وسط حالة من عدم اليقين الاقتصادي العالمي، يقدم المستثمر المخضرم جيفري جوندلاخ، المعروف بـ “ملك السندات”، توصياته بشأن كيفية توزيع المحافظ الاستثمارية. حذر جوندلاخ، الرئيس التنفيذي لشركة DoubleLine Capital، من المخاطر المتزايدة في قطاع الائتمان الخاص وأسواق الأسهم الأمريكية، مقترحًا استراتيجية تهدف إلى تحقيق التوازن بين النمو والحماية في ظل هذه الظروف. ويهدف هذا التوزيع إلى مساعدة المستثمرين على التنقل في البيئة الاقتصادية المضطربة الحالية.

أدلى جوندلاخ بهذه التصريحات خلال مقابلة مع قناة Fox Business، حيث أوصى بتقسيم المحافظ الاستثمارية إلى أربعة أقسام رئيسية. وتأتي هذه التوصيات في وقت يراقب فيه المستثمرون عن كثب التضخم وأسعار الفائدة وسياسات البنوك المركزية حول العالم. يشدد جوندلاخ على أهمية الحذر في هذه المرحلة، مع الأخذ في الاعتبار التحديات المحتملة التي قد تواجه الأسواق.

توزيع الأصول المقترح: نصائح من “ملك السندات”

توصيات جوندلاخ تركز على تنويع الأصول وتقليل التعرض للمخاطر المحتملة، مع الاستفادة من الفرص المتاحة في الأسواق المختلفة. يؤكد على أهمية تخصيص جزء من المحفظة للأصول التي يمكن أن تحافظ على قيمتها أو تزيد منها في حالة حدوث تراجع في الأسواق.

1. النقد: 20%

يوصي جوندلاخ بتخصيص 20% من المحفظة للاحتفاظ بالنقد. يعتبر النقد ملاذاً آمناً في أوقات الاضطراب الاقتصادي، ويمنح المستثمرين المرونة للاستفادة من فرص الشراء عندما تنخفض الأسعار. ويتيح الاحتفاظ بالنقد أيضًا تغطية النفقات غير المتوقعة وتجنب البيع القسري للأصول في حالة الحاجة.

2. الأسهم: 40% (مع التركيز على الأسواق الخارجية والناشئة)

يقترح جوندلاخ تخصيص 40% من المحفظة للاستثمار في الأسهم، ولكن مع التركيز بشكل خاص على الأسواق الخارجية والناشئة. يأتي هذا التوصية في ظل مخاوفه بشأن تآكل قيمة الدولار الأمريكي بسبب التحول العالمي بعيدًا عن العملات الورقية. كما أن الأسهم في الأسواق الناشئة قد تقدم عوائد أعلى، ولكنها عادةً ما تكون مصحوبة بمخاطر أكبر.

3. الأصول الحقيقية: 10-15%

يرى جوندلاخ أن تخصيص 10-15% من المحفظة للأصول الحقيقية يعتبر خطوة حكيمة. ويشير بشكل خاص إلى الذهب، الذي يعتبره وسيلة للتحوط ضد التضخم وتقلبات الأسعار. وقد صرح سابقًا بأن تخصيص ما يصل إلى 25% من المحفظة للذهب ليس “مفرطًا”، على الرغم من أنه قلل من هذه التوصية بعد انخفاض أسعار الذهب في أكتوبر. تشمل الأصول الحقيقية أيضًا العقارات والسلع الأخرى.

4. السندات: 25%

يوصي جوندلاخ بتخصيص 25% من المحفظة للاستثمار في السندات طويلة الأجل، مع التركيز على السندات ذات آجال استحقاق 10 سنوات. ويشير أيضًا إلى إمكانية الاستثمار في الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري التجاري (CMBS)، التي تشهد حاليًا أداءً جيدًا بسبب تحسن معنويات قطاع العقارات التجارية. الاستثمار في **السندات** يعتبر جزءًا أساسيًا من استراتيجية جوندلاخ لتحقيق الاستقرار في المحفظة.

بالإضافة إلى توصياته بشأن توزيع الأصول، حذر جوندلاخ من عدة مخاطر محتملة يجب على المستثمرين مراعاتها. وأشار إلى الضغوط المتزايدة في قطاع الائتمان، حيث بدأت هوامش الائتمان في الاتساع، مما يشير إلى أن المستثمرين بدأوا في تسعير الديون المؤسسية بعائد أعلى. كما حذر من “الإقراض المشبوه” في مجال الائتمان الخاص، معتقدًا أن الأزمة المالية التالية قد تتشكل في هذا القطاع.

علاوة على ذلك، أعرب جوندلاخ عن قلقه بشأن ارتفاع مستويات الديون في الولايات المتحدة وتزايد الحديث عن فقاعة في أسواق الأسهم مدفوعة بالذكاء الاصطناعي (AI). ويرى أن تقييمات الأسهم المرتفعة قد تؤدي إلى تصحيح حاد في المستقبل. وهذه المخاوف تتوافق مع تحذيرات خبراء آخرين بشأن المخاطر المحتملة في الأسواق.

يشار إلى أن خبراء آخرين في السوق قد أوصوا أيضًا المستثمرين بالتحول نحو استثمارات أكثر دفاعية في الآونة الأخيرة، خاصة مع تراجع أداء قطاع التكنولوجيا. فقد نصح ديفيد روش، وهو استراتيجي متمرس ورئيس أبحاث سابق في مورغان ستانلي، المستثمرين بالبحث عن ملاذ آمن في الأصول الصلبة والأصول الحقيقية وأسهم الطاقة والدفاع. كما أوصى الملياردير مارك موبيوس المستثمرين بتوجيه استثماراتهم نحو الأسواق الناشئة في ظل تزايد المخاطر في قطاع الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة.

في الختام، يقدم جيفري جوندلاخ رؤية حذرة ولكن واقعية بشأن الأسواق العالمية. من المتوقع أن يستمر المستثمرون في تقييم توصياته بعناية بينما يراقبون التطورات الاقتصادية والسياسية. ما يجب مراقبته في المستقبل القريب هو مسار التضخم، وقرارات البنوك المركزية بشأن أسعار الفائدة، والتطورات في قطاع الائتمان الخاص وتقييمات شركات الذكاء الاصطناعي. هذه العوامل ستلعب دورًا حاسمًا في تحديد اتجاه الأسواق في الأشهر المقبلة.

شاركها.