تعتبر عالمة الذكاء الاصطناعي “في-في لي” شخصية مؤثرة في هذا المجال، وقد أسست مؤخرًا شركة ناشئة باسم World Labs، قُدرت قيمتها بأكثر من مليار دولار بعد عام واحد فقط من تأسيسها. تشتهر لي بعملها الرائد على مشروع ImageNet، وهو مجموعة بيانات ضخمة ساهمت في تطوير تقنيات رؤية الكمبيوتر. تُظهر قصة لي، التي بدأت كـ مهاجرة من الصين، كيف يمكن للتحديات أن تشكل مسيرة عالمة رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي.
وصلت لي إلى الولايات المتحدة في سن الخامسة عشرة، وساعدت والديها في إدارة مغسلة ملابس في بارسيباني، نيو جيرسي، لتغطية نفقات المعيشة. وقد استمرت في إدارة هذا العمل التجاري الصغير، جنبًا إلى جنب مع دراستها الأكاديمية، لسنوات عديدة، مما أكسبها خبرة عملية قيمة في إدارة الأعمال والتغلب على الصعاب.
بدايات متواضعة لـ “عرابة الذكاء الاصطناعي”
روت لي أنها كانت بمثابة “الرئيس التنفيذي” للمغسلة، حيث تولت جميع جوانب العمل، بما في ذلك الرد على المكالمات الهاتفية للعملاء، وإدارة الفواتير، والتفتيش على الملابس. وقد استمرت في إدارة هذا العمل عن بعد حتى أثناء دراسة الدكتوراه في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا.
وفقًا لملفها الشخصي على LinkedIn، التحقت لي بجامعة برينستون للحصول على درجة البكالوريوس، مع الحرص على البقاء بالقرب من متجر والديها. وترى لي أن هذه التجربة علمتها قيمة المرونة والقدرة على التكيف، وهي صفات أساسية للنجاح في مجال العلوم والتكنولوجيا.
المرونة كعنصر أساسي للنجاح
أكدت لي أن المرونة ضرورية للعلماء، لأن البحث العلمي غالبًا ما يكون عملية غير خطية ومليئة بالتحديات. وأضافت أن كونها مهاجرة علمها أيضًا كيفية التغلب على العقبات والمثابرة في مواجهة الصعوبات.
تطمح لي إلى تحقيق إنجازات كبيرة من خلال World Labs، حيث تعمل على تطوير “نماذج عالمية” (world models). تعتمد هذه النماذج على الذكاء المكاني، وهو قدرة الذكاء الاصطناعي على فهم العالم من حوله والتفاعل معه، وهو ما تعتبره لي امتدادًا للذكاء البصري.
النماذج العالمية: مستقبل الذكاء الاصطناعي
يرى العديد من خبراء الذكاء الاصطناعي أن النماذج العالمية هي المفتاح لدفع عجلة الابتكار في هذا المجال إلى الأمام. ويعتقد البعض أن النماذج اللغوية الكبيرة، التي تعتمد على معالجة اللغة الطبيعية، قد تكون محدودة في قدراتها، وأن النماذج العالمية يمكن أن تتجاوز هذه القيود.
ترى لي أن مشروع ImageNet كان بمثابة مقدمة للنماذج العالمية، حيث وفر مجموعة بيانات شاملة للصور ساهمت في تطوير تقنيات رؤية الكمبيوتر. وتركز أبحاثها على فكرة أن المعلومات البصرية هي أساس لفهم العالم واتخاذ الإجراءات اللازمة فيه.
يتفق هذا المنظور مع رؤية يان لوكون، كبير علماء الذكاء الاصطناعي في Meta، الذي أعلن مؤخرًا عن استقالته لإطلاق شركته الناشئة الخاصة بالنماذج العالمية.
هناك خيط مشترك يربط بين أبحاث لي وقصتها كمهاجرة، وهو أهمية الفضول والتعلم المستمر. وقد أوضحت أنها كانت دائمًا طفلة فضولية، وأن هذا الفضول وجد طريقه إلى العلوم، مما ساعدها على تحقيق الاستقرار والنجاح.
تعتبر أبحاث لي في مجال التعلم الآلي ورؤية الكمبيوتر حجر الزاوية في تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي الحديثة. وتشمل هذه التطبيقات السيارات ذاتية القيادة، والروبوتات الصناعية، وأنظمة التشخيص الطبي.
من المتوقع أن تستمر لي وفريقها في World Labs في تطوير النماذج العالمية، بهدف إنشاء أنظمة ذكاء اصطناعي أكثر ذكاءً وقدرة على التفاعل مع العالم الحقيقي. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات كبيرة تواجه هذا المجال، مثل الحاجة إلى كميات هائلة من البيانات، وتطوير خوارزميات أكثر كفاءة، وضمان سلامة وموثوقية هذه الأنظمة.
في المستقبل القريب، من المرجح أن نشهد المزيد من التقدم في مجال النماذج العالمية، مع ظهور تطبيقات جديدة ومبتكرة. وسيكون من المهم مراقبة التطورات في هذا المجال، وتقييم تأثيرها على مختلف جوانب حياتنا.
