متحف اللوفر يعزز الإجراءات الأمنية بعد عملية السرقة الجريئة
شهد متحف اللوفر في باريس، أحد أشهر المتاحف في العالم وأكثرها زيارة، صدمة كبيرة الشهر الماضي بعد سرقة مجوهرات التاج الثمينة. هذا الحادث دفع إدارة المتحف إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتعزيز الأمن، وذلك بهدف حماية كنوزه الفنية والثقافية وضمان سلامة الزوار. وفي هذا السياق، أعلن رئيس متحف اللوفر، لورانس دي كار، عن خطة شاملة لتحديث أنظمة المراقبة ومكافحة التسلل، مؤكدًا أن هذه الخطوات تأتي في إطار جهود مستمرة لتحسين الأمن في اللوفر وتأمين محيطه.
خطة شاملة لتعزيز الأمن في اللوفر
تأتي الإعلانات الأخيرة من إدارة اللوفر كجزء من خطة أوسع نطاقًا تهدف إلى تحديث البنية التحتية للمتحف ومعالجة مشكلة الازدحام المتزايد. تتضمن الخطة تركيب حوالي 100 كاميرا مراقبة جديدة، والتي من المقرر أن تكون جاهزة للعمل بحلول نهاية العام المقبل. بالإضافة إلى ذلك، سيتم البدء في تركيب أنظمة متطورة لمكافحة التسلل في غضون أسبوعين، والتي ستعمل على منع أي محاولات للاختراق أو الاقتراب من مباني المتحف.
تفاصيل أنظمة مكافحة التسلل الجديدة
لم تكشف إدارة اللوفر عن تفاصيل دقيقة حول طبيعة أنظمة مكافحة التسلل الجديدة، لكنها أكدت أنها ستكون قادرة على اكتشاف ومنع أي تهديدات محتملة. هذه الأنظمة تعتبر ضرورية بالنظر إلى التحديات الأمنية المتزايدة التي تواجه المؤسسات الثقافية حول العالم، وأهمية حماية التراث الفني والإنساني الذي يمثله اللوفر. كما أعلنت عن إنشاء منصب جديد في المتحف، وهو “منسق أمني”، والذي تم الإعلان عن الوظيفة الخاصة به بالفعل هذا الشهر.
تفاصيل عملية السرقة والأدوات المستخدمة
كشفت التحقيقات الأولية عن أن اللصوص استغرقوا أقل من 8 دقائق لارتكاب جريمتهم، حيث تمكنوا من اختراق نافذة معرض أبولو باستخدام رافعة شحن وسرقة المجوهرات التي تقدر قيمتها بـ 88 مليون يورو. الأمر الذي أثار دهشة المسؤولين هو الأدوات التي استخدمها اللصوص لقطع علب العرض، حيث تبين أنها عبارة عن أدوات قطع أقراص مخصصة للخرسانة.
ضعف أنظمة الحماية السابقة
أشارت لورانس دي كار إلى أن أنظمة الحماية السابقة في معرض أبولو، والتي تم تركيبها في عام 2019، لم تكن مصممة لمواجهة هذا النوع من الهجمات المتطورة. وقالت إنها كانت مصممة بشكل أساسي لمواجهة أي هجوم من داخل المتحف بالأسلحة، ولم تأخذ في الاعتبار إمكانية استخدام أدوات كهربائية متخصصة لقطع العرض. ومع ذلك، أكدت أن خزائن العرض “صمدت بشكل جيد بشكل ملحوظ” خلال عملية السرقة، مما يدل على أن اللصوص واجهوا صعوبات كبيرة في تنفيذ خطتهم. هذا الأمر يؤكد على أهمية الاستثمار في أنظمة أمنية متطورة قادرة على مواكبة التهديدات المتغيرة.
تحديث شامل للبنية التحتية: “نهضة اللوفر الجديدة”
تأتي هذه الإجراءات الأمنية في سياق خطة “نهضة اللوفر الجديدة”، وهي مشروع تحديث شامل للبنية التحتية للمتحف بتكلفة تقديرية تصل إلى 800 مليون يورو. تهدف هذه الخطة إلى تحديث المرافق، وتخفيف الازدحام، وتوفير تجربة أفضل للزوار. كما تتضمن الخطة منح لوحة الموناليزا الشهيرة معرضًا مخصصًا بحلول عام 2031.
تأثير السياحة الجماعية على الأمن
أكدت دي كار أن متحف اللوفر يعاني من ضغوط هائلة بسبب السياحة الجماعية، حيث تجاوز عدد الزوار السنوي 8 ملايين شخص، في حين أن الهرم الزجاجي الشهير كان من المفترض أن يستقبل حوالي 4 ملايين زائر فقط. هذا الازدحام الشديد يضع ضغطًا إضافيًا على الموارد الأمنية للمتحف، ويجعل من الصعب مراقبة جميع الزوار والتأكد من سلامتهم. لذلك، قامت إدارة اللوفر بتقييد العدد اليومي للزوار إلى 30 ألفًا في السنوات الأخيرة، في محاولة للسيطرة على الوضع.
مستقبل الأمن في اللوفر
تعتبر قضية حماية اللوفر من الأولويات القصوى لإدارة المتحف والحكومة الفرنسية. الاستثمار في أنظمة المراقبة المتطورة، وتدريب الموظفين على التعامل مع التهديدات الأمنية، وتحديث البنية التحتية للمتحف، كلها خطوات ضرورية لضمان سلامة الكنوز الفنية والثقافية التي يضمها اللوفر. بالإضافة إلى ذلك، يجب على إدارة المتحف العمل على إيجاد حلول لمعالجة مشكلة الازدحام المتزايد، وذلك من خلال تنظيم تدفق الزوار وتوفير مساحات أكبر للعرض. من خلال هذه الجهود المتكاملة، يمكن لمتحف اللوفر أن يظل وجهة سياحية وثقافية آمنة ومميزة لسنوات قادمة.
في الختام، يمثل تعزيز الإجراءات الأمنية في متحف اللوفر استجابة ضرورية لعملية السرقة الأخيرة، ولكنه أيضًا جزء من خطة أوسع نطاقًا لتحديث البنية التحتية للمتحف وتحسين تجربة الزوار. نتوقع أن تشهد الأشهر والسنوات القادمة تطورات كبيرة في مجال الأمن في اللوفر، مما سيساهم في حماية هذا الصرح الثقافي العظيم للأجيال القادمة. ندعوكم لمتابعة آخر الأخبار والتطورات المتعلقة بمتحف اللوفر من خلال زيارة موقعنا الإلكتروني بانتظام.
