نيويورك (ا ف ب) – شهد حفل توزيع جوائز جوثام السنوي الخامس والثلاثين، الذي أقيم يوم الاثنين في مدينة نيويورك، بداية قوية لموسم جوائز السينما، حيث توج فيلم “معركة تلو الأخرى” (One Battle After Another) للمخرج بول توماس أندرسون بجائزة أفضل فيلم روائي طويل. هذا الفوز، بالإضافة إلى تتويج المخرج الإيراني المنشق جعفر بناهي بثلاث جوائز، يضع هذه الدورة من الجوائز في دائرة الضوء ويشير إلى اتجاهات محتملة في موسم الجوائز القادم. يعتبر هذا الحدث، الذي يقدمه معهد جوثام للسينما والإعلام، منصة مهمة للأفلام المستقلة، ولكنه أصبح أيضًا محطة بارزة للمرشحين لجوائز الأوسكار.

فوز مفاجئ لفيلم “معركة تلو الأخرى” في جوثام

لطالما كانت جوائز جوثام معروفة بتقديرها للأفلام ذات الميزانيات المحدودة، ولكن هذا العام شهدت تحولًا ملحوظًا. ففي السابق، كان الفائزون في جوثام يميلون إلى الأفلام المستقلة تمامًا، مثل “Past Lives” و”كل شيء في كل مكان في وقت واحد” وحتى “رجل مختلف” في عام 2024. إلا أن فوز فيلم “معركة تلو الأخرى”، الذي كلّف إنتاجه ما لا يقل عن 130 مليون دولار، يمثل خروجًا عن القاعدة.

هذا الفوز يثير التساؤلات حول معايير الاختيار الجديدة بعد إلغاء الحد الأقصى لميزانية الأفلام البالغة 35 مليون دولار في عام 2023. الفيلم، الذي يروي قصة احتجاج بين أب وابنته عبر أجيال متعددة، يُنظر إليه الآن على نطاق واسع كمرشح قوي لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم في حفل توزيع الجوائز المقرر في مارس/آذار.

وعبر أندرسون عن دهشته عند تسلمه الجائزة قائلاً: “في الواقع، لم أتوقع هذا. بدأت أعتقد أنني لا أعرف ما الذي يحدث.” وأضاف مازحًا: “دعونا نعود إلى المنزل أو نذهب إلى الحانة في مكان ما أو شيء من هذا القبيل.”

تألق جعفر بناهي وتكريمه رغم القيود

بالتوازي مع فوز “معركة تلو الأخرى”، حظي المخرج الإيراني جعفر بناهي بتكريم كبير في حفل جوثام، حيث فاز بثلاث جوائز عن فيلمه الدرامي الانتقامي “لقد كان مجرد حادث”. حصل بناهي على جائزة أفضل مخرج، وأفضل سيناريو أصلي، وأفضل فيلم عالمي، مما يؤكد مكانته كأحد أهم المخرجين المعاصرين.

هذا التكريم يأتي في ظل ظروف صعبة يواجهها بناهي في إيران. ففي وقت سابق من يوم الاثنين، أعلن محاميه مصطفى نيلي أن المخرج قد حُكم عليه بالسجن لمدة عام ومنعه من السفر لمدة عامين. يذكر أن بناهي سُجن لعدة أشهر قبل إخراج فيلمه الأخير، وأُطلق سراحه بعد خوضه إضرابًا عن الطعام. على الرغم من منعه من صناعة الأفلام والسفر في عام 2010، إلا أنه استمر في إنتاج الأفلام سراً.

وفي كلمته أثناء تسلمه جائزة السيناريو، قال بناهي: “أود أن أهدي شرف هذه الجائزة لصانعي الأفلام المستقلين في إيران وفي جميع أنحاء العالم. صانعو الأفلام الذين يبقون الكاميرا تدور في صمت دون دعم، وفي بعض الأحيان، يخاطرون بكل ما لديهم، فقط من خلال إيمانهم بالحقيقة والإنسانية.” هذا التصريح يسلط الضوء على التحديات التي يواجهها صناع الأفلام في ظل القيود السياسية والثقافية.

جوائز التمثيل وتكريمات إضافية

لم يقتصر حفل جوثام على تكريم المخرجين والأفلام، بل شمل أيضًا جوائز التمثيل. فاز Sopé Dìrísù بجائزة أفضل أداء رئيسي عن دوره في الدراما البريطانية النيجيرية “ظل والدي”، بينما فازت Wunmi Mosaku بجائزة أفضل أداء مساعد عن فيلم “الخطاة”. من الجدير بالذكر أن كلا الفائزين في التمثيل لم يتمكنا من الحضور لتسلم الجوائز.

بالإضافة إلى ذلك، كرم الحفل العديد من الشخصيات والأفلام الأخرى. حصل هاري لايتون على جائزة أفضل سيناريو مقتبس عن فيلم “Pillion”، بينما فاز أبو سنغاري بجائزة المؤدي المتميز عن فيلم “قصة سليمان”. كما فاز فيلم “أصدقائي غير المرغوب فيهم: الجزء الأول – الهواء الأخير في موسكو” لجوليا لوكتيف بجائزة أفضل فيلم وثائقي.

ومن بين الأفلام التي حظيت بتكريم خاص، فيلم “فرانكنشتاين” للمخرج غييرمو ديل تورو، وفيلم “سبرينغستين: نجني من العدم” لسكوت كوبر، بالإضافة إلى تكريم النجمة تيسا طومسون والمخرج نوح بومباك. هذه التكريمات تعكس التنوع والإبداع في صناعة السينما المعاصرة.

نظرة على موسم الجوائز القادم

يعتبر حفل جوثام بمثابة نقطة انطلاق لموسم الجوائز، حيث يراقب المحللون عن كثب النتائج لتحديد الأفلام والممثلين الذين قد يحظون بفرص جيدة في الفوز بجوائز الأوسكار. فوز فيلم “معركة تلو الأخرى” في جوثام يعزز من مكانته كمرشح قوي، بينما يسلط التكريم الذي حظي به جعفر بناهي الضوء على أهمية السينما الإيرانية وقضايا حرية التعبير.

وفي الختام، شهد حفل جوثام هذا العام مزيجًا من المفاجآت والتوقعات، مما يجعله حدثًا مثيرًا للاهتمام ومؤشرًا هامًا على اتجاهات موسم الجوائز القادم. من المؤكد أن هذه الجوائز ستشجع المزيد من المخرجين والممثلين على تقديم أعمال إبداعية ومبتكرة، مما يثري مشهد السينما العالمي.

شاركها.