في السنوات الأخيرة، برز مفهوم جديد للادخار والاستثمار للأطفال في الولايات المتحدة، وهو ما يعرف بـ حسابات ترامب. هذه الحسابات، التي تم إطلاقها كجزء من قانون الضرائب الصادر في عام 2017، تهدف إلى توفير دفعة مالية مبكرة للأجيال القادمة، ولكنها أثارت أيضًا جدلاً حول فعاليتها وتأثيرها على المساواة الاقتصادية. يهدف هذا المقال إلى شرح تفاصيل هذه الحسابات، وكيفية عملها، ومن هم المستفيدون منها، بالإضافة إلى استعراض النقد الموجه إليها.
ما هي حسابات ترامب؟ نظرة عامة
حسابات ترامب هي في الأساس حسابات استثمارية موجهة للأطفال، حيث يتم إيداع مبلغ مالي أولي، مع إمكانية إضافة مساهمات سنوية. الفكرة الأساسية هي أن هذه الأموال ستنمو بمرور الوقت من خلال الاستثمار في سوق الأوراق المالية، لتصبح متاحة للطفل عند بلوغه سن 18 عامًا. الميزة الفريدة لهذه الحسابات هي المساهمة الأولية التي تقدمها الحكومة الفيدرالية، وهي 1000 دولار لكل طفل حديث الولادة، بشرط أن يقوم الوالدان بفتح الحساب.
كيف تعمل هذه الحسابات؟
بمجرد فتح الحساب، يتم استثمار الأموال في صناديق مؤشرات الأسهم الأمريكية، وهي صناديق تتبع أداء سوق الأسهم بشكل عام. تفرض هذه الصناديق رسومًا سنوية منخفضة نسبيًا، لا تتجاوز 0.10% من إجمالي المبلغ المستثمر. يمكن للوالدين المساهمة بمبلغ يصل إلى 2500 دولار سنويًا في الحساب، مع الاستفادة من المزايا الضريبية المتاحة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لأفراد العائلة الآخرين، مثل الأجداد والأعمام، وحتى أصحاب العمل، المساهمة في الحساب.
من يستفيد من حسابات ترامب؟
في الأصل، كان من المقرر أن يستفيد جميع الأطفال المولودين في الولايات المتحدة من هذه المبادرة. ومع ذلك، تم تحديد فترة زمنية محددة للمساهمة الأولية البالغة 1000 دولار، وهي للأطفال المولودين بين 1 يناير 2025 و 31 ديسمبر 2028. هذا يعني أن الأطفال المولودين خارج هذه الفترة لن يحصلوا على هذه المكافأة الأولية.
ومع ذلك، أعلن المليارديران مايكل وسوزان ديل مؤخرًا عن تبرع إضافي سيسمح لبعض الأطفال الذين تبلغ أعمارهم 10 سنوات أو أقل، والذين يعيشون في مناطق ذات دخل متوسط يقل عن 150 ألف دولار، بالحصول على مساهمة إضافية قدرها 250 دولارًا. هذا التبرع يهدف إلى توسيع نطاق الفائدة ليشمل الأطفال الذين لن يحصلوا على المبلغ الكامل من الحكومة. الاستثمار في مستقبل الأطفال هو هدف نبيل، وحسابات ترامب تمثل محاولة لتحقيق ذلك.
الجدل حول حسابات ترامب: هل هي عادلة؟
على الرغم من النوايا الحسنة وراء هذه المبادرة، إلا أنها أثارت جدلاً واسعًا حول عدالتها وتأثيرها على المساواة الاقتصادية. يرى النقاد أن هذه الحسابات قد تزيد من فجوة الثروة بين الأغنياء والفقراء. فالعائلات الثرية، التي لديها القدرة على المساهمة بالحد الأقصى من المبلغ سنويًا، ستستفيد بشكل أكبر من هذه الحسابات، في حين أن العائلات الفقيرة، التي قد لا تكون قادرة على توفير أي مبلغ، لن تتمكن من الاستفادة منها بشكل كامل.
هل تعالج المشاكل الأساسية؟
يشير البعض أيضًا إلى أن حسابات ترامب لا تعالج المشاكل الأساسية التي تواجه الأطفال في سنواتهم الأولى، مثل الفقر وانعدام الأمن الغذائي. ويقولون إن التركيز يجب أن يكون على توفير الدعم المباشر للعائلات المحتاجة، بدلاً من تقديم حوافز استثمارية قد لا تكون متاحة للجميع. بالإضافة إلى ذلك، يرى النقاد أن هذه الحسابات لا تعوض بشكل كافٍ عن التخفيضات التي أجرتها إدارة ترامب في البرامج الاجتماعية الأخرى التي تفيد الشباب والأسر.
كيفية فتح حساب ترامب
على الرغم من أن الحسابات لن تكون مفتوحة للمساهمات حتى يوليو 2026، إلا أنه يمكن للوالدين المهتمين بالتسجيل الآن من خلال ملء النموذج 4547 على موقع دائرة الإيرادات الداخلية (IRS). حتى تاريخه، لم يكن هذا النموذج متاحًا بعد على موقع حسابات ترامب الرسمي، ولكن من المتوقع أن يتم إتاحته في مايو القادم، مع توفير معلومات إضافية حول كيفية إكمال عملية فتح الحساب. سيتم إطلاق موقع ويب رسمي في يوليو 2024 لتسهيل عملية التسجيل.
الخلاصة: مستقبل الادخار للأطفال
حسابات ترامب تمثل خطوة مثيرة للاهتمام نحو تشجيع الادخار والاستثمار للأطفال في الولايات المتحدة. ومع ذلك، من المهم الاعتراف بالقيود والتحديات المرتبطة بهذه المبادرة، والعمل على ضمان وصولها إلى جميع الأطفال، بغض النظر عن خلفياتهم الاقتصادية. من خلال معالجة هذه القضايا، يمكننا تحقيق أقصى استفادة من هذه الحسابات، والمساعدة في بناء مستقبل مالي أكثر إشراقًا للأجيال القادمة. النقاش حول هذه الحسابات مستمر، ومن الضروري متابعة التطورات والتقييم المستمر لفعاليتها وتأثيرها.
