بيرت ماير، العقل المدبر وراء ألعاب الطفولة المحبوبة مثل روك ‘إم سوك ‘إم روبوتات ولايت برايت، رحل عن عالمنا عن عمر يناهز 99 عامًا. ترك ماير، الذي توفي في 30 أكتوبر، إرثًا دائمًا في عالم الألعاب، حيث أثرت إبداعاته في حياة أجيال من الأطفال. هذا المقال يستعرض حياة ومسيرة هذا المخترع المبدع، وكيف استغل فرصة ازدهار صناعة الألعاب في فترة ما بعد الحرب.
عصر البلاستيك وتغيير طريقة اللعب
في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، شهدت الولايات المتحدة طفرة في استخدام البلاستيك والإنتاج الضخم. هذا التطور أحدث ثورة في صناعة الألعاب، حيث أصبحت الألعاب أكثر أمانًا، وأقل تكلفة، وأكثر إثارة للاهتمام. بيرت ماير كان من أوائل من استغلوا هذه الفرصة، وقدموا ألعابًا مبتكرة استحوذت على قلوب الأطفال. قبل ماير، كانت الألعاب غالبًا ما تُصنع من الخشب أو المعدن، وكانت أكثر محدودية في التصميم.
من الأضواء الملونة إلى Lite-Brite: قصة نجاح
أحد أشهر اختراعات بيرت ماير هي لعبة Lite-Brite، التي أطلقت في عام 1967. جاءت فكرة هذه اللعبة بشكل غير متوقع. بينما كان ماير يمشي في مانهاتن مع مارفن جلاس، صاحب شركة ألعاب رائدة، لفت انتباههما نافذة عرض مليئة بالأضواء الملونة. لاحظ ماير إمكانية تحويل هذه الأضواء إلى لعبة آمنة وممتعة للأطفال.
تحديات التصميم والابتكار
لم يكن الأمر بهذه البساطة. واجه فريق التصميم تحديًا كبيرًا في التأكد من أن المصابيح الكهربائية آمنة للاستخدام من قبل الأطفال. وفقًا لتيم والش، الذي أجرى مقابلة مع ماير في كتابه “Timeless Toys”، أصر ماير على أن ذلك ممكن، وهذا الإصرار وحده هو ما دفع المشروع إلى الأمام. نجح ماير في تصميم صندوق صغير بإضاءة خلفية وأوراق سوداء مثقبة، مما سمح للأطفال بإنشاء رسومات وأنماط ملونة ومضيئة.
Lite-Brite حققت نجاحًا ساحقًا، وأصبحت من الألعاب الكلاسيكية التي يعرفها الجميع. لقد تم إدراجها في قائمة مجلة تايم لأعظم 100 لعبة، كما تم تكريمها في قاعة المشاهير بالمتحف الوطني القوي للعب. والأكثر من ذلك، أن الإصدارات الجديدة من Lite-Brite لا تزال تباع حتى اليوم، مما يدل على شعبية اللعبة الدائمة.
روك ‘إم سوك ‘إم روبوتات: إعادة تصور لعبة الملاكمة
لم يقتصر إبداع بيرت ماير على Lite-Brite فقط. لعب دورًا محوريًا في إعادة تصور لعبة ملاكمة أركيد ضخمة لتناسب الاستخدام المنزلي. توقفت الشركة عن تطوير اللعبة الأصلية بعد مأساة وفاة ملاكم إثر إصابة في الدماغ. اعتقد قادة الشركة أن أي لعبة تثير هذه المأساة لن تكون قابلة للتسويق.
لكن ماير لم يستسلم. اقترح تغييرًا بسيطًا ولكنه جذري: استبدال الملاكمين البشريين بروبوتات. وفقًا لما ذكره في مقابلة عام 2010، قال: “هذا أمر جيد للغاية بحيث لا يمكن تفويته”. “دعونا ننتزعها من الإنسانية، لنجعلها روبوتات. ولن نجعلهم يسقطون، سيكون لدينا شيء مضحك يحدث.”
النتيجة كانت لعبة “Rock ‘Em Sock ‘Em Robots”، التي سرعان ما أصبحت واحدة من أشهر الألعاب في تاريخ صناعة الألعاب. تعتمد اللعبة على مبارزة روبوتية بسيطة، حيث يتحكم اللاعبون في قبضة كل روبوت عن طريق الضغط على الأزرار. يفوز اللاعب الذي يتمكن من ضرب فك الروبوت المنافس، مما يؤدي إلى ظهور الرأس المحمل بنابض بشكل مسرحي. اللعبة تركت بصمة قوية على الثقافة الشعبية، وظهرت حتى في فيلم “Toy Story 2”. وفي عام 2021، أعلنت شركة Mattel عن خطط لإنتاج فيلم حركة حية مقتبس من اللعبة.
ما بعد الألعاب: شغف بالطيران
في منتصف الثمانينيات، أسس بيرت ماير شركته الخاصة، Meyer/Glass Design، والتي طورت العديد من الألعاب والأدوات التعليمية الأكثر مبيعًا، بما في ذلك “Gooey Louie” ولعبة اللوحة “Pretty Pretty Princess”. تولى ابنه، ستيف ماير، إدارة الشركة حتى عام 2006.
بعد تقاعده من صناعة الألعاب، لم يتخل ماير عن شغفه بالابتكار والتصميم. انتقل إلى داونرز جروف، إحدى ضواحي شيكاغو، حيث بنى طائرات صغيرة وقادها ببراعة من مطار خاص قريب حتى الثمانينات من عمره. دائمًا ما كان يقارن بين هندسة الطيران وتصميم الألعاب، مؤكدًا أن كلاهما يتطلب الإبداع والعمل الجماعي.
إرث دائم من المرح والإلهام
لقد كان بيرت ماير أكثر من مجرد مصمم ألعاب. لقد كان صاحب رؤية، ومبتكرًا، ورائدًا في مجال الترفيه. أثرت ألعابه على حياة الملايين من الأطفال حول العالم، وألهمت أجيالًا من المصممين والمهندسين
