يشهد الاقتصاد العالمي تقلبات مستمرة، وتعد الأسواق الأوروبية من بين أكثر المؤثرات حساسية لهذه التغيرات. يوم الجمعة، كانت الأسواق الأوروبية على وشك تحقيق مكاسب للأسبوع الثالث على التوالي، مدفوعة بالأداء الإيجابي لـ وول ستريت، وتوقعات بتخفيضات إضافية في أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في عام 2026. هذا الأداء القوي يعكس تفاؤل المستثمرين وثقتهم في التعافي الاقتصادي.

أداء الأسواق الأوروبية الإيجابي وتأثير قرارات الفائدة الأمريكية

شهد المؤشر الرئيسي للأسهم الأوروبية، STOXX 600، ارتفاعًا بنسبة 0.4%، مقتربًا من تحقيق مستوى قياسي جديد على الإطلاق. كما حققت الأسواق الوطنية الرئيسية مكاسب ملحوظة، حيث ارتفع مؤشر IBEX الإسباني بنسبة 0.8%، و DAX الألماني بنسبة 0.6%. يعزى هذا الارتفاع بشكل كبير إلى قرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بتخفيض أسعار الفائدة، والذي اعتبره المستثمرون إشارة إيجابية إلى استقرار الاقتصاد الأمريكي.

قطاع البنوك يقود الارتفاع

كان قطاع البنوك من بين القطاعات الأفضل أداءً، حيث قفزت أسهم UBS بنسبة 4.4% لتصل إلى أعلى مستوى لها منذ 17 عامًا، بعد أن اقترح المشرعون السويسريون تخفيف القواعد الجديدة لرأس المال للبنك. هذا الدعم التنظيمي عزز ثقة المستثمرين في مستقبل البنك وأداءه المالي.

وول ستريت تدعم الأسواق الأوروبية

تلقت الأسواق الأوروبية دفعة قوية من المكاسب التي تحققت في الولايات المتحدة خلال الليلة الماضية، حيث أغلق مؤشرا S&P 500 و Dow Jones عند مستويات قياسية جديدة. يعكس هذا الأداء القوي تفاؤل المستثمرين بتعليقات الاحتياطي الفيدرالي، والتي اعتبرت أقل تشديدًا مما كان متوقعًا.

على الرغم من المخاوف المستمرة بشأن التقييمات المرتفعة لشركات التكنولوجيا، فقد تجاهل المستثمرون هذه المخاوف إلى حد كبير، حتى بعد التوقعات المخيبة للآمال من Oracle و Broadcom. يشير هذا إلى أن المستثمرين يركزون بشكل أكبر على الصورة الكبيرة للاقتصاد العالمي وتوقعات النمو المستقبلي.

ارتفاع أسعار المعادن وقطاعات أخرى مزدهرة

شهد قطاع الموارد الأساسية تقدمًا بنسبة 0.5%، مدفوعًا بارتفاع أسعار النحاس إلى مستوى قياسي جديد، وذلك بدعم من وعود الصين بتحفيز مالي إضافي وقرار الفيدرالي بتخفيض أسعار الفائدة. يعكس هذا الارتفاع الطلب المتزايد على المعادن من قبل أكبر اقتصاد في العالم، مما يشير إلى تحسن في النشاط الصناعي.

بالإضافة إلى ذلك، حققت قطاعات أخرى مكاسب، حيث ارتفعت أسهم Lufthansa بنسبة 5.5% بعد ترقية المحلل، وارتفعت أسهم شركات التجزئة مثل Adidas و Puma بأكثر من 2% بعد أخبار جيدة من نظيرتها الأمريكية، Lululemon Athletica. كانت LPP، وهي شركة تجزئة أزياء بولندية، هي الأفضل أداءً في STOXX 600، حيث ارتفعت بنسبة 11.2%. هذا التنوع في الأداء يعكس قوة الأسواق الأوروبية وقدرتها على التكيف مع الظروف الاقتصادية المتغيرة.

أداء العملات: الدولار في انخفاض والجنيه الإسترليني مستقر

على صعيد أسواق العملات، ظل الدولار الأمريكي مستقرًا يوم الجمعة، لكنه لا يزال يتجه نحو انخفاض أسبوعي ثالث على التوالي، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى توقعات بتخفيض أسعار الفائدة العام المقبل. هذا الانخفاض في قيمة الدولار يعزز القدرة التنافسية للصادرات الأوروبية ويجذب الاستثمار الأجنبي.

في المقابل، استقر الجنيه الإسترليني حتى بعد أن كشفت بيانات جديدة عن انكماش الاقتصاد البريطاني بشكل غير متوقع في الأشهر الثلاثة التي سبقت أكتوبر. قد يؤدي هذا التطور إلى زيادة التوقعات بتخفيضات مستقبلية في أسعار الفائدة من قبل بنك إنجلترا.

تفاصيل أداء مؤشرات العملات

تراجع مؤشر الدولار الأمريكي (DXY)، الذي يتتبع قيمة الدولار مقابل ست عملات رئيسية أخرى، بنسبة 0.64% هذا الأسبوع، وهو على وشك تسجيل أكبر انخفاض سنوي له منذ عام 2017، حيث انخفض بأكثر من 9% هذا العام.

في ظل ضعف الدولار، يتم تداول اليورو عند 1.1737 (بالقرب من أعلى مستوى له منذ شهرين)، والجنيه الإسترليني عند 1.3383 (بالقرب من أعلى مستوى له منذ سبعة أسابيع). في الوقت نفسه، انخفض الين الياباني قليلاً إلى 155.87 للدولار، وذلك قبل اجتماع بنك اليابان الأسبوع المقبل، حيث من المتوقع على نطاق واسع رفع أسعار الفائدة. ظل الفرنك السويسري مستقرًا عند 0.7951 للدولار، بعد ارتفاعه إلى أعلى مستوى له منذ ما يقرب من شهر يوم الخميس. هذه التحركات في أسعار الصرف تعكس التغيرات في السياسات النقدية والتوقعات الاقتصادية في مختلف البلدان.

نظرة مستقبلية على الأسواق الأوروبية

بشكل عام، تشير التطورات الأخيرة إلى أن الأسواق الأوروبية تتمتع بمكانة جيدة للاستفادة من التحسن في الاقتصاد العالمي وتوقعات تخفيض أسعار الفائدة. ومع ذلك، من المهم مراقبة المخاطر المحتملة، مثل التوترات الجيوسياسية والتضخم المستمر، والتي يمكن أن تؤثر على أداء الأسواق. يجب على المستثمرين أيضًا أن يكونوا على دراية بالتقييمات المرتفعة لبعض الشركات، وأن يتخذوا قرارات استثمارية مستنيرة بناءً على تحليل دقيق للظروف الاقتصادية والمالية. الاستثمار في الأسواق الأوروبية يتطلب دراسة متأنية وتقييمًا للمخاطر المحتملة، ولكن المكافآت يمكن أن تكون كبيرة.

لمزيد من المعلومات حول أداء الأسواق المالية، يمكنك زيارة [موقعك المالي هنا] أو [موقع آخر ذي صلة]. تابعونا للحصول على آخر التحديثات والتحليلات حول الأسواق الأوروبية والاقتصاد العالمي.

شاركها.