أطلقت شركة بالانتير، المتخصصة في تطوير البرمجيات، برنامجًا زماليًا جديدًا يستهدف الأفراد ذوي التباين العصبي، وذلك بعد انتشار مقطع فيديو يظهر الرئيس التنفيذي للشركة، أليكس كارب، وهو يواجه صعوبة في الجلوس بهدوء. يهدف هذا البرنامج إلى جذب المواهب المتميزة التي قد تفكر أو تتصرف بشكل مختلف عن المعتاد، مع التركيز على القيمة التي يمكن أن يضيفها هؤلاء الأفراد. ويأتي هذا الإعلان في وقت يزداد فيه الاهتمام بموضوع التباين العصبي في أماكن العمل.
أعلنت بالانتير عن البرنامج عبر منصة “إكس” (تويتر سابقًا) يوم الأحد، مشجعةً الأفراد الذين يشعرون بالارتباط بكارب – أي الذين يجدون صعوبة في الجلوس ساكنين أو التفكير بوتيرة أسرع من قدرتهم على الكلام – على التقديم. وأكدت الشركة أن الزمالة هي مسار توظيف للأفراد الموهوبين ذوي التباين العصبي، وأنها لا تعتبر مبادرة تنوع تقليدية.
ما هو التباين العصبي ولماذا يركز عليه أصحاب العمل؟
التباين العصبي هو مفهوم شامل يصف الاختلافات في وظائف الدماغ والأنماط السلوكية. ويشمل حالات مثل اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD)، والتوحد، ومتلازمة توريت، وعسر القراءة، وغيرها. يشير خبراء إلى أن الأفراد ذوي التباين العصبي غالبًا ما يمتلكون نقاط قوة فريدة، مثل القدرة على التفكير الإبداعي وحل المشكلات المعقدة، والانتباه الشديد للتفاصيل.
أصبح أصحاب العمل يدركون بشكل متزايد الفوائد المحتملة لتوظيف الأفراد ذوي التباين العصبي. فهم يمثلون مجموعة متنوعة من المهارات والمنظورات التي يمكن أن تعزز الابتكار وتحسين الأداء العام للشركة. بالإضافة إلى ذلك، فإن التركيز على التباين العصبي يعكس تحولًا في وجهات النظر حول ما يعتبر “طبيعيًا” في مكان العمل.
تفاصيل برنامج الزمالة
وفقًا لإعلان بالانتير، ستكون المقابلات النهائية للزمالة من قبل أليكس كارب شخصيًا. الزمالة متاحة في مدينتي نيويورك وواشنطن العاصمة، ويتراوح الراتب السنوي بين 110,000 و 200,000 دولار أمريكي. الشركة تؤكد أن الهدف هو استقطاب المواهب الاستثنائية، وليس مجرد تحقيق أهداف التنوع.
جاء إعلان بالانتير بعد أيام من جذب كارب للانتباه عبر الإنترنت بسبب لغة جسده أثناء مقابلة على خشبة المسرح في قمة DealBook التي نظمتها صحيفة نيويورك تايمز. علقت كاثرين بويل، الشريكة العامة في A16z، على الفيديو قائلةً إنه يجب على جميع معلمي رياض الأطفال في أمريكا مشاهدته لفهم التباين العصبي بشكل أفضل.
خلال المقابلة، دافع كارب عن أخلاقيات شركته التي تُعرف بسرّيتها، وأشاد بسياسات الهجرة التي يتبعها الرئيس السابق دونالد ترامب. وفي تصريحه الأخير، لم يحدد كارب أي شكل معين من أشكال التباين العصبي، ولكنه ذكر سابقًا أنه يعاني من عسر القراءة. وصرح في مقابلة مع مجلة Wired الشهر الماضي بأن “القيام بما يريده الجميع مني أصعب بالنسبة لشخص مثلي يعاني من عسر القراءة من شخص لا يعاني منه”.
تعتبر هذه الخطوة من بالانتير جزءًا من اتجاه أوسع نحو الاعتراف بقيمة التنوع العصبي في مكان العمل. وتشمل المبادرات الأخرى توفير أماكن عمل مرنة، وتدريب المديرين على فهم احتياجات الموظفين ذوي التباين العصبي، واستخدام أدوات تقنية مساعدة. كما أن هناك اهتمامًا متزايدًا بتطوير برامج توظيف مصممة خصيصًا للأفراد ذوي التباين العصبي، مثل برنامج بالانتير الجديد.
بالإضافة إلى التوظيف الشامل، فإن هذه الخطوة قد تؤثر على كيفية نظر الشركات الأخرى إلى التباين العصبي. فقد تشجع الشركات الأخرى على تبني سياسات وممارسات مماثلة، مما يؤدي إلى زيادة فرص العمل للأفراد ذوي التباين العصبي. كما يمكن أن يساعد في تغيير الصورة النمطية السلبية المرتبطة بالتباين العصبي، وتعزيز ثقافة أكثر تقبلاً وشمولية في مكان العمل.
من المتوقع أن تبدأ بالانتير في استقبال طلبات التقديم للزمالة قريبًا. وسيكون من المثير للاهتمام متابعة عدد المتقدمين المؤهلين، وكيف ستسير عملية التوظيف، وما إذا كانت هذه الزمالة ستؤدي إلى توظيف عدد كبير من الأفراد ذوي التباين العصبي. كما يجب مراقبة ما إذا كانت الشركات الأخرى ستتبع خطى بالانتير في تبني مبادرات مماثلة. يبقى أن نرى ما إذا كانت هذه الخطوة ستكون بداية حقبة جديدة من الشمولية في التوظيف.
