية بمرور الوقت، حيث يفضل دلوجي الآن قبول المتداولين الذين تمت إحالتهم من قبل أعضاء المجتمع الحاليين، بشرط أن يتناسبوا مع ثقافة المجموعة. كما هو الحال مع النوادي الأخرى، يبحث دلوجي عن أفراد جادين ومتحمسين لتحقيق النجاح في التداول.

أما بالنسبة لأنشطة المجموعة، فهي تتضمن مشاركة الأفكار وتقديم الدعم المتبادل، بالإضافة إلى لقاءات اجتماعية وفعاليات التواصل. يتشارك أعضاء “شبكة التداول النخبة” في شبكة فرعية أكثر حصرية تسمى “الدائرة الداخلية”، وتضم المتداولين الذين حققوا بالفعل مستوى معينًا من النجاح. يحرص أعضاء “الدائرة الداخلية” على الالتقاء بانتظام لتناول القهوة وتناول العشاء الفاخر والخروج معًا في فعاليات اجتماعية.

وصف فيلالوبوس “الدائرة الداخلية” بأنها بمثابة “شارة” تدل على أن الشخص متداول مربح، ويعيش حياة منظمة، ومتحمس للمشاركة في أي مغامرة يخوضونها معًا. تتواصل شركة “ذا فوركس لاونج” مع أعضائها بشكل أساسي عبر تطبيق “واتساب” (WhatsApp) والمكالمات المرئية، وتنظم معسكرات تدريبية مكثفة لمدة أسبوع عدة مرات في السنة.

يخطط ليم لتنظيم فعاليات مماثلة لأعضاء ناديه، مثل اجتماعات شهرية في أماكن فاخرة، ومعسكرات سنوية في الفلل والمنتجعات، وحفل سنوي رسمي للاحتفال بإنجازات المتداولين. يركز النادي أيضًا على بناء شبكة علاقات قوية بين الأعضاء، لتمكينهم من تبادل الأفكار الاستثمارية والفرص الاستثمارية، مثل ربط المستثمرين بمشاريع عقارية.

وتشير التقديرات إلى أن بعض أعضاء هذه المجموعات لديهم علاقات قوية بمؤسسات أكاديمية مرموقة مثل جامعة هارفارد. ويرى دلوجي أن تزايد توجه هذه المجموعات نحو الخصوصية يعكس اتجاهًا أوسع في المجتمع، حيث أصبح الانضمام إلى الأماكن التي يصعب الدخول إليها أكثر جاذبية. “أريد أن تكون شركة (ذا فوركس لاونج) علامة تجارية مرموقة يصعب الوصول إليها، ولكن ذلك لسبب واحد فقط: لأنني سآخذك تحت جناحي وستحقق أرباحًا”.

من المتوقع أن تستمر هذه الظاهرة في النمو في الأشهر القادمة، مع زيادة عدد المستثمرين الأفراد الذين يبحثون عن مجتمعات حصرية وداعمة. سيكون من المثير للاهتمام مراقبة تأثير هذه المجموعات على أسواق المال، وكيف ستساهم في تشكيل مستقبل الاستثمار بالتجزئة. يبقى أن نرى ما إذا كانت هذه النوادي قادرة على تحقيق وعودها بتقديم الدعم والنجاح لأعضائها، أم أنها ستقتصر على كونها مجرد مجموعات اجتماعية للمتداولين الطموحين.

شاركها.