ليندسي فون، اسم لمع في عالم رياضة التزلج على المنحدرات، عادت بقوة لتثير الجدل وتُثبت للجميع أنها لم تُنهِ مسيرتها بعد. بعد فترة تقاعد دامت قرابة ست سنوات، والشكوك التي رافقت عودتها، حققت فون انتصارات مذهلة في بداية موسم أولمبي واعد، مما دفع الكثيرين لإعادة النظر في تقييماتهم لقدراتها. هذا المقال يتناول قصة عودة ليندسي فون المثيرة، التحديات التي واجهتها، وإنجازاتها الأخيرة التي أذهلت عالم الرياضة.
عودة مفاجئة وسط الشكوك والتساؤلات
عودة فون لم تكن سهلة، بل واجهت انتقادات لاذعة وشكوكًا كبيرة حول قدرتها على المنافسة في هذا المستوى. البعض، مثل البطلة الأولمبية مرتين ميكايلا دورفمايستر، اقترحوا عليها “مراجعة طبيب نفسي”، وتساءلوا عن دوافعها للعودة إلى هذه الرياضة الخطيرة. كما صرحت الأسطورة النمساوية فرانز كلامر بأنها “أصبحت مجنونة تمامًا”، بينما أضاف بيرمين زوربريجن، بطل كأس العالم أربع مرات، أنها “لم تدرك معنى وهدف حياتها الأخرى”.
هذه التصريحات القاسية لم تثبط عزيمة فون، بل على العكس، زادت من حماسها وتصميمها على إثبات نفسها. قالت فون بابتسامة: “أشكر كل من لم يؤمن بي، فهم يمنحونني الكثير من الحافز”. فهي ترى في هذه الانتقادات وقودًا يدفعها نحو الأمام، ويجعلها أقوى وأكثر تركيزًا.
هيمنة على كأس العالم وإشارات إلى الأولمبياد
في بداية موسم كأس العالم، أظهرت ليندسي فون مستوى أداءً استثنائيًا، حيث فازت بسباق المنحدرات بفارق كبير، وحققت أعلى نقاط في نهاية الأسبوع. هذا الإنجاز، في عمر 41 عامًا، يعتبر تاريخيًا وغير مسبوق في عالم التزلج. الفوز بفارق 0.98 ثانية، وهو هامش كبير جدًا في هذه الرياضة، جعلها تشعر بالثقة والسيطرة الكاملة على أدائها.
احتفالها بالفوز كان لافتًا، حيث قامت بتقليد إيماءة “ليلة، ليلة” الشهيرة للاعب كرة السلة ستيفن كاري، تعبيرًا عن شعورها بأنها قد أراحت بقية المتسابقات. هذه الإيماءة لاقت استحسانًا كبيرًا في عالم الرياضة الأمريكية، حيث علق عليها ليبرون جيمس، نجم لوس أنجلوس ليكرز، قائلًا: “40+ هو العشرين الجديد… حتى تستيقظ في اليوم التالي!”.
دعم الزميلات وإعادة تقييم خطط التقاعد
زميلتها في الفريق، صوفيا جوجيا، البطلة الأولمبية لعام 2018، لم تخفِ إعجابها بأداء فون، ووصفته بأنه “أخذنا جميعًا إلى المدرسة وتركنا مع مصاصة في أفواهنا”. وقامت جوجيا بتجسيد هذه العبارة بشكل مرح من خلال وضع مصاصة في فمها أثناء وقوفها بجانب فون.
هذا الأداء المذهل دفع فون إلى إعادة النظر في خططها للتقاعد. فبدلاً من الاعتزال بعد دورة الألعاب الشتوية في ميلانو كورتينا في فبراير، من المرجح أن تستمر في التزلج حتى نهاية موسم كأس العالم في مارس. وقالت: “أعتقد أنني قد أحتاج إلى تغيير نهجي”. مدربها، كريس نايت، أكد على هذا التغيير، مشيرًا إلى أنه يمكنهم الآن البدء في التخطيط للموسم بأكمله.
الاستعداد للأولمبياد وتشكيل “فريق الأحلام”
بعد تحسين معداتها وزيادة كتلتها العضلية، يعتقد نايت أن فون قادرة على الحفاظ على هذا المستوى من الأداء طوال الموسم. ويركز الفريق التدريبي على إدارة العبء التدريبي ووقت التعافي، مع إدراك أن التعافي هو المفتاح للحفاظ على لياقتها البدنية.
تستعد فون للمشاركة في منافسات التزلج على جبال الألب للسيدات في الألعاب الأولمبية في كورتينا دامبيزو، حيث تحمل الرقم القياسي بفوزها بـ 12 كأس عالم. بالإضافة إلى سباقي المنحدرات والسوبر جي، تخطط فون للمشاركة في سباق الفرق الجديد المشترك، والذي يضم متسابقًا في المنحدرات وآخر في سباق التعرج.
هناك حديث عن إمكانية تشكيل “فريق الأحلام” يضم فون وميكايلا شيفرين، المتخصصة في سباق التعرج. على الرغم من أن شيفرين فازت بالميدالية الذهبية مع بريزي جونسون في بطولة العالم العام الماضي، إلا أن أداء فون القوي في بداية هذا الموسم قد يفتح الباب أمام هذا التعاون المثير. وقال نايت: “إذا فعلوا ذلك كما فعلوا العام الماضي في بطولة العالم، فإنك تأخذ أسرع متزلج على المنحدرات وأسرع متزلج في سباق التعرج وتنتقل من هناك”.
لمسة الخبرة من سفيندال
يُضاف إلى فريق فون هذا الموسم بطلة الانحدار الأولمبية السابقة أكسل لوند سفيندال، التي تقدم لها النصائح والتوجيهات الهامة قبل كل سباق. وقالت فون: “إنها تقدم لي طاقة هادئة مفيدة حقًا، لأنني في بعض الأحيان أكون شديدة التوتر. إنها مستقرة دائمًا وهذا يمنحني راحة البال”. الرياضة تحتاج إلى هذه الخبرات.
في الختام، عودة ليندسي فون إلى عالم التزلج هي قصة ملهمة عن الإصرار والتحدي. فقد أثبتت أنها قادرة على التغلب على الشكوك وتحقيق إنجازات مذهلة، مما يجعلها واحدة من أبرز الرياضيات في تاريخ هذه الرياضة. نتطلع بشوق لمشاهدة المزيد من الإنجازات في الألعاب الأولمبية القادمة، وربما تشكيل “فريق الأحلام” الذي يجمع بينها وبين ميكايلا شيفرين. تابعونا لمواكبة آخر أخبارها وإنجازاتها في عالم التزلج على المنحدرات.
