يشهد وادي السيليكون جدلاً محتدماً حول مدى قدرة قوانين القياس على تطوير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. يرى الرئيس التنفيذي لشركة جوجل ديب مايند، ديميس هاسابيس، أن توسيع نطاق الأنظمة الحالية يجب أن يستمر إلى أقصى حد ممكن، لأنه سيكون على الأقل مكونًا رئيسيًا في نظام الذكاء الاصطناعي العام (AGI) النهائي، بل وقد يكون النظام بأكمله. هذا النقاش يدور حول مستقبل الذكاء الاصطناعي وكيفية الوصول إلى مستويات متقدمة من القدرات المعرفية.

الذكاء الاصطناعي العام، وهو نسخة نظرية من الذكاء الاصطناعي قادرة على التفكير مثل البشر، هو الهدف الذي تتنافس الشركات الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي لتحقيقه، مما يدفع إلى إنفاق ضخم على البنية التحتية والمواهب. تستثمر هذه الشركات بشكل كبير في تطوير نماذج لغوية كبيرة، وتعتمد على زيادة البيانات وقوة الحوسبة لتحسين أدائها.

قوانين القياس والحدود المحتملة للذكاء الاصطناعي

تشير قوانين القياس في الذكاء الاصطناعي إلى أنه كلما زادت البيانات وقوة الحوسبة المتاحة لنموذج الذكاء الاصطناعي، زادت ذكائه. يؤكد هاسابيس أن توسيع النطاق وحده قد يقود الصناعة إلى تحقيق الذكاء الاصطناعي العام، ولكنه يشتبه في أنه قد تكون هناك حاجة إلى “اختراق أو اثنين” إضافيين. ومع ذلك، يواجه هذا النهج تحديات كبيرة.

أحد هذه التحديات هو محدودية البيانات المتاحة للعامة. بالإضافة إلى ذلك، فإن زيادة قوة الحوسبة تتطلب بناء مراكز بيانات، وهو أمر مكلف ويؤثر سلبًا على البيئة. هذه العوامل تثير تساؤلات حول الاستدامة طويلة الأجل لنهج توسيع النطاق.

تراجع العوائد والاستثمارات الضخمة

يعرب بعض المراقبين في مجال الذكاء الاصطناعي عن قلقهم بشأن بدء الشركات التي تقف وراء النماذج اللغوية الكبيرة الرائدة في إظهار تناقص العوائد على استثماراتها الضخمة في توسيع النطاق. تشير بعض التقارير إلى أن الزيادات في الأداء أصبحت أقل وضوحًا مع كل زيادة في البيانات أو قوة الحوسبة.

هذا القلق دفع بعض الباحثين إلى النظر في بدائل أخرى. يقول يان لوكون، كبير علماء الذكاء الاصطناعي في شركة ميتا، والذي أعلن مؤخرًا عن استقالته لتأسيس شركته الخاصة، إن الصناعة بحاجة إلى النظر في طريقة أخرى. وفقًا له، “معظم المشكلات المثيرة للاهتمام لا تتناسب بشكل جيد مع التوسع.”

نماذج العالم كبديل للنماذج اللغوية الكبيرة

يركز لوكون على بناء “نماذج العالم”، وهي بديل للنماذج اللغوية الكبيرة تعتمد على جمع البيانات المكانية بدلاً من البيانات القائمة على اللغة. تهدف هذه النماذج إلى تمكين أنظمة الذكاء الاصطناعي من فهم العالم المادي، والاحتفاظ بالذاكرة المستمرة، والتفكير، والتخطيط لتسلسلات الإجراءات المعقدة. يعتبر هذا النهج واعدًا لأنه قد يتجاوز القيود المفروضة على النماذج اللغوية الكبيرة.

تعتبر نماذج العالم بمثابة تحول في طريقة تفكيرنا في تعلم الآلة، حيث تركز على بناء فهم عميق للعالم بدلاً من مجرد معالجة اللغة. هذا النهج قد يفتح الباب أمام تطبيقات جديدة ومبتكرة للذكاء الاصطناعي في مجالات مثل الروبوتات والقيادة الذاتية.

الشبكات العصبونية هي أساس العديد من هذه النماذج، ولكن هناك حاجة إلى تطوير تقنيات جديدة لتمكينها من التعامل مع التعقيد الهائل للعالم الحقيقي. يتطلب ذلك تطوير خوارزميات جديدة وطرق لتمثيل المعرفة بشكل فعال.

بالإضافة إلى نماذج العالم، هناك اتجاه متزايد نحو استكشاف تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، والتي يمكنها إنشاء محتوى جديد مثل النصوص والصور والموسيقى. هذه التقنيات لديها القدرة على إحداث ثورة في العديد من الصناعات، ولكنها تثير أيضًا مخاوف بشأن الأخلاقيات وحقوق الملكية الفكرية.

في الختام، يظل مستقبل الذكاء الاصطناعي غير مؤكد. من المرجح أن يستمر الجدل حول أفضل طريقة لتحقيق الذكاء الاصطناعي العام. من المتوقع أن تشهد الأشهر القادمة المزيد من التطورات في كل من توسيع النطاق ونماذج العالم، مما سيساعد على تحديد المسار الأكثر واعدة. سيكون من المهم مراقبة التقدم المحرز في كلا المجالين وتقييم إمكاناتهما على المدى الطويل.

شاركها.