في مشهد يزداد فيه التضامن الاجتماعي، شهد يوم الثلاثاء الذي يلي عيد الشكر، المعروف عالميًا باسم GivingTuesday (الثلاثاء العطاء)، زخمًا غير مسبوق في عام 2025. فقد تبرع الأمريكيون بمبلغ قياسي وصل إلى 4 مليارات دولار للمنظمات غير الربحية، متجاوزين بذلك الرقم الذي سُجل في عام 2024 والبالغ 3.6 مليار دولار. هذا الارتفاع يعكس ليس فقط الكرم المتزايد، بل أيضًا الأهمية المتنامية لهذا اليوم كمحفز رئيسي للتبرعات والعمل التطوعي.

GivingTuesday 2025: رقم قياسي جديد يعكس تزايد العطاء

إن مبلغ 4 مليارات دولار الذي تم جمعه في GivingTuesday يمثل زيادة ملحوظة بنسبة 8.1% مقارنة بالعام الماضي، بعد تعديلها وفقًا لمعدلات التضخم. هذا الإنجاز يعزز مكانة هذا اليوم كأحد أهم أيام العطاء في الولايات المتحدة، بل وفي العالم. لم يقتصر الأمر على التبرعات المالية فحسب، بل شهدنا أيضًا ارتفاعًا في عدد المتطوعين الذين خصصوا وقتهم وجهدهم لدعم القضايا التي يؤمنون بها.

ارتفاع ملحوظ في عدد المتطوعين

تجاوز عدد المتطوعين في الولايات المتحدة 11.1 مليون شخص، مقارنة بـ 9.2 مليون في العام السابق. هذا الارتفاع يعكس رغبة متزايدة لدى الأفراد في المساهمة بشكل فعال في مجتمعاتهم، ليس فقط من خلال التبرعات المالية، بل أيضًا من خلال العمل الميداني وتقديم الدعم المباشر للمحتاجين. العمل التطوعي يمثل فرصة فريدة لإحداث تأثير ملموس دون الحاجة إلى إنفاق المال، مما يجعله خيارًا جذابًا للكثيرين.

GivingTuesday: من هاشتاج إلى حركة عالمية

بدأ GivingTuesday في عام 2012 كمبادرة بسيطة على هاشتاج، انطلقت من 92nd St Y في نيويورك. بمرور الوقت، تطورت هذه المبادرة لتصبح منظمة غير ربحية مستقلة، تعمل على تعزيز ثقافة العطاء وتشجيع الأفراد على دعم القضايا التي تهمهم. تعتمد المنظمة في تقديراتها على بيانات دقيقة يتم جمعها من مصادر متنوعة، بما في ذلك منصات التبرع ومعالجات الدفع وتطبيقات البرامج المستخدمة من قبل المنظمات غير الربحية.

لماذا يزداد الإقبال على GivingTuesday؟

يرى وودرو روزنباوم، كبير مسؤولي البيانات في GivingTuesday، أن هذا الارتفاع في التبرعات والعمل التطوعي يعكس حاجة الناس إلى الشعور بالانتماء والتواصل في عالم يشهد الكثير من التحديات. الكرم ليس مجرد فعل إنساني، بل هو وسيلة قوية لتعزيز الروابط الاجتماعية والشعور بالمسؤولية المشتركة. بالإضافة إلى ذلك، فإن توقيت GivingTuesday، الذي يأتي بعد فترة احتفالية مثل عيد الشكر، يجعله فرصة مثالية للتعبير عن الامتنان من خلال العطاء.

العطاء في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية

على الرغم من حالة عدم اليقين الاقتصادي والسياسي التي يشهدها العالم، إلا أن GivingTuesday أثبت قدرته على حشد الدعم للمنظمات غير الربحية. هذا يشير إلى أن الكرم ليس بالضرورة مرتبطًا بالظروف الاقتصادية، بل هو قيمة أساسية متأصلة في المجتمع. يعتبر روزنباوم أن هذا الزخم الإيجابي هو مؤشر مشجع على كيفية سير بقية موسم العطاء في نهاية العام.

تأثير التبرعات الكبيرة والعمل الخيري

من الجدير بالذكر أن تقديرات GivingTuesday لا تشمل تبرعات الشركات أو المؤسسات، بل تركز بشكل أساسي على الكرم الفردي. ومع ذلك، فإن التبرعات الكبيرة التي يقدمها الأفراد الميسورون يمكن أن تلعب دورًا مهمًا في تحفيز العطاء وتشجيع الآخرين على المشاركة. على سبيل المثال، تبرع المليارديران مايكل وسوزان ديل بمبلغ 6.25 مليار دولار لتشجيع العائلات على الاستثمار في حسابات جديدة، وهو ما أثار اهتمامًا واسعًا في وسائل الإعلام.

مستقبل GivingTuesday والعمل الخيري

مع استمرار نمو GivingTuesday وتوسعه، فإنه يمثل فرصة كبيرة للمنظمات غير الربحية والمجموعات المجتمعية لزيادة الوعي بقضاياها وحشد الدعم لمشاريعها. يأمل روزنباوم أن تستفيد هذه المنظمات من هذه اللحظة من الوفرة وأن تجد طرقًا مبتكرة لإشراك المتبرعين والمتطوعين في جهودها. العمل الخيري ليس مجرد استجابة للأزمات، بل هو استثمار في مستقبل أفضل للجميع. التبرع و العمل التطوعي هما عنصران أساسيان في بناء مجتمع أكثر عدلاً وتكافلاً. إن نجاح GivingTuesday يبعث على الأمل في أن العطاء سيظل قيمة أساسية في المجتمع الأمريكي والعالمي.

في الختام، يمثل GivingTuesday 2025 علامة فارقة في تاريخ العطاء، حيث حقق رقمًا قياسيًا جديدًا في التبرعات والعمل التطوعي. هذا الإنجاز يعكس قوة الكرم في بناء مجتمعات قوية ومتماسكة، ويؤكد على أهمية دعم المنظمات غير الربحية التي تعمل على إحداث تغيير إيجابي في العالم. ندعو الجميع إلى الاستمرار في العطاء والمشاركة في هذه الحركة العالمية، لنجعل العالم مكانًا أفضل للجميع.

شاركها.