ألمانيا تشتهر بتقاليد عيد الميلاد الغنية، ومن بين هذه التقاليد، يبرز نجم مورافيا كرمز مميز للإحتفال. لم يعد هذا النجم مجرد زينة منزلية، بل أصبح جزءًا لا يتجزأ من أجواء عيد الميلاد في جميع أنحاء ألمانيا، وحتى في المستشارية الألمانية. هذا النجم، الذي ينبعث منه الدفء والأمل، يحمل قصة عريقة تعود إلى قرية هيرنهوت الصغيرة، بالقرب من الحدود البولندية والتشيكية.

قصة نجم مورافيا: من قرية اللاجئين إلى رمز وطني

تعود جذور نجم مورافيا إلى أكثر من 180 عامًا، وتحديدًا إلى قرية هيرنهوت التي أسسها لاجئون من كنيسة مورافيا. هؤلاء اللاجئون فروا من الاضطهاد الديني في بوهيميا ومورافيا (مناطق تاريخية في جمهورية التشيك الحالية) في عام 1722، ووجدوا ملاذًا آمنًا في هذه المنطقة الألمانية بفضل رعاية الكونت نيكولاوس فون زيندورف. أسسوا هيرنهوت، والتي تعني “تحت حماية الرب”، كمجتمع قائم على الإيمان والتعليم.

نشأة النجم في درس الهندسة

الغريب في الأمر أن هذا النجم الجميل لم يولد من وحي الفن أو الدين مباشرة، بل من رحم درس في الهندسة! في إحدى المدارس التي أنشأها أعضاء الكنيسة، طلب مدرس الرياضيات من طلابه بناء شكل هندسي معقد: “مكعب مجسم مقطوع يحتوي على 17 نقطة رباعية الزوايا و 8 نقاط ثلاثية الزوايا”. هذا التمرين الهندسي أدى إلى تصميم النجم المورافي المميز الذي نعرفه اليوم.

تم تسجيل براءة اختراع هذا التصميم الأولي في عام 1925، مع ميزة فريدة: إمكانية تفكيك النجم إلى أجزاء لتسهيل نقله وشحنه، ثم إعادة تجميعه بسهولة. هذه العملية ساهمت في انتشار النجم بسرعة.

تنوع أشكال وألوان نجوم مورافيا

اليوم، تتوفر نجوم مورافيا بأحجام وألوان متنوعة لتناسب جميع الأذواق والميزانيات. يتراوح قطر النجوم من 8 سنتيمترات (بسعر 19 يورو) إلى 130 سنتيمترًا (بسعر 205 يورو)، ويمكن حتى طلب نجوم أكبر يصل قطرها إلى 250 سنتيمترًا.

في البداية، كانت النجوم تصنع باللونين الأبيض والأحمر، اللذين يرمزان إلى “نقاء ودم يسوع المسيح”. ولكن مع مرور الوقت، وتوسع الإنتاج، أصبحت النجوم متاحة بمجموعة واسعة من الألوان والتصاميم. يمكنك الآن العثور على نجوم مصنوعة من الورق أو البلاستيك، بألوان أحادية أو متعددة، أو بنقوش مختلفة.

ومن بين التصاميم المميزة، تبرز “النجوم الأدبية” المصنوعة من صفحات الكتب القديمة، بالإضافة إلى نجوم مزينة بزخارف زهرية ربيعية، مما يسمح للمحتفلين بالاحتفاظ بأجواء الزينة طوال العام، وليس فقط خلال موسم عيد الميلاد. هذه التشكيلة الواسعة تجعل من نجم مورافيا قطعة فنية فريدة تناسب كل منزل.

ورش العمل والحرف اليدوية: إحياء التقليد

إدراكًا لأهمية هذا التقليد، افتتحت شركة هيرنهوتر ستيرن ورشة عمل للحرف اليدوية في القرية. هنا، يمكن للزوار المشاركة في صنع نجومهم الخاصة، وتعلم فنون الحرف اليدوية التقليدية. بالإضافة إلى ذلك، يوجد صالة عرض كبيرة تعرض و تبيع جميع أنواع النجوم.

تعتبر الألوان الأبيض والأصفر والأحمر من بين الخيارات الأكثر شعبية، ولكن الإصدار الخاص السنوي للشركة يلقى أيضًا إقبالًا كبيرًا. هذا العام، يتميز الإصدار بنجم أرجواني لامع، مما يجعله قطعة مرغوبة لدى هواة جمع التحف.

انتشار شعبية نجم مورافيا في ألمانيا وخارجها

توضح كاتيا روبرت، المديرة التنفيذية لشركة هيرنهوتر ستيرن، أن شعبية نجم مورافيا قد انتشرت على نطاق واسع في ألمانيا خلال العشرين عامًا الماضية. وقد ساهم في ذلك مشاركة الشركة في العديد من أسواق عيد الميلاد والمعارض التجارية، بالإضافة إلى تعاونها مع تجار التجزئة في جميع أنحاء البلاد.

في الوقت الحالي، ينتج حوالي 230 موظفًا أكثر من 820 ألف نجمة سنويًا. ويستقبل المتجر وورشة العمل أكثر من 60 ألف زائر سنويًا، خاصة خلال الأسابيع التي تسبق عيد الميلاد.

على الرغم من أن التصدير لم يكن واسع النطاق حتى الآن، إلا أن المجتمعات الأخرى التابعة لكنيسة مورافيا، مثل تلك الموجودة في بيت لحم بولاية بنسلفانيا أو كريستيانسفيلد في الدنمارك، تعرض أيضًا النجم كرمز لإيمانها خلال فترة المجيء.

رمز الأمل والنور في ليالي الشتاء

سيلك شميدت، مصففة الشعر من نيويباو، زارت هيرنهوت في منتصف نوفمبر لشراء ثلاث نجوم كهدية لعائلتها. وهي تعبر عن حبها لهذه الزينة، قائلة: “لدي ما لا يقل عن عشرة نجوم في منزلي، وأضعها عادة في عطلة نهاية الأسبوع الأولى من عيد الميلاد”. وتضيف: “عندما يكون الجو مظلمًا جدًا في الخارج، فإن رؤية النجوم المتدلية في النافذة تبعث على الدفء والجمال”.

نجم مورافيا ليس مجرد قطعة ديكور، بل هو رمز للأمل والنور في ليالي الشتاء الطويلة. إنه يذكرنا بقصة الميلاد، وبنجم بيت لحم الذي قاد الحكماء إلى المسيح. إنه تعبير عن الإيمان والتقاليد، وعن سحر عيد الميلاد الذي لا يزال يضيء قلوب الناس في جميع أنحاء العالم.

إذا كنت تخطط للاحتفال بعيد الميلاد هذا العام، ففكر في إضافة نجم مورافيا إلى زينة منزلك. إنه لمسة بسيطة ولكنها ذات معنى عميق، ستجعل احتفالك أكثر تميزًا وسحرًا.

شاركها.