نيويورك (أ ف ب) – كرمت لجنة تحكيم جوائز الكتاب الوطني مؤلفين من مختلف أنحاء العالم في حفل أقيم ليلة الأربعاء، مسلطة الضوء على أعمال أدبية متنوعة تتراوح بين الرواية والشعر والأعمال غير الروائية وأدب الشباب والأعمال المترجمة. شهد الحفل تكريمًا خاصًا لأصوات بارزة في المشهد الأدبي الأمريكي، مع التركيز على أهمية الأدب في مواجهة التحديات السياسية والاجتماعية المعاصرة.

جوائز الكتاب الوطني 2024: نظرة على الفائزين وأعمالهم

اختارت اللجنة الفائزين من بين مئات الترشيحات المقدمة من دور النشر المختلفة، مع الحرص على اختيار أعمال تبرز بالإبداع والعمق والتأثير. وقد حصدت رواية “القصة الحقيقية لرجاء الساذج (ووالدتها)” للروائي اللبناني ربيع علم الدين جائزة الرواية، وذلك لتمكنها في تصوير العلاقات العائلية المعقدة وسط الفوضى التي تشهدها لبنان الحديث.

أما جائزة الشعر، فقد كانت من نصيب الشاعرة الأمريكية من أصول شيكاغوية، باتريشيا سميث، وذلك تقديرًا لقصائدها الغنائية التي تتميز بالعمق والوحدة. العمل المتميز الذي قدمته سميث يعكس قدرتها على استكشاف تجارب إنسانية عالمية من خلال منظور شخصي فريد.

واستمرت الجوائز في الكشف عن مزيد من الموهبة، حيث نال عمر العقاد، الروائي والصحفي الإيراني الكندي، جائزة الأعمال غير الروائية عن كتابه الذي يتضمن نقدًا لاذعًا للغرب المعاصر، والمسمى “يومًا ما، سيكون الجميع دائمًا ضد هذا”.

وفي مجال أدب الشباب، حازت رواية “معلم أرض البدو: قصة الحرب العالمية الثانية” للأمريكي الإيراني دانييل نايري على جائزة أدب الشباب. بينما فازت رواية “نحن أخضرون ومرتجفون” للكاتبة الأرجنتينية غابرييلا كابيزون كامارا، والتي ترجمت عن الإسبانية بإتقان من قبل روبن مايرز، بـ جائزة الأدب المترجم.

أصداء سياسية واجتماعية في خطابات الفائزين

لم تكن جوائز الكتاب الوطني مجرد احتفال بالإنجازات الأدبية، بل كانت أيضًا منصة للتعبير عن القلق وخيبة الأمل إزاء الأوضاع السياسية والاجتماعية الراهنة. وقد عبر العديد من الفائزين عن امتنانهم للجوائز، لكنهم لم يغفلوا عن الإشارة إلى الأحداث المؤلمة التي تشهدها مناطق مختلفة من العالم.

كما أشار العديد من المتحدثين إلى أن الجوائز تمثل صوتًا مضادًا للأحداث الجارية، وأن الأدب يمكن أن يلعب دورًا هامًا في فهم هذه الأحداث والتصدي لها. فعلى سبيل المثال، تحدثت كابيزون كامارا، وقد ترجم مايرز كلماتها إلى الجمهور، عن أهمية الدفاع عن اللغات والثقافات المختلفة في مواجهة التعصب والتمييز، قائلةً: “سوف أتحدث باللغة الإسبانية، لأن هناك فاشيين لا يحبون ذلك”.

كلمات مؤثرة تعكس الواقع

ألقى عمر العقاد خطابًا مؤثرًا أشار فيه إلى صعوبة الاحتفال بكتاب كتب استجابة للإبادة الجماعية في غزة، معبرًا عن الألم العميق الذي يعيشه الكاتب عندما يرى آثار الدمار على أجساد الأطفال.

أما ربيع علم الدين، فقد جمع في خطابه بين الفكاهة والعذاب، حيث بدأ بالرثاء لضحايا القصف في مخيم للاجئين الفلسطينيين، ثم مازح بشأن مطالب وكيلته وشكر جميع من ساعدوه في مسيرته الأدبية، بمن فيهم طبيب الجهاز الهضمي والطبيب النفسي.

تكريمات خاصة وشخصيات أدبية بارزة

بالإضافة إلى الجوائز التنافسية، كرمت الجوائز الوطنية للكتاب شخصيتين بارزتين في المشهد الأدبي الأمريكي. فقد حصل الروائي جورج سوندرز على ميدالية المساهمة المتميزة في الأدب الأمريكي، تقديرًا لإرثه من الفكاهة السوداء والتعاطف الدافئ. كما حازت روكسان جاي، المؤلفة والناشرة والمعلمة، على الميدالية الأدبية لمساهماتها في مجتمع الكتاب، ودفاعها عن التنوع والشمول.

ركز سوندرز في كلمته على أهمية الانفتاح على الاكتشاف الحقيقي، وأكد أن هذا الانفتاح يميز الفنان عن الدكتاتور وغيره من المتنمرين. بينما دعت جاي إلى التغيير في صناعة النشر، وحثت على التخلي عن الطرق التقلبية في التفكير ومعايير التقييم القديمة، مثل عدد المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي.

أهمية جوائز الكتاب الوطنية ودورها في المشهد الأدبي

تعتبر جوائز الكتاب الوطنية بمثابة “الأوسكار” لنشر الكتب، فهي تحتفي بأفضل الأعمال الأدبية التي صدرت في الولايات المتحدة كل عام. وتلعب هذه الجوائز دورًا هامًا في تسليط الضوء على المواهب الجديدة وتشجيع القراءة والكتابة. كما أنها تؤكد على أهمية الأدب في تشكيل وعي المجتمعات وتعزيز التفاهم بين الثقافات المختلفة.

تستمر جوائز الكتاب الوطني في إلهام الأجيال القادمة من الكتاب والقراء، وتذكرنا بقوة الكلمات وقدرتها على تغيير العالم نحو الأفضل. وتشير هذه الجوائز إلى أن الأدب، على الرغم من التحديات التي تواجهه، يظل قوة حية ونابضة بالحياة.

بالنظر إلى التغطية الواسعة التي حظيت بها جوائز الكتاب الوطني في وسائل الإعلام، فمن المتوقع أن تشهد الكتب الفائزة إقبالًا كبيرًا من القراء، مما يعزز مكانة الأدب في المجتمع ويساهم في إثراء الحياة الثقافية.

شاركها.