يشهد مركز كينيدي في واشنطن تحولًا غير مسبوقًا، حيث يستعد لاستضافة فعاليات متنوعة تتراوح بين حفل قرعة كأس العالم السبت القادم، وبرنامج الجوائز السنوي الذي يكرم نخبة من الفنانين الأمريكيين. هذا التحول ليس مجرد تغيير في جدول الفعاليات، بل يعكس الدور المتزايد للرئيس السابق دونالد ترامب في إدارة هذا الصرح الثقافي الوطني. ويبدو أن ترامب، الذي يشتهر بحبه للأضواء، يسعى لجعل مركز كينيدي منصة لعرض شخصيته وإنجازاته.
ترامب ومركز كينيدي: شراكة غير تقليدية
لم يكن اختيار مركز كينيدي لاستضافة قرعة كأس العالم أمرًا مفاجئًا للكثيرين، خاصة بعد تدخل الرئيس ترامب الشخصي وإقناعه رئيس الفيفا جياني إنفانتينو بنقل الحدث من لاس فيغاس. هذا التدخل يعكس علاقة وثيقة بين الطرفين، حيث لم يخفِ إنفانتينو إعجابه بترامب ووصفه بـ “الصديق المقرب” الذي يتمتع بـ “طاقة مذهلة”.
بالإضافة إلى ذلك، هناك تكهنات قوية بأن الفيفا قد تمنح ترامب جائزة “السلام” الجديدة، وهو ما أيده إنفانتينو بشكل غير مباشر. هذا الأمر يثير جدلاً واسعًا، خاصة وأن ترامب سبق أن أبدى رغبته في الحصول على جائزة نوبل للسلام.
تحول في الإدارة والبرمجة
لم يقتصر تدخل ترامب على قرعة كأس العالم فحسب، بل امتد ليشمل الإدارة الداخلية للمركز. فبعد عودته إلى واشنطن، قام ترامب بإقالة القيادة السابقة وتعيين مقربين منه في مجلس الأمناء، ثم اختار نفسه رئيسًا للمجلس.
وقد انتقد ترامب ومساعدوه البرامج التي كان يقدمها المركز، واصفين إياها بـ “الاستيقاظية” وموجهين اتهامات بسوء الإدارة المالية. وقد بدأت بالفعل بعض التغييرات المرئية، مثل طلاء الأعمدة باللون الأبيض بدلًا من الذهبي.
ردود فعل متباينة على التغييرات
أثارت هذه التغييرات ردود فعل متباينة. فقد أعربت ديبورا روتر، الرئيسة السابقة للمركز، عن رفضها للاتهامات الموجهة للإدارة السابقة، مؤكدة أن المركز كان في وضع مالي سليم عند مغادرتها.
في المقابل، يرى أنصار ترامب أن هذه التغييرات ضرورية لتحديث المركز وجعله أكثر جاذبية للجمهور. وقد أكد ريتشارد جرينيل، الرئيس الحالي للمركز، على التركيز على البرامج التي تجذب جمهورًا واسعًا وتحقق أرباحًا.
استقالات واعتراضات فنية
لم تخلُ هذه التغييرات من تبعات سلبية، حيث شهد المركز سلسلة من الاستقالات والاعتراضات من الفنانين. فقد ألغت مسرحيات غنائية بارزة مثل “هاملتون” عروضها، بينما انسحب كل من الممثل عيسى راي والمؤلفة لويز بيني من المشاركة في الفعاليات.
كما استقال عدد من المستشارين، بمن فيهم الموسيقي بن فولدز والمغنية رينيه فليمنج، تعبيرًا عن استيائهم من التغييرات. وقالت الممثلة جين ألكسندر، الرئيسة السابقة للصندوق الوطني للفنون، إنها كانت دائمًا سعيدة بتقديم عروض في مركز كينيدي، لكنها تشعر بالحزن بسبب ما يحدث.
تأثير على السياحة والاقتصاد المحلي
بالتزامن مع هذه التغييرات، يواجه مركز كينيدي تحديات اقتصادية وسياحية. فقد انخفضت الزيارات الدولية إلى واشنطن بنسبة 4.3% في عام 2025، وفقًا لتقديرات شركة Tourism Economics.
على الرغم من أن هذا الانخفاض أقل من التوقعات السابقة، إلا أنه يثير قلق المسؤولين المحليين. ويرون أن استضافة فعاليات مثل قرعة كأس العالم قد تساعد في تحسين صورة المدينة وجذب المزيد من السياح.
وقال إليوت فيرجسون، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة Destination DC، إن هذه الفعالية قد تمنح واشنطن فرصة للحصول على ردود فعل إيجابية.
قائمة المكرمين وتاريخ المركز
تتضمن قائمة المكرمين بجوائز مركز كينيدي لعام 2025 أسماء بارزة مثل سيلفستر ستالون وبول ستانلي، بالإضافة إلى غلوريا جاينور. ويثير وجود هذه الأسماء جدلاً، خاصة وأن بعضهم أيد ترامب علنًا، بينما انتقد آخرون سياساته.
يُذكر أن مركز كينيدي تأسس بموجب تشريع تعاوني بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي في عهد الرئيس دوايت أيزنهاور. ومنذ ذلك الحين، أصبح المركز مكانًا لتجاوز الخلافات السياسية والاحتفاء بالفنون والثقافة.
وقد شهد المركز حضور شخصيات بارزة من مختلف الأطياف السياسية، مثل القاضيين أنطونين سكاليا وروث بادر جينسبيرغ، اللذين حضرا معًا عرضًا للأوبرا.
مستقبل مركز كينيدي
يبدو أن مستقبل مركز كينيدي مرتبط بشكل وثيق بمستقبل دونالد ترامب السياسي. فإذا استمر ترامب في دوره كشخصية بارزة في الحياة العامة، فمن المرجح أن يستمر المركز في جذب الأضواء والجدل.
في المقابل، إذا تراجع دور ترامب، فقد يعود المركز إلى دوره التقليدي كمؤسسة ثقافية مستقلة.
في كل الأحوال، من الواضح أن مركز كينيدي يمر بمرحلة تحول تاريخية، وأن قرعة كأس العالم وحفل الجوائز السنوي هما مجرد بداية لهذه المرحلة.
الكلمات المفتاحية الثانوية: دونالد ترامب، الفيفا، واشنطن دي سي.
