تزايد الحديث عن الذكاء الاصطناعي (AI) بشكل كبير في الآونة الأخيرة، لكن “عرابة الذكاء الاصطناعي” فيفي-في لي ترى أن الخطاب الحالي مبالغ فيه للغاية. وأكدت لي، وهي أستاذة علوم الحاسوب في جامعة ستانفورد والمؤسسة المشاركة لشركة World Labs، أن هناك تبسيطًا مفرطًا في النقاش الدائر حول تأثير الذكاء الاصطناعي على البشرية، سواء من ناحية التفاؤل أو التشاؤم.

جاءت تصريحات لي خلال حديث ألقته في جامعة ستانفورد ونشر يوم الخميس، حيث انتقدت التصوير الدرامي للذكاء الاصطناعي الذي يسيطر على وسائل الإعلام والدوائر التقنية. وشددت على ضرورة تقديم حقائق واضحة للجمهور، خاصةً لأولئك الذين ليسوا جزءًا من وادي السيليكون.

نقد الخطاب المبالغ فيه حول الذكاء الاصطناعي

أوضحت لي أن أحد طرفي النقاش يصور الذكاء الاصطناعي على أنه تهديد وجودي للبشرية، مع الحديث عن “يوم القيامة” و”سيطرة الآلات”. في المقابل، يروج الطرف الآخر لرؤية “مثالية” تمامًا، تتحدث عن “وفرة غير محدودة” و”إنتاجية لانهائية”. هذه الأطروحات المتطرفة، بحسب لي، تعيق فهم الجمهور الحقيقي لإمكانيات وقيود الذكاء الاصطناعي.

وأضافت أن هذا “الخطاب المتطرف” يملأ النقاشات التقنية ويزود المعلومات المضللة للأشخاص المعرضين للخطر. وتدعو لي إلى التركيز على الحقائق وتقديم تعليم عام حول هذا المجال المتطور.

توازن وجهات النظر في مجال الذكاء الاصطناعي

لي ليست الشخص الوحيد الذي يدعو إلى تبني نهج أكثر توازنًا في الحديث عن الذكاء الاصطناعي. ففي يوليو الماضي، صرح أندرو نج، مؤسس Google Brain، بأنه يعتقد أن مفهوم الذكاء الاصطناعي العام (AGI) مبالغ فيه. الذكاء الاصطناعي العام يشير إلى المرحلة التي تمتلك فيها أنظمة الذكاء الاصطناعي قدرات إدراكية مماثلة للإنسان، ويمكنها التعلم وتطبيق المعرفة مثل البشر.

وأشار نج خلال حديث في Y Combinator إلى أن الذكاء الاصطناعي سيظل بعيدًا عن تحقيق القدرات البشرية في العديد من المجالات لفترة طويلة. وبالمثل، أكد يان لوكون، الرئيس العلمي السابق للذكاء الاصطناعي في Meta، أن نماذج اللغة الكبيرة “مذهلة” ولكنها محدودة، وأنها ليست طريقًا نحو ما يُعرف بالذكاء الاصطناعي العام.

يذكر أن لوكون أعلن الشهر الماضي عن مغادرته Meta بعد 12 عامًا لإطلاق شركة ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي. هذه التحركات تعكس تحولًا في وجهات النظر داخل مجتمع الذكاء الاصطناعي نحو تقييم أكثر واقعية للإمكانيات والتحديات.

تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل

تتزايد المخاوف بشأن تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل، حيث يطرح المسؤولون التنفيذيون في الشركات الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي باستمرار عن المدة التي يعتقدون أنها ستستغرق للوصول إلى الذكاء الاصطناعي العام وما الذي يعنيه ذلك للعمال. ومع ذلك، يرى الخبراء أن الذكاء الاصطناعي سيؤدي في الغالب إلى تغيير طبيعة الوظائف بدلاً من القضاء عليها بشكل كامل.

ويركز النقاش الحالي على أهمية تطوير مهارات جديدة لمواكبة التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي، وعلى ضرورة إيجاد طرق لضمان توزيع عادل لفوائد هذه التكنولوجيا. كما يبرز دور الحكومات والمؤسسات التعليمية في توفير التدريب والدعم اللازمين للعمال للتكيف مع التغيرات المتوقعة.

بالإضافة إلى ذلك، هناك اهتمام متزايد بقضايا أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، مثل التحيز والتمييز والخصوصية. ويؤكد الخبراء على أهمية تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي شفافة ومسؤولة، تضمن احترام حقوق الإنسان والقيم المجتمعية.

في الختام، يظل مستقبل الذكاء الاصطناعي محاطًا بالغموض، لكن من الواضح أن هذا المجال سيستمر في التطور بوتيرة سريعة. من المتوقع أن تشهد الأشهر والسنوات القادمة المزيد من النقاشات حول تأثير الذكاء الاصطناعي على مختلف جوانب حياتنا، وستكون هناك حاجة إلى اتخاذ قرارات حاسمة بشأن كيفية تنظيم وتوجيه هذه التكنولوجيا القوية. وما يجب مراقبته هو التقدم الفعلي في تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي، والتأثير الملموس لهذه النماذج على الصناعات المختلفة، والاستجابة المجتمعية لهذه التغيرات.

شاركها.