شهدت أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى انخفاضًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة، مدفوعةً بتوقعات بأن ذروة النمو قد ولت وأن تصحيحًا في أسعار أسهم شركات الذكاء الاصطناعي المرتفعة وشيك. يثير هذا الانخفاض قلق المستثمرين بشأن مستويات الديون المتزايدة لدى هذه الشركات، وما قد يعنيه ذلك لمستقبل القطاع. تعتبر هذه القضية، وهي أسهم شركات التكنولوجيا، محور اهتمام كبير في الأسواق المالية حاليًا.

تزايدت المخاوف بشأن قدرة شركات الذكاء الاصطناعي على سداد ديونها في حال تباطأ النمو أو تأخر تحقيق الإيرادات المتوقعة. تأتي هذه التطورات في وقت تسعى فيه الشركات جاهدةً لتوسيع نطاق عملياتها بسرعة والتفوق على منافسيها، مما يدفعها إلى اللجوء إلى الاقتراض بشكل مكثف.

مخاطر الديون المتزايدة في قطاع الذكاء الاصطناعي

يرى جوليان إيمانويل، رئيس قسم استراتيجية الأسهم في Evercore ISI، أن المستويات المرتفعة من الديون أصبحت مصدر قلق حقيقي، خاصةً لأولئك الذين يتذكرون فقاعة الإنترنت في أواخر التسعينيات. وأوضح إيمانويل في تصريحات لـ Bloomberg TV أنه على الرغم من استمراره في التفاؤل بشأن القطاع، إلا أنه يعتقد أن المستثمرين يقارنون بشكل صحيح العصر الحالي من الإنفاق على الذكاء الاصطناعي بحماسة الإنترنت في عام 2000.

وأضاف إيمانويل: “في أواخر التسعينيات، كانت المشكلة مع انفجار الفقاعة، بالإضافة إلى رفع أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، هي أن الكثير من التوسع تم تمويله من قبل شركات كانت تتكبد ديونًا ولا تحقق إيرادات في المقابل.” ويشير هذا إلى تشابه مقلق بين الماضي والحاضر، حيث تتسارع وتيرة إصدار الديون بينما تتسابق شركات التكنولوجيا لتوسيع نطاق عملياتها.

زيادة الاقتراض من قبل شركات التكنولوجيا الكبرى

شهدت الفترة الأخيرة إقبالًا متزايدًا من شركات التكنولوجيا على أسواق الديون للحصول على التمويل، حيث تصدرت شركات مثل أمازون وميتا وأوراكل طوفانًا عالميًا من إصدارات السندات في عام 2025. هذا الاقتراض الضخم، جنبًا إلى جنب مع حالة عدم اليقين بشأن العائد على الاستثمار، قد يثير قلق بعض المستثمرين.

بالإضافة إلى ذلك، لم تعد هذه الشركات تستفيد من أسعار الفائدة المنخفضة التي كانت سائدة في السابق، مما قد يمثل مشكلة إضافية إذا بدأ سوق الذكاء الاصطناعي في فقدان زخمه. الذكاء الاصطناعي، على الرغم من إمكاناته الهائلة، لا يزال قطاعًا ناشئًا يحمل في طياته مخاطر كبيرة.

تاريخ إيمانويل في توقع الفقاعات

يُعرف إيمانويل بقدرته على اكتشاف الفقاعات في السوق. ففي عام 2019، وصف سوق السندات الحكومية بأنه “أكبر فقاعة على الإطلاق”، متوقعًا أنها قد تؤدي إلى خسائر كبيرة للمستثمرين. كما حذر، قبل بضعة أشهر، من أن المستثمرين كانوا متفائلين للغاية بشأن أرباح الربع الثاني، متوقعًا تصحيحًا في السوق بنسبة تصل إلى 15٪.

على الرغم من حذره بشأن قضية ديون الذكاء الاصطناعي، لا يزال إيمانويل يرى فرصًا جذابة للمستثمرين القادرين على تحمل بعض المخاطر. ويرى أن الاستثمار في التكنولوجيا لا يزال ممكنًا، ولكن بحذر.

وقال: “من وجهة نظر التقييم، وعلى الرغم من كل القلق، مقارنة بأواخر التسعينيات، فإن هذه الأسماء ليست رخيصة، ولكنها بالتأكيد ليست باهظة الثمن مقارنة بتاريخها الخاص.” يشير هذا إلى أن هناك قيمة كامنة في بعض أسهم شركات التكنولوجيا، ولكن يجب على المستثمرين إجراء تقييم دقيق للمخاطر قبل اتخاذ أي قرار.

تأثير أسعار الفائدة على قطاع التكنولوجيا

تعتبر أسعار الفائدة عاملاً حاسماً في تقييم شركات التكنولوجيا، حيث أن ارتفاعها يزيد من تكلفة الاقتراض ويقلل من جاذبية الاستثمار في الشركات ذات الديون المرتفعة. الأسواق المالية تتابع عن كثب تطورات أسعار الفائدة وتأثيرها على قطاع التكنولوجيا.

من ناحية أخرى، يمكن أن يؤدي انخفاض أسعار الفائدة إلى تحفيز الاستثمار وزيادة الطلب على أسهم شركات التكنولوجيا. ومع ذلك، فإن الوضع الحالي يشير إلى أن أسعار الفائدة قد تظل مرتفعة لفترة أطول، مما يزيد من الضغوط على شركات التكنولوجيا المثقلة بالديون.

في الختام، يظل مستقبل قطاع الذكاء الاصطناعي غير مؤكد، حيث تتزايد المخاوف بشأن مستويات الديون المرتفعة واحتمال تباطؤ النمو. من المتوقع أن يراقب المستثمرون عن كثب أداء الشركات في الأرباح القادمة، بالإضافة إلى تطورات أسعار الفائدة، لتقييم المخاطر واتخاذ قرارات استثمارية مستنيرة. سيحدد مدى قدرة هذه الشركات على إدارة ديونها وتحقيق الإيرادات المتوقعة مسارها في الأشهر والسنوات القادمة.

شاركها.