على مدى السنوات الأخيرة، شهدت الولايات المتحدة تحولًا ملحوظًا في أنماط استهلاك المواد المخدرة، حيث تجاوز عدد مستخدمي الحشيش يوميًا عدد شاربي الكحول. هذا التغيير، الذي يتزامن مع تقنين القنب وتسويقه على نطاق واسع، يثير تساؤلات حول الآثار الصحية والنفسية للاستخدام المنتظم، خاصة مع ظهور منتجات عالية الفعالية. هذه المقالة تستكشف هذا الاتجاه المتزايد، المخاطر المرتبطة به، والتحديات التي تواجه الأفراد الذين يسعون إلى التوقف عن استخدامه.

ارتفاع استهلاك الحشيش: تحول في العادات الأمريكية

لطالما كان الكحول هو المادة الأكثر استهلاكًا في الولايات المتحدة، ولكن البيانات الحديثة تشير إلى أن الحشيش قد تفوقه في الاستخدام اليومي بدءًا من عام 2022. هذا التحول ليس مجرد تغيير في الأرقام، بل يعكس تحولًا ثقافيًا واجتماعيًا نحو تقبل القنب. ومع ذلك، فإن هذا التقبل غالبًا ما يخفي وراءه مخاطر كامنة، خاصة مع انتشار المنتجات التي تحتوي على تركيزات عالية جدًا من رباعي هيدروكانابينول (THC).

قوة THC المتزايدة: خط رفيع بين الاسترخاء والإدمان

المنتجات التقليدية من الماريجوانا كانت تحتوي على نسب THC أقل بكثير مما هو متاح اليوم. الآن، تهيمن السجائر الإلكترونية (vapes) والمركزات عالية الفعالية على السوق، حيث يمكن أن تصل نسبة THC إلى 80% أو حتى 95%. هذه التركيزات العالية تزيد من خطر الإدمان وتؤثر على الصحة بطرق لم تكن واضحة في السابق. العديد من المستخدمين لا يدركون أنهم يتجاوزون خط الراحة ويتحولون نحو الاعتماد، خاصة وأن العواقب غالبًا ما تكون تدريجية وغير ملحوظة.

تأثيرات الاستخدام اليومي: الذاكرة، النوم، والصحة النفسية

يحذر الأطباء من أن الاستخدام اليومي للحشيش عالي الفعالية يمكن أن يؤثر سلبًا على جوانب مختلفة من الصحة. تشمل هذه التأثيرات:

  • الذاكرة: صعوبة في تذكر الأحداث الحديثة وتدهور القدرة على التعلم.
  • النوم: اضطرابات في النوم والأرق.
  • الصحة النفسية: زيادة القلق والاكتئاب، وفي بعض الحالات، ظهور أعراض الذهان.
  • الإدمان: تطور الاعتماد النفسي والجسدي على المادة.

العديد من الأشخاص الذين يعانون من اضطراب تعاطي القنب يجدون صعوبة في التعرف على العلامات التحذيرية، بسبب الاعتقاد السائد بأن الماريجوانا غير مسببة للإدمان.

كيف تتحول العادة إلى إدمان؟ قصص من الحياة الواقعية

ميغيل لابوي، طاهٍ متقاعد يبلغ من العمر 75 عامًا، هو مثال على شخص وقع في فخ الاستخدام اليومي للحشيش. بدأ لابوي في تدخين سيجارة مع قهوته كل صباح، مع وعد لنفسه بالتوقف في اليوم التالي. لكنه وجد نفسه يعتمد على المادة للتخفيف من أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه غير المشخص، وصدمات الطفولة، وتجارب مؤلمة مثل علاج السرطان وفقدان ابنه. مع مرور الوقت، تحول استخدامه من مجرد عادة إلى إكراه قهري، حيث بدأ في تدخين خراطيش تحتوي على 85% THC.

“أحمل بين يدي شيئين: السيجارة الإلكترونية والهاتف الخلوي – هذا كل شيء”، يقول لابوي، معبرًا عن خجله من اعتماده.

قصة كايل، طالب جامعي يبلغ من العمر 20 عامًا، تظهر جانبًا آخر من المشكلة. يستخدم كايل الحشيش لإدارة نوبات الهلع، لكنه يجد صعوبة في الشعور بالهدوء والوضوح بدونها. يقول: “الآن لا أستطيع أن أفعل ذلك إلا عندما أكون منتشيًا، وهو أمر مخيف.”

التحديات في العلاج: نقص الأدوية والحلول المتاحة

على عكس الكحول والمواد الأفيونية، لا يوجد حاليًا دواء معتمد من إدارة الغذاء والدواء لعلاج إدمان الحشيش. هذا النقص في الخيارات العلاجية يجعل من الصعب على الأشخاص مثل لابوي التخلص من هذه العادة. بالإضافة إلى ذلك، يرى بعض الخبراء أن النظام الطبي ليس مجهزًا بشكل كامل للتعامل مع هذه المشكلة الجديدة.

الوعي والتثقيف: مفتاح التعامل مع التحدي

يؤكد الدكتور كيفن هيل، مدير الإدمان في مركز بيث إسرائيل ديكونيس الطبي في بوسطن، على أهمية الوعي والتثقيف. “أعتقد أنه ينبغي السماح للبالغين بفعل ما يريدون طالما أنه لا يؤذي أي شخص آخر”، لكنه يشدد على أن العديد من المستخدمين لا يفهمون المخاطر المرتبطة بالاستخدام المنتظم للحشيش عالي الفعالية.

الدكتور جوردان تيشلر، طبيب متخصص في القنب الطبي، يوضح أن الجرعات المنخفضة من THC المقترنة بجرعات عالية من اتفاقية التنوع البيولوجي قد تكون مفيدة لبعض المرضى، لكنه يحذر من أن العديد من المنتجات تحتوي على مستويات عالية من THC يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الأعراض.

الخلاصة: نحو فهم أفضل وتوازن صحي

إن ارتفاع استهلاك الحشيش في الولايات المتحدة يمثل تحديًا صحيًا واجتماعيًا جديدًا. من الضروري زيادة الوعي بالمخاطر المرتبطة بالاستخدام المنتظم، خاصة مع انتشار المنتجات عالية الفعالية. يجب على الأفراد الذين يعانون من الإدمان طلب المساعدة، وعلى المجتمع توفير الدعم والموارد اللازمة لمواجهة هذه المشكلة. بدلاً من التركيز على الحظر، يجب أن نركز على التثقيف واتخاذ القرارات المستنيرة لتحقيق توازن صحي بين فوائد و مخاطر القنب.

الكلمات المفتاحية الثانوية:

  • اضطراب تعاطي القنب
  • THC (رباعي هيدروكانابينول)
  • القنب الطبي
شاركها.