يشهد سباق الذكاء الاصطناعي (AI) منافسة متزايدة، حيث أعلنت شركة OpenAI عن حالة طوارئ (“كود أحمر”) بعدما حقق منافسها الرئيسي، جوجل، تقدمًا ملحوظًا في هذا المجال. يأتي هذا التطور بعد ثلاث سنوات من إعلان جوجل عن حالة مماثلة في أعقاب إطلاق ChatGPT، مما يسلط الضوء على التحولات السريعة في المشهد التكنولوجي.

التحول الملحوظ خلال السنوات الثلاث الماضية يظهر أن هيمنة OpenAI لم تعد مضمونة، مع ضغط متزايد من جوجل التي تسعى جاهدة لتقليص الفارق. هذا الوضع دفع سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لـ OpenAI، إلى إصدار مذكرة داخلية لموظفيه، تناقلتها المعلومات، تفيد بضرورة تركيز الجهود والموارد على ChatGPT وتأجيل تطوير منتجات أخرى.

جوجل تلاحق في سباق الذكاء الاصطناعي

يكمن جوهر المنافسة في نموذج Gemini 3 الذي أطلقته جوجل، والذي حظي بإشادة واسعة النطاق لقدراته المتطورة. أظهر النموذج أن جوجل لم تعد متخلفة بشكل كبير في مجال الذكاء الاصطناعي.

لم يقتصر تأثير هذا التقدم على OpenAI فقط، بل امتد أيضًا ليشمل شركة Nvidia، الرائدة في تصنيع الرقائق المستخدمة في الذكاء الاصطناعي، والتي اضطرت إلى الدفاع عن منتجاتها بعد تقارير عن تطورات جوجل في إنتاج الرقائق الخاصة بها.

أعلنت جوجل في نوفمبر الماضي أن Gemini لديه أكثر من 650 مليون مستخدم نشط شهريًا، وهو ما يمثل زيادة كبيرة مقارنة بـ 450 مليون مستخدم في يوليو. في المقابل، ذكرت OpenAI أن لديها ما يقرب من 800 مليون مستخدم نشط أسبوعيًا. هذه الأرقام تعكس تنافسًا شرسًا على قاعدة المستخدمين.

أشاد مارك بينيوف، الرئيس التنفيذي لشركة Salesforce، بتحسن Gemini 3 بشكل كبير، لدرجة دفعه إلى التخلي عن ChatGPT. ووصف Gemini بأنه “قفزة هائلة” في مجالات المنطق والسرعة والصور والفيديو، معتبرًا أن هذا التطور يمثل نقطة تحول جديدة في عالم التكنولوجيا.

في الشهر الماضي، أطلقت جوجل “Nano Banana Pro”، وهو مولد صور يعتمد على الذكاء الاصطناعي، وقدّم صورًا واقعية للغاية أثارت إعجاب المستخدمين الذين استخدموها لتخيل سيناريوهات مختلفة، مثل تجمع الرؤساء التنفيذيين لشركات التكنولوجيا أو ضيوف مشاهير على مائدة العشاء في عيد الشكر.

تشير مذكرة ألتمان، وفقًا لتقرير The Information، بشكل خاص إلى Gemini 3 وتعلن عن نموذج جديد قادم من OpenAI، والذي يزعم أنه تفوق على نموذج جوجل الرائد في الاختبارات، بالإضافة إلى إعطاء الأولوية لنموذج Imagegen لتوليد الصور لمستخدمي ChatGPT.

الموارد المالية وميزة المنصة

يستلزم تطوير الذكاء الاصطناعي استثمارات ضخمة، وهنا تتمتع جوجل بميزة واضحة بفضل تدفقاتها النقدية الهائلة من الإعلانات. على الرغم من خطط جوجل لإنفاق ما بين 91 مليار و 93 مليار دولار هذا العام على النفقات الرأسمالية، والتي تشمل تكاليف الذكاء الاصطناعي، إلا أنها حققت إيرادات بقيمة 100 مليار دولار في الربع الأخير فقط، منها 74.18 مليار دولار من إعلاناتها.

بالإضافة إلى ذلك، تستفيد جوجل من حجمها الهائل وقدرتها على التحكم في سلسلة تطوير الذكاء الاصطناعي بأكملها، بدءًا من البحث والتطوير وحتى تصنيع الرقائق والبنية التحتية السحابية الخاصة بها. وهذا يمنحها ميزة تنافسية كبيرة على OpenAI.

في المقابل، تواجه OpenAI تحديات في تمويل نفقاتها المتزايدة، حيث تشير التقديرات إلى أنها قد تحتاج إلى 1.4 تريليون دولار على مدى السنوات الثماني القادمة. رغم هذا، يعتقد ألتمان أن OpenAI ستتمكن من تحقيق إيرادات بقيمة 20 مليار دولار هذا العام، ويتوقع أن ترتفع إيراداتها السنوية إلى مئات المليارات في السنوات المقبلة. ومع ذلك، لا يزال نموذج عمل OpenAI في مجال الإعلانات قيد التطوير، وقد يتأثر بتأجيلات محتملة نتيجة أولويات الشركة الحالية.

على الرغم من أن OpenAI تتمتع بميزة البداية، إلا أن جوجل تمتلك ميزة منصة قوية. لقد حققت OpenAI بالفعل بعض الانتصارات المهمة هذا العام، بما في ذلك تطوير Sora، وهو تطبيق لتوليد الفيديو بالذكاء الاصطناعي، وإطلاق Atlas، وهو متصفح ويب يهدف إلى منافسة Google Chrome.

تحديات OpenAI الحالية تتعلق بتوفر القدرات الحاسوبية والطاقة اللازمة لتشغيل هذه التطورات. ذكر مسؤولو OpenAI أن القيود المفروضة على القدرات الحاسوبية تعيق إطلاق مبادرات أخرى، مثل توفير ميزة ChatGPT Pulse لجميع المستخدمين. كما أعلنت الشركة مؤخرًا عن تخفيضات كبيرة في عدد مقاطع الفيديو التي يمكن للمستخدمين المجانيين إنشاؤها يوميًا.

يظل ChatGPT مرادفًا للذكاء الاصطناعي، على غرار العلاقة بين جوجل والبحث عبر الإنترنت. من المرجح أن يساعد ذلك في الحفاظ على شعبيته وزيادة عدد التنزيلات، مما قد يحد من قدرة جوجل على إقناع المستخدمين بالتحول إلى Gemini أو منتجات الذكاء الاصطناعي الأخرى الخاصة بها.

ومع ذلك، فإن عادات المستخدمين قوية، حيث يعتمد الكثيرون بالفعل على منتجات وخدمات جوجل. تستفيد جوجل من هذه الميزة المنصتية لاستقطاب مستخدمي ChatGPT.

الوضع الحالي يُذكرنا بالديناميكية التاريخية في وادي السيليكون، حيث غالبًا ما تُحدث الشركات الناشئة ثورة في الأسواق القائمة. ومع نظرة OpenAI المتيقظة، نشهد الآن تسارعًا في سباق الذكاء الاصطناعي، حيث تستعيد جوجل عافيتها وتبرز كقوة منافسة.

من المتوقع أن تستمر المنافسة بين OpenAI وجوجل في التكثف خلال الأشهر القادمة، مع التركيز على تطوير نماذج ذكاء اصطناعي أكثر قوة وكفاءة، وتوسيع نطاق الوصول إلى المستخدمين، واستكشاف تطبيقات جديدة ومبتكرة. سيكون من المهم مراقبة التطورات في مجال الرقائق، وتكاليف الحوسبة، واللوائح الحكومية، حيث يمكن أن تؤثر هذه العوامل بشكل كبير على مستقبل سباق الذكاء الاصطناعي.

شاركها.