يبدو أن عام 2025 قد يمثل نقطة تحول في الأسواق المالية العالمية، حيث يشير محللون إلى بداية تراجع الهيمنة الأمريكية. فقد صرح رون تيمبل، كبير استراتيجيي السوق في لازارد، بأن هذا العام يمثل بداية نهاية “الاستثناء الأمريكي” في الأسواق المالية، مما قد يدفع المستثمرين إلى تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي والتفكير في بيع الأصول الأمريكية في السنوات القادمة. هذا التحول المحتمل في الاستثمار يثير تساؤلات حول مستقبل السوق الأمريكي.
جاءت تصريحات تيمبل خلال مقابلة مع شبكة سي إن بي سي، وأشار فيها إلى أن المخاوف المتزايدة بشأن الأداء الاقتصادي الكلي للولايات المتحدة هي المحرك الرئيسي لهذا التوجه. وتتفاقم هذه المخاوف بسبب عوامل متعددة، بما في ذلك الديون المتزايدة والسياسات النقدية المعقدة، مما يؤثر على جاذبية الاستثمار في الأصول الأمريكية.
مخاوف بشأن مستقبل الاستثمار في السوق الأمريكي
هناك عدة أسباب تدفع تيمبل إلى الاعتقاد بأن المستثمرين مستعدون لإعادة تقييم تعرضهم للاستثمارات الأمريكية. وتشمل هذه الأسباب الضغوط المتزايدة على الاحتياطي الفيدرالي، بالإضافة إلى المخاوف بشأن مستويات الديون الوطنية.
الاحتياطي الفيدرالي ومصداقيته
ازدادت التساؤلات حول مصداقية الاحتياطي الفيدرالي هذا العام، خاصة مع الضغوط السياسية التي يتعرض لها لخفض أسعار الفائدة بشكل كبير. قد يؤدي هذا الإجراء إلى تفاقم التضخم، وهو ما يثير قلق المستثمرين.
يواجه البنك المركزي تحديًا صعبًا في الموازنة بين دعم سوق العمل والسيطرة على ارتفاع الأسعار. على الرغم من خفض أسعار الفائدة ثلاث مرات هذا العام، إلا أن معدل التضخم لا يزال فوق هدف 2٪ الذي يسعى إليه الاحتياطي الفيدرالي.
الديون الوطنية المتصاعدة
بلغ الدين الوطني الأمريكي مستوى قياسيًا بلغ 38 تريليون دولار هذا العام، مما زاد من المخاوف بشأن الاستدامة المالية للولايات المتحدة.
يعتقد البعض أن هذا الارتفاع في الديون قد يكون سببًا في ارتفاع عوائد السندات الحكومية، حتى مع قيام البنك المركزي بخفض أسعار الفائدة. يرى المستثمرون أن هناك خطرًا متزايدًا من التضخم مع استمرار العجز الحكومي وارتفاع الاقتراض.
يتوقع تيمبل أن يبدأ المستثمرون في التحوط من مخاطر العملة أولاً، من خلال تقليل تعرضهم للدولار الأمريكي. وقد لوحظ بالفعل اهتمام متزايد من جانب المستثمرين بتقليل حيازتهم من الدولار.
في نهاية المطاف، قد يبدأ المستثمرون في بيع الأصول الأمريكية مثل سندات الخزانة والأسهم. وقد لمحت الأحداث الأخيرة، مثل إعلان الرئيس ترامب عن الرسوم الجمركية في أبريل، إلى هذا السيناريو، حيث أدى ذلك إلى بيع مكثف للأسهم والسندات الأمريكية.
وأضاف تيمبل أنه يعتقد أن سندات الخزانة الأمريكية ستُنظر إليها بشكل متزايد على أنها أصول ائتمانية وليست أصولاً خالية من المخاطر. وهذا يمثل تحولًا كبيرًا في طريقة نظر المستثمرين إلى هذه الأصول التقليدية الآمنة.
لقد كان الأداء القوي للاقتصاد الأمريكي موضوع نقاش واسع في وول ستريت هذا العام. ومع ذلك، يرى عدد متزايد من المحللين أن السوق الأمريكي أصبح أقل جاذبية بسبب المخاوف بشأن الرسوم الجمركية، وقوة الاقتصاد، وزيادة الإنفاق الحكومي.
في مذكرة موجهة إلى العملاء الشهر الماضي، ذكر بنك جولدمان ساكس أنه يعتقد أن السوق الأمريكي سيشهد بعضًا من أسوأ العوائد على مدى العقد المقبل مقارنة بالأسواق الأخرى حول العالم.
كما أشار محللون في بنك أوف أمريكا وأبولو إلى أن عوائد مؤشر S&P 500 قد تكون قريبة من الصفر خلال السنوات العشر القادمة، مع تزايد المخاوف بشأن “عقد ضائع” للسوق الأمريكي.
تشير التوقعات الحالية إلى أن المستثمرين قد يراقبون عن كثب تطورات السياسة النقدية الأمريكية، ومستويات الديون الحكومية، وأي تغييرات في السياسة التجارية. من المتوقع أن تكون هذه العوامل حاسمة في تحديد مستقبل الاستثمار في الولايات المتحدة خلال الفترة القادمة.
من المهم ملاحظة أن هذه التوقعات تخضع لدرجة من عدم اليقين، وأن التطورات الاقتصادية والسياسية غير المتوقعة يمكن أن تغير مسار الأمور.
