شهد سوق العملات الرقمية تقلبات حادة في الآونة الأخيرة، إلا أن المحللين يرون أن هذه الانخفاضات لا تعكس اتجاهاً طويل الأمد سلبياً، بل هي جزء طبيعي من دورات التصحيح في السوق. يركز التحليل على استمرار جاذبية البيتكوين كأصل استثماري على الرغم من التقلبات، مع ملاحظة تدفقات مؤسسية قوية ومشاركة حكومية متزايدة.
تحليل سوق البيتكوين: تصحيح طبيعي أم بداية اتجاه هابط؟
أكد إد إنجل، المحلل في شركة Compass Point Equity Research، أن الانخفاضات الأخيرة في سوق العملات الرقمية لا تمثل خروجاً عن المسار طويل الأجل، بل هي عملية “تصفية مراكز” نموذجية تحدث في كل دورة سوقية. تأتي هذه التصريحات في ظل تذبذب أسعار العملات الرقمية، مما أثار قلق المستثمرين.
على الرغم من هذه التقلبات، لا يزال سعر البيتكوين مرتفعاً بأكثر من 100٪ منذ بداية العام، مما يشير إلى قوة كامنة في الأصول الرقمية. يرى المحللون أن التقلبات الحالية تخفي الصورة الأكبر وتؤثر على سلوك المستثمرين.
عملية تصفية المراكز ودوران العملات
أشار إنجل إلى أن البيتكوين حقق أداءً استثنائياً على مدى السنوات القليلة الماضية. وخاصة في المراحل المتأخرة من الأسواق الصاعدة، بدأ المستثمرون الذين يحتفظون بكميات كبيرة من العملة لفترات طويلة في تصفية مراكزهم. تسارعت هذه العملية منذ شهر يوليو، وهي تعتبر عملية طبيعية تتكرر في كل دورة.
خلال هذه الفترة، تنتقل العملات من حائزيها على المدى الطويل (“المتمسكين”) إلى أيدي المضاربين على المدى القصير، الذين غالباً ما يخرجون من السوق عند أول علامة على الانخفاض. هذا التحول في الملكية يساهم في زيادة التقلبات.
تدفقات مؤسسية وحكومية مستمرة
على الرغم من انخفاض السوق، لم يختفِ الاهتمام بالشراء عند الانخفاض تماماً. أشار إنجل إلى أن التدفقات المؤسسية إلى البيتكوين كانت قوية طوال العام. على الرغم من تباطؤ تدفقات صناديق الاستثمار المتداولة (ETFs) في الشهر الماضي، إلا أن عمليات الشراء مستمرة على مستويي الحكومات والمؤسسات.
كمثال على ذلك، قامت حكومة ولاية تكساس بشراء البيتكوين الأسبوع الماضي، واتخذت جامعة هارفارد مواقف كبيرة، وحتى البنك الوطني التشيكي أنشأ محفظة بيتكوين. ويرى المستثمرون المؤسسيون في هذه المستويات فرصاً استثمارية، على الرغم من التقلبات.
تقييم استثمارات الشركات في العملات الرقمية
أوضح إنجل أن “قابلية الاستثمار” للشركات المتداولة علناً التي تحتفظ بالعملات الرقمية تختلف من شركة إلى أخرى. أكد أن مايكل سايلور وإدارته في Strategy (التي كانت تعرف سابقاً باسم MicroStrategy) قد أثبتوا مهاراتهم في إدارة المخاطر على مدى دورات متعددة. تمكن سايلور من تطوير حلول إبداعية للحفاظ على الشركة وجمع رأس مال إضافي بشروط مواتية.
ومع ذلك، أشار إنجل إلى أن شركات أخرى تحتفظ بثروات من العملات الرقمية لا تتمتع بنفس السمعة الطيبة. لقد دخل العديد من اللاعبين الجدد إلى هذا المجال، خاصة مع تدفق الأموال الجديدة، ولكن ليس جميعهم لديهم استراتيجية مستدامة أو سجل أداء سابق.
تعتبر الاستثمارات في العملات المشفرة، بما في ذلك البيتكوين، ذات مخاطر عالية، ويجب على المستثمرين إجراء أبحاثهم الخاصة قبل اتخاذ أي قرارات استثمارية. تعتبر الاستثمارات البديلة مثل الأصول الرقمية خياراً جذاباً للبعض، ولكنها تتطلب فهماً عميقاً للسوق.
من المهم أيضاً مراقبة التطورات التنظيمية المتعلقة بالعملات الرقمية، حيث يمكن أن تؤثر بشكل كبير على أسعارها وتقلباتها. تتجه العديد من الدول إلى وضع أطر تنظيمية للعملات الرقمية، مما قد يؤدي إلى زيادة الشفافية والثقة في السوق.
في الختام، من المتوقع أن يستمر سوق العملات الرقمية في التذبذب على المدى القصير، مع استمرار التدفقات المؤسسية والحكومية في دعم الأسعار. ومع ذلك، لا تزال هناك العديد من العوامل غير المؤكدة، مثل التطورات التنظيمية والظروف الاقتصادية العالمية، التي يمكن أن تؤثر على مستقبل السوق. يجب على المستثمرين مراقبة هذه العوامل عن كثب واتخاذ قرارات استثمارية مستنيرة.
