أطلق إيلون ماسك، الملياردير ورئيس شركة X (تويتر سابقاً)، سلسلة انتقادات حادة للاتحاد الأوروبي خلال عطلة نهاية الأسبوع، مما أثار جدلاً واسعاً حول تنظيم المحتوى الرقمي و**المسؤولية القانونية لمنصات التواصل الاجتماعي**. وتأتي هذه التصريحات بعد أيام قليلة من قرار مفوضية الاتحاد الأوروبي بتغريم منصة X مبلغ 120 مليون يورو (حوالي 140 مليون دولار أمريكي) بسبب “تصميم مُضلِّل” لعلامات التحقق الزرقاء.
واستفسر ماسك في أحد المنشورات عن المدة التي ستستغرقها “زوال الاتحاد الأوروبي”، مع هاشتاغ “#AbolishTheEU”. كما أيد دعوات لإجراء استفتاءات ملزمة بشأن بقاء الدول في التكتل، واصفاً إياها بأنها “فكرة جيدة”. و لم يكتفِ بذلك، بل أعاد نشر صورة ساخرة تقارن الاتحاد الأوروبي بالنظام النازي، معلقاً عليها بكلمة “تقريباً”.
تصعيد الخلاف بين إيلون ماسك والاتحاد الأوروبي
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي ينتقد فيها ماسك اللوائح الأوروبية. فقد شارك في وقت سابق مقطع فيديو له يصف فيه مقر الاتحاد الأوروبي بأنه “كاتدرائية عملاقة للبيروقراطية” وحذر من أن القارة تتعرض لـ “خنق بطيء بسبب الإفراط في التنظيم”، مؤكداً أن الابتكار يخنق تحت قواعد بروكسل. وكتب في منشور آخر: “البيروقراطية الأوروبية تخنق أوروبا ببطء حتى الموت”.
يأتي هذا التصعيد بعد أيام من قرار التغريم من قبل الاتحاد الأوروبي. ووفقاً للمفوضية الأوروبية، فإن ميزات التحقق في X كانت “مُضلّلة” لأنها سمحت للمستخدمين بالدفع للحصول على علامة “تم التحقق منه” دون تدقيق كافٍ من قبل الشركة، مما يجعل من الصعب على المستخدمين التمييز بين الحسابات الأصلية والمزيفة. هذا القرار هو نتيجة تحقيق استمر لمدة عامين في إطار قانون الخدمات الرقمية.
اتهم ماسك بروكسل مراراً وتكراراً بمحاولة “الرقابة” على X. وقبل تصريحاته الأخيرة بأوقات قصيرة، أعاد نشره لمقالة من نائب الرئيس الأمريكي JD Vance يحذر فيها الاتحاد الأوروبي من “مهاجمة الشركات الأمريكية”.
توضيح من المفوضية الأوروبية
في مؤتمر صحفي يوم الجمعة، أوضح توماس رينييه، المتحدث باسم المفوضية الأوروبية لشؤون السيادة التكنولوجية والدفاع والفضاء والبحث والابتكار، أن قرار التغريم “لا علاقة له بإدارة المحتوى”. وأكد أن الأمر يتعلق بـ “أحكام الشفافية للمواطنين”.
وأضاف رينييه أن المنصات نفسها تتخذ الغالبية العظمى من قرارات الإشراف – بما في ذلك أكثر من 118 مليون قرار على انستغرام و413 مليون على فيسبوك وحوالي 616 ألف قرار على X هذا العام في الاتحاد الأوروبي – و أن المفوضية الأوروبية ببساطة تقوم بتطبيق القانون الأوروبي من خلال “الإجراءات القانونية الواجبة”.
و لم ترد المفوضية الأوروبية على الفور على طلب بالتعليق من بيزنس إنسايدر.
الخلاف يتجاوز التحقق من الحسابات
لا يقتصر هذا الخلاف على قضية التحقق من الحسابات الزرقاء، بل يعكس توترات أوسع تتعلق بتنظيم المحتوى الرقمي وحرية التعبير على الإنترنت. وقد أثار قانون الخدمات الرقمية (DSA) الذي تم اعتماده في الاتحاد الأوروبي جدلاً كبيراً، حيث يفرض التزامات جديدة على منصات التواصل الاجتماعي للحد من انتشار المحتوى غير القانوني والضار. و يرى البعض أن هذا القانون يمثل تدخلاً مقبلاً من الاتحاد الأوروبي في حرية التعبير، بينما يعتبره آخرون خطوة ضرورية لحماية المستخدمين من الأضرار التي قد تنجم عن المحتوى المسيء والمعلومات المضللة.
تعد قضية **المسؤولية القانونية لمنصات التواصل الاجتماعي** من القضايا الشائكة التي تشغل بال المشرعين في جميع أنحاء العالم. فمن ناحية، يخشى البعض من تحميل المنصات مسؤولية كبيرة عن المحتوى الذي ينشره المستخدمون، مما قد يؤدي إلى الرقابة الذاتية وتقييد حرية التعبير. ومن ناحية أخرى، هناك قلق متزايد بشأن انتشار المحتوى غير القانوني والضار، مثل خطاب الكراهية والإرهاب والأخبار الكاذبة، والحاجة إلى محاسبة المنصات على عدم اتخاذ إجراءات كافية للحد منه.
بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاوف بشأن المنافسة العادلة في السوق الرقمية. ويزعم البعض أن المنصات الكبيرة تستغل قوتها المهيمنة لإقصاء المنافسين الأصغر حجماً وتقييد الابتكار. اللوائح الجديدة التي يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تطبيقها تهدف إلى معالجة هذه المخاوف وتعزيز المنافسة في السوق الرقمية.
من المرجح أن تستمر هذه المواجهة بين إيلون ماسك والاتحاد الأوروبي في المستقبل القريب، خاصة مع استمرار المفوضية الأوروبية في تطبيق قانون الخدمات الرقمية و فرض الغرامات على المنصات التي لا تلتزم به. و من المتوقع أن يتم النظر في استئناف X لقرار التغريم في الأشهر المقبلة. يجب مراقبة التطورات القادمة لمعرفة ما إذا كان هذا الخلاف سيؤدي إلى تغييرات كبيرة في طريقة تنظيم المحتوى الرقمي في أوروبا و في موقف منصات **التواصل الاجتماعي تجاه التنظيم الحكومي**.
و الجدير بالذكر أن هذا الجدل يضيف إلى الضغوط المتزايدة على X، التي تواجه تحديات في جذب المعلنين والحفاظ على قاعدة مستخدميها بعد تولي إيلون ماسك زمام الأمور.
