في عام 1976، هزّت نتائج تذوق نبيذ غير متوقعة العالم، حيث تفوقت نبيذ كاليفورنيا على نظيراتها الفرنسية العريقة. هذه اللحظة التاريخية، التي عُرفت لاحقًا باسم “حكم باريس”، ليست مجرد قصة عن النبيذ، بل هي رمز لتحدي التقاليد ونجاح الابتكار. والآن، وبعد عقود، تستعد هذه القصة المذهلة للتحول إلى عمل فني فريد من نوعه: أوبرا بعنوان “حكم باريس” للملحن الأمريكي جيك هيجي. هذه الأوبرا الجديدة تعد بتقديم نظرة فنية آسرة على هذا الحدث الذي غيّر عالم تذوق النبيذ إلى الأبد.
أوبرا “حكم باريس”: تحفة فنية مستوحاة من تاريخ النبيذ
الأوبرا، التي من المقرر عرضها لأول مرة في 18 يوليو في مهرجان نابا فالي بكاليفورنيا، هي عمل كوميدي يمزج بين الأساطير اليونانية والشخصيات الحقيقية التي شاركت في تذوق النبيذ الشهير. يختار هيجي، المعروف بتحويل الأعمال الأدبية الكلاسيكية مثل “موبي ديك” و”الرجل الميت يمشي” إلى أوبرا، أن يقدم هذه القصة بأسلوب فريد يجمع بين الجدية والفكاهة.
تضم الأوبرا نخبة من المغنين الموهوبين، حيث تلعب السوبرانو دانييل دي نيس دور فينوس، والباريتون كوين كيلسي دور باخوس. كما يشارك في العمل التينور نيكولاس فان بشخصية ستيفن سبوريير، والميزو سوبرانو سيمون ماكنتوش بدور باتريشيا غالاغر، والسوبرانو بريندا راي بدور أوديت خان.
رؤية الملحن جيك هيجي للعمل
يرى هيجي أن “حكم باريس” هي فرصة لاستكشاف موضوعات ممتعة ومبهجة، وحتى غريبة ومجنونة، مع الحفاظ على عمق المعنى وتجاوز الحدود التقليدية. ويضيف: “كانت إحدى الحكام تطالب باستعادة بطاقات الأداء الخاصة بها بعد إعلان الفائزين. لذا، سنحظى بمشهد مجنون لطيف لتلك القاضية، حيث تقوم بريندا راي بأداء سوبرانو كولوراتورا.” هذا المشهد يعكس التوتر والدهشة اللذين سادا حفل التذوق.
تفاصيل “حكم باريس” التاريخي: نقطة تحول في عالم النبيذ
يعود أصل القصة إلى مسابقة تذوق النبيذ التي أقيمت في فندق إنتركونتيننتال بباريس عام 1976. جمعت المسابقة نخبة من خبراء النبيذ الفرنسي، الذين كانوا يعتبرون في ذلك الوقت السلطة المطلقة في هذا المجال. لكن المفاجأة كانت عندما تفوقت نبيذ كاليفورنيا، التي كانت تعتبر ناشئة في عالم صناعة النبيذ، على أفضل أنواع النبيذ الفرنسي في كل من فئتي الشاردونيه والنبيذ الأحمر.
ففي فئة الشاردونيه، احتل شاتو مونتيلينا المركز الأول، متفوقًا على نبيذ مورسولت شارم رولوت الفرنسي العريق من عام 1973. أما في فئة النبيذ الأحمر، فقد فازت كابيرنيت ساوفيجنون من Stag’s Leap Wine Cellars عام 1973، متفوقة على شاتو موتون روتشيلد عام 1970.
صدى الحدث وتأثيره
كتب جورج إم تابر عن هذا التذوق في مجلة تايم عام 2005، واصفًا إياه بـ “حكم باريس” في إشارة إلى الأسطورة اليونانية التي سبقت حرب طروادة. ويصف هيجي الحدث بأنه “فضيحة”، مشيرًا إلى أن الفرنسيين اتهموا بعض الحكام بالخيانة بسبب نتائج التذوق غير المتوقعة.
هذه النتائج كانت بمثابة صدمة للعالم القديم، وأثبتت أن نبيذ كاليفورنيا قادر على المنافسة مع أفضل أنواع النبيذ في العالم. كما أنها فتحت الباب أمام منتجي النبيذ في “العالم الجديد” (بما في ذلك أمريكا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلندا) لإثبات جودتهم وابتكارهم.
الاحتفال بالذكرى السنوية: مهرجان نابا فالي والأوبرا الجديدة
جاءت فكرة تحويل “حكم باريس” إلى أوبرا من ريك ووكر، الرئيس التنفيذي لمهرجان نابا فالي، الذي تواصل مع هيجي في يناير الماضي. كان الهدف هو إنشاء عرض احتفالي يواكب الذكرى السنوية الـ 250 لإعلان الاستقلال والذكرى العشرين للحدث الصيفي السنوي للمهرجان.
ويؤكد ووكر أن نتائج التذوق كانت “ثورية”، وأنها أظهرت أن “العالم الجديد” قادر على إنتاج نبيذ عالمي المستوى. ويضيف أن هذه الأوبرا ليست مجرد قصة عن النبيذ، بل هي قصة عن الطموح والابتكار والتحدي.
الاستعدادات للعرض الأول
لم يستغرق هيجي وكاتب النص جين شير وقتًا طويلاً لإنجاز العمل، حيث استغرقت كتابة النص من مايو إلى أكتوبر فقط. الأوبرا من إخراج كينت ناغانو، وتصميم جان رومان فيسبيريني. وقبل العرض الأول في نابا فالي، ستُعرض مقتطفات من الأوبرا في متجر Printemps الفرنسي في نيويورك في 18 فبراير، وفي ورشة عمل في معهد سان فرانسيسكو للموسيقى في أبريل، وفي لوس أنجلوس في 26 مايو.
تقول شير: “لقد ازدهرت الأوبرا تاريخياً من الأساطير والأساطير، ويبدو أن الاعتماد عليها كنقطة انطلاق أمر طبيعي نوعًا ما. وعندما تقوم بعمل كوميدي، عندما تكون المخاطر كبيرة والغرور كبير أو كبير، يصبح من السهل السخرية منه والاستمتاع به.”
في الختام، تعد أوبرا “حكم باريس” إضافة فريدة ومثيرة إلى عالم الفن، وستسلط الضوء على قصة تاريخية مذهلة غيرت مسار صناعة النبيذ. من المؤكد أن هذا العمل الفني سيثير إعجاب عشاق النبيذ وعشاق الأوبرا على حد سواء، ويدعوهم للتفكير في قوة الابتكار وتحدي التقاليد. لا تفوتوا فرصة مشاهدة هذا العرض المذهل في مهرجان نابا فالي، وكونوا جزءًا من هذه اللحظة التاريخية.
