في قلب مدينة سكرامنتو، كاليفورنيا، تدور معركة غير متوقعة حول الحرية الفكرية وتأثير الثقافة الشعبية على الأطفال. القصة بدأت عندما نطق ابن أخ ليتشو لوبيز، صاحب متجر القصص المصورة JLA Comics، بأول كلمة له من خلال صفحة رسومية: “سيئ”. هذه اللحظة، على الرغم من غرابتها، سلطت الضوء على قيمة القصص المصورة في حياة لوبيز، ودفعته للدفاع عن إلغاء قانون قديم يعود إلى عام 1949، ويقيد توزيع القصص المصورة على الشباب. يثير هذا القانون، الذي لم يعد مطبقًا على أرض الواقع، جدلاً حول الرقابة وتأثير هذه الوسيلة الفنية على الأجيال.

قانون قديم يثير الجدل حول القصص المصورة

القانون المثير للجدل يحظر توزيع القصص المصورة التي تصور الجريمة بشكل بارز، أو تعرض مشاهد عنف مثل الحرق العمد والقتل والاغتصاب، على أي شخص دون سن الثامنة عشرة. في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي، انتشرت المخاوف بشأن التأثير المحتمل لهذه الوسيلة الجديدة على عقول الأطفال، حيث ادعى البعض أنها قد تؤدي إلى الأمية أو تحفز السلوك الإجرامي. هذه المخاوف دفعت إلى ظهور قوانين مماثلة في مدن ومقاطعات مختلفة في جميع أنحاء الولايات المتحدة، من لوس أنجلوس إلى لويزيانا.

ولكن، مع مرور الوقت، تحولت هذه القوانين إلى بقايا أثرية، حيث أن شركات القصص المصورة قامت بتنظيم نفسها بنفسها من خلال تطبيق مدونة سلوك صارمة. بالإضافة إلى ذلك، فإن التطبيق الفعلي لهذه القوانين أصبح نادرًا للغاية.

الآن، يرى مؤيدو إلغاء القانون في سكرامنتو أنه تمثيل رمزي للقيم المتغيرة وأداة للحماية من موجة الرقابة المتزايدة التي تشهدها البلاد. بالإضافة إلى ذلك، فإن الحفاظ على هذا القانون القديم يبعث برسالة خاطئة عن الكتب الهزلية وقيمتها.

دعوة للحفاظ على حرية التعبير من خلال القصص المصورة

إيبن بورغون، فنان القصص المصورة ومؤلفها، كان بمثابة الشرارة التي أشعلت فتيل هذه الحملة. فقد أطلق عريضة ناجحة تدعو إلى إلغاء الحظر المفروض على القصص المصورة في سكرامنتو، مسلطًا الضوء على دورها في تعزيز التفكير النقدي والتعبير عن الرأي. “القصص المصورة تمتلك هذه القدرة القيمة حقًا على قول الحقيقة للسلطة،” كما صرح بورغون أمام لجنة مجلس المدينة.

ويضيف بورغون أن هذه القوانين القديمة تشكل خطرًا حقيقيًا، حيث يمكن استغلالها من قبل جهات ذات أجندات خفية لتقويض هذه الوسيلة الفنية. وجهود الإلغاء ليست مجرد مسألة تاريخية، بل هي جزء من الكفاح الأوسع نطاقًا ضد الرقابة وحماية حرية التعبير.

في نفس السياق، أعرب سام هيلميك، رئيس جمعية المكتبات الأمريكية، عن دعمه الكامل للإلغاء، مؤكدًا أنه لا يوجد مبرر لفرض حظر مماثل على الرسوم الهزلية، وأنه يتعارض مع مبادئ التعديل الأول للدستور الأمريكي الذي يكفل حرية التعبير.

القصص المصورة: أكثر من مجرد ترفيه

النقاش حول القصص المصورة يتجاوز مجرد الخوف من العنف. يشير جيف تريكسلر، المدير المؤقت لصندوق الدفاع القانوني للكتاب الهزلي، إلى أن تاريخ الرقابة في الولايات المتحدة يكرر نفسه في كل مرة تظهر فيها وسيلة جديدة للتعبير. ففي عشرينيات القرن الماضي، أنشأت نيويورك لجنة لمراجعة الأفلام، بناءً على معايير مماثلة، بهدف تحديد ما إذا كانت “فاحشة” أو “مسيئة”.

بالإضافة إلى ذلك، تشير الأبحاث الحديثة إلى أن هناك علاقة ضعيفة أو معدومة بين القصص المصورة والسلوك العنيف في الشباب. يشير كريستوفر فيرجسون، أستاذ علم النفس في جامعة ستيتسون، إلى أن الدراسات التي أجريت على التلفزيون وألعاب الفيديو لم تظهر أي ارتباط كبير بالتغيرات السريرية في عدوانية الشباب.

لكن القوة الحقيقية للقصص المصورة تكمن في قدرتها على التأثير الإيجابي على القراء. كما يؤكد بنجامين مورس، المحاضر في الدراسات الإعلامية بجامعة نيفادا، يمكن للقصص المصورة التي تصور العنف أن تحمل رسائل قوية عن المسؤولية الاجتماعية والعدالة.

قصص مثل “Spider-Man” تقدم دروسًا قيمة عن فقدان الأحباء وأهمية تحمل المسؤولية، بينما تساعد القصص المصورة على تطوير مهارات القراءة لدى الأطفال الذين يعانون من عسر القراءة، كما هو الحال بالنسبة لليتشو لوبيز نفسه.

مستقبل القصص المصورة في سكرامنتو

بعد التصويت بالإجماع من قبل لجنة مجلس المدينة، من المتوقع أن يتم طرح اقتراح إلغاء القانون القديم على المجلس بأكمله للتصويت النهائي. موافقة المجلس ستكون بمثابة إشارة قوية لدعم حرية التعبير وتقدير القيمة الثقافية والفنية للقصص المصورة.

بالإضافة إلى ذلك، تم اقتراح تخصيص أسبوع كامل للاحتفال بالقصص المصورة في سكرامنتو، مما يعكس الازدهار الذي يشهده مجتمع القصص المصورة المحلي، واستضافة معرض كروكر كون السنوي. إن إلغاء القانون والاحتفاء بهذه الوسيلة الإبداعية سيكون له تأثير إيجابي على المجتمع، ويدعم الأجيال الجديدة من القراء والمبدعين. القصص المصورة ليست مجرد وسيلة للترفيه، بل هي أداة قوية للتعبير، والتعليم، والتغيير الاجتماعي.

شاركها.