أصبح إتقان مهارات الذكاء الاصطناعي (AI) شرطًا أساسيًا للباحثين عن عمل في قطاع إدارة البيانات، وفقًا لتصريحات فيليكس فان دي مايل، الرئيس التنفيذي لشركة Collibra، وهي منصة رائدة في مجال حوكمة البيانات. وأشار فان دي مايل إلى أن عدم إظهار المتقدمين للوظائف معرفة بالذكاء الاصطناعي يثير “علامة حمراء” خلال مقابلات العمل. وتشير هذه التطورات إلى تحول كبير في متطلبات سوق العمل، حيث أصبحت القدرة على الاستفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي ميزة تنافسية حاسمة.

تأسست Collibra في بلجيكا عام 2008، وتُعد من بين الشركات الرائدة في مجال حوكمة البيانات، حيث بلغت قيمتها 5.2 مليار دولار في عام 2021. وتخدم الشركة كبرى المؤسسات مثل ماكدونالدز، وكريدي سويس، وأدوبي، وهاينكن. وتأتي هذه التصريحات في وقت يشهد فيه قطاع التكنولوجيا تبنيًا متزايدًا للذكاء الاصطناعي في مختلف جوانب العمل.

أهمية الذكاء الاصطناعي في حوكمة البيانات

أوضح فان دي مايل أن المهارات المطلوبة في مجال الذكاء الاصطناعي تختلف باختلاف الوظيفة. فعلى سبيل المثال، يتوقع من المهندسين إظهار خبرة في استخدام أدوات مثل Cursor، وهي أدوات تعتمد على الذكاء الاصطناعي لمساعدة المطورين في كتابة التعليمات البرمجية. ويركز فان دي مايل على تقييم مدى اهتمام المتقدمين بالذكاء الاصطناعي واستعدادهم لتبني هذه الأدوات في عملهم.

وأضاف أن شركة Collibra، التي وصفها بأنها بمثابة “ServiceNow للبيانات”، شهدت زيادة كبيرة في تبني الذكاء الاصطناعي خلال العام الماضي. ويستخدم موظفو الشركة، الذين يبلغ عددهم حوالي 1000 شخص حول العالم، الذكاء الاصطناعي في مهام متنوعة، بدءًا من نسخ الاجتماعات وصولًا إلى بناء وكلاء ومساعدين مخصصين. الهدف هو تعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي لتغيير طريقة العمل وتحسين الكفاءة.

تحديات تبني الذكاء الاصطناعي في المؤسسات

في سوق المؤسسات، يرى فان دي مايل أن المكانة المثالية لشركته تكمن في توفير طبقة مستقلة قادرة على ربط كميات كبيرة من البيانات الخاصة بالشركة، مما يفتح الباب أمام إمكانات الذكاء الاصطناعي الحقيقية، وخاصةً وعد وكلاء الذكاء الاصطناعي. ويشير إلى أن الوصول إلى البيانات وتنظيمها يمثل تحديًا كبيرًا للموظفين، وهو تحدٍ مماثل يواجهه وكلاء الذكاء الاصطناعي.

ولضمان حصول العملاء على تجربة مخصصة، اعتمدت شركات مثل Palantir على نشر المهندسين بشكل مباشر. وتتبع OpenAI وغيرها من الشركات المصنعة للنماذج هذا النهج من خلال فرقها الخاصة. ومع ذلك، يرى فان دي مايل أن الاعتماد على نموذج واحد فقط قد يعيق الشركات عن مواكبة التطورات السريعة في مجال الذكاء الاصطناعي.

“إذا كنت بنكًا كبيرًا أو مؤسسة كبيرة، فإنني لا أريد أن أكون مرتبطًا بشكل كامل بمورد نموذج واحد، لأنه من يدري، ربما في الشهر المقبل سيكون هناك نموذج أفضل بخمس مرات أو أرخص بخمس مرات”، كما قال فان دي مايل. “أريد أن أتمتع بالمرونة اللازمة للتغيير. وهذا أمر استراتيجي مهم بالنسبة لي.” تعتبر هذه المرونة في اختيار النماذج من العوامل الرئيسية لضمان القدرة التنافسية في سوق الذكاء الاصطناعي المتطور.

بالإضافة إلى ذلك، يركز فان دي مايل على أهمية البيانات الوصفية (metadata) في نجاح تطبيقات الذكاء الاصطناعي. فالبيانات الوصفية الجيدة تسمح لوكلاء الذكاء الاصطناعي بفهم سياق البيانات واستخدامها بشكل فعال. وهذا يتطلب استثمارًا في أدوات وتقنيات حوكمة البيانات التي تضمن جودة البيانات الوصفية وتحديثها باستمرار. تعتبر جودة البيانات (data quality) من العوامل الأساسية التي تؤثر على دقة وموثوقية نتائج الذكاء الاصطناعي.

يتزايد الاهتمام بتقنيات التعلم الآلي (machine learning) والذكاء الاصطناعي التوليدي (generative AI) في مختلف القطاعات، مما يزيد من الطلب على المتخصصين في هذا المجال. وتشير التقديرات إلى أن سوق الذكاء الاصطناعي العالمي سيصل إلى تريليونات الدولارات في السنوات القادمة.

من المتوقع أن تستمر Collibra في الاستثمار في تطوير منصتها وتعزيز قدراتها في مجال الذكاء الاصطناعي. وستركز الشركة على توفير حلول متكاملة لحوكمة البيانات تساعد المؤسسات على الاستفادة من إمكانات الذكاء الاصطناعي بشكل آمن وفعال. وستراقب الصناعة عن كثب التطورات في مجال نماذج الذكاء الاصطناعي وكيفية تأثيرها على استراتيجيات حوكمة البيانات.

شاركها.