يشكل الدين المتزايد مصدر قلق متنامٍ في السيناريو السلبي لنمو الذكاء الاصطناعي، ويعد مقلقًا بما يكفي لدرجة أن أحد كبار الاقتصاديين يقول إنه يجب اعتباره خطرًا على النظام المالي الأوسع إذا ساءت الأمور في قطاع التكنولوجيا. وقد حذر الاقتصادي مارك زاندي، من شركة موديز أناليتيكس، بشأن هذا الأمر، مشيراً إلى أن حجم الاقتراض الحالي لشركات الذكاء الاصطناعي قد يتسبب في أضرار جسيمة إذا لم تتمكن هذه الشركات من الوفاء بتوقعات المستثمرين.

تزايد الديون في قطاع الذكاء الاصطناعي

أكد مارك زاندي، كبير الاقتصاديين في موديز أناليتيكس، على أن الشركات الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي تتجه إلى تحمل مستويات عالية من الديون من خلال إصدار سندات قياسية في عام 2025، متجاوزة بذلك حجم الاقتراض الذي قامت به شركات التكنولوجيا في السنوات التي سبقت انفجار فقاعة الإنترنت. وأشار إلى أن هذا الاقتراض ليس مجرد إعادة تمويل لديون قائمة، بل هو زيادة في الاقتراض مع اشتداد المنافسة على حصة في سوق الذكاء الاصطناعي المزدهر.

وفقًا لزاندي، فإن حجم الإصدارات من السندات من قبل جميع شركات التكنولوجيا، بما في ذلك شركات الذكاء الاصطناعي وشركات الاتصالات التي قامت بمعظم عمليات الاقتراض حول عام 2000 لتوسيع نطاق الإنترنت، يفوق بكثير حجم الإصدارات التي تمت في فترة ما قبل انفجار فقاعة الإنترنت.

مخاطر محتملة على الاقتصاد العالمي

ويشدد زاندي على أن هذا الارتفاع في الديون يمثل خطرًا كبيرًا على الأسواق الأوسع والاقتصاد بشكل عام. ويقول إن “الاقتراض من قبل شركات الذكاء الاصطناعي يجب أن يكون على رادار الشاشة كتهديد محتمل متزايد للنظام المالي والاقتصاد الأوسع”.

تأتي تصريحات زاندي في أعقاب تحذيرات مماثلة من قبل مراقبين آخرين، الذين أعربوا عن قلقهم بشأن الإنفاق الهائل على البنية التحتية للذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات. ويخشى هؤلاء النقاد أنه حتى بالنسبة للشركات الرائدة في الصناعة، فإن العائد على الاستثمار في الذكاء الاصطناعي غير مؤكد، وأن الجدوى الاقتصادية لهذه التكنولوجيا يمكن أن تنقلب بسهولة، كما حدث للعديد من شركات الإنترنت في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

يعتقد زاندي أن عدم قدرة الشركات على تلبية التوقعات المتزايدة يمكن أن يؤدي إلى انخفاض أسعار الأسهم، والتأثير سلبًا على أسهم التكنولوجيا الأخرى، وتقويض الثقة في الصناعة بأكملها.

الاستثمار في البنية التحتية يعتبر أيضًا مجالًا مثيرًا للقلق، حيث يتطلب تطوير وتشغيل مراكز البيانات الضخمة استثمارات رأسمالية كبيرة. العديد من الشركات تتوسع بسرعة في هذا المجال، مما يزيد من ارتكازها على الديون.

التباين بين فقاعة الإنترنت الحالية والماضية

يشير زاندي إلى أن انهيار فقاعة الإنترنت في عام 2000 كان له تأثير كبير على المستثمرين في الأسهم بشكل أساسي. ومع ذلك، مع ارتفاع مستويات الديون في الوقت الحالي، فإن أي حدث مدفوع بالذكاء الاصطناعي سيشعر به على نطاق أوسع عبر الأسواق المالية، مما يزيد من المخاطر النظامية. قد تتسبب هذه المخاطر في انتشار الأزمة إلى قطاعات اقتصادية أخرى.

التقييمات المبالغ فيها: يرى الكثير من المحللين أن أسعار أسهم بعض شركات الذكاء الاصطناعي قد ارتفعت بشكل مبالغ فيه، مما يجعلها عرضة لتصحيح حاد في المستقبل. يمكن أن يؤدي هذا التصحيح إلى رد فعل عنيف في الأسواق المالية.

النظرة المستقبلية

من المتوقع أن يستمر زاندي في مراقبة تطورات سوق الذكاء الاصطناعي عن كثب، مع التركيز بشكل خاص على مستويات الديون والتقييمات. وسيشارك نتائج تحليله مع الجمهور، بهدف تسليط الضوء على المخاطر المحتملة التي قد تؤثر على النظام المالي والاقتصاد العالمي. يركز الاهتمام الآن على تقارير الأرباح القادمة لشركات الذكاء الاصطناعي الرئيسية بعد نهاية الربع الأول من عام 2026، والتي ستكون مؤشرًا حاسمًا على قدرتها على تحقيق النمو المتوقع وتبرير مستويات الديون الحالية.

لا تزال الصورة الاقتصادية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي غير واضحة، وهناك العديد من العوامل التي يمكن أن تؤثر على مسار تطورها. من بين هذه العوامل التطورات التكنولوجية، والسياسات الحكومية، والظروف الاقتصادية العالمية. من الضروري أن نكون على دراية بهذه العوامل وأن نتخذ خطوات استباقية لإدارة المخاطر المحتملة.

شاركها.