أصيب عالم التلفزيون بالصدمة والحزن بعد وفاة الممثل الأمريكي أنتوني جيري، الذي اشتهر بدور لوك سبنسر في المسلسل التلفزيوني الشهير “المستشفى العام”. رحل جيري عن عالمنا يوم الأحد في أمستردام عن عمر يناهز 78 عامًا، إثر مضاعفات عملية جراحية خضع لها قبل ثلاثة أيام. وقد ترك رحيله فراغًا كبيرًا في قلوب محبيه وزمائله، وفي ذاكرة عشاق الدراما التلفزيونية في جميع أنحاء العالم.

أنتوني جيري: رحلة حياة فنان استثنائي

ولد أنتوني جيري في كولفيل، يوتا، لأبوين من طائفة المورمون. اكتشف موهبته الفنية أثناء دراسته الجامعية في جامعة يوتا، حيث شارك في عروض مسرحية. سرعان ما انتقل إلى لوس أنجلوس وانضم إلى فرقة مسرحية سياحية، محققًا بذلك بدايةً واعدةً لمسيرته المهنية. لكن الشهرة الحقيقية كانت تنتظره في عالم التلفزيون.

البدايات التلفزيونية قبل “المستشفى العام”

قبل أن يجسد شخصية لوك سبنسر التي غيرت مساره، ظهر أنتوني جيري في العديد من المسلسلات التلفزيونية الشهيرة في ذلك الوقت. من بين هذه المسلسلات “الغرفة 222” و “All in the Family” و “The Partridge Family” و “The Mod Squad” و “Marcus Welby, MD” و “The Streets of San Francisco” و “Barnaby Jones”. هذه المشاركات المبكرة صقلت مهاراته وأعدته للدور الأيقوني الذي سيتبعه.

لوك سبنسر و لورا ويبير: قصة حب هزت الشاشات

في عام 1978، انضم أنتوني جيري إلى فريق عمل مسلسل “المستشفى العام”، ليقدم شخصية لوك سبنسر، الشاب المتمرد الذي يمتلك جاذبية خاصة. لم يكن أحد يتوقع أن هذا الدور سيمنحه ثماني جوائز Daytime Emmy، وأن يجعله وجهًا مألوفًا في كل منزل. لكن اللحظة الفارقة أتت مع ظهوره إلى جانب الممثلة جيني فرانسيس التي جسدت شخصية لورا ويبير.

قصة الحب بين لوك ولورا كانت بمثابة ظاهرة ثقافية، جذبت ملايين المشاهدين. تطورت علاقتهما من عداوة إلى انجذاب، ثم إلى قصة حب درامية مليئة بالمفاجآت والمشاعر الجياشة. تفاعل الجمهور بشكل كبير مع هذه الشخصيات، وأصبح حفل زفافهما في عام 1981 حدثًا تاريخيًا، حيث تخطى عدد المشاهدين 30 مليونًا، وتخلله حضور مفاجئ لنجمة السينما العالمية إليزابيث تايلور. أنتوني جيري و جيني فرانسيس شكلا ثنائيا لا يُنسى في تاريخ التلفزيون.

تطور شخصية لوك سبنسر: من الشرير إلى البطل

بدأ لوك سبنسر كشخصية معادية، شاب ثري متهور يتم تجنيده لتدمير العلاقة بين لورا وزوجها الأول. شخصيته كانت مليئة بالغموض والجاذبية، لكنها أثارت الجدل بسبب بعض الأحداث المروعة، بما في ذلك الاعتداء الجنسي على لورا. إلا أن هذا الحدث المأساوي لم ينهِ القصة، بل أطلق شرارة عملية فداء طويلة ومعقدة.

أنتوني جيري نجح ببراعة في تصوير هذا التحول، ليجسد لوك سبنسر كبطل يواجه صراعات داخلية ويسعى للتصالح مع ماضيه. تحول لوك إلى شخصية محبوبة، بل وشغل منصب عمدة بلدة بورت تشارلز في سياق أحداث المسلسل. في مقابلة سابقة، أكد جيري أنه لم يكن يهدف إلى لعب دور البطل التقليدي، بل كان يفضل استكشاف الجوانب الرمادية في شخصية لوك، وهو ما أضفى عليها عمقًا وواقعية. الدراما التلفزيونية لم تشهد شخصية متقلبة ومثيرة للاهتمام مثل لوك سبنسر.

حياة هادئة في أمستردام و إرث فني دائم

على الرغم من شهرته الواسعة، اختار أنتوني جيري حياة هادئة نسبياً بعيدًا عن الأضواء. عاش مع زوجته كلاوديو جاما في أمستردام لسنوات طويلة، حيث استمتع بالهدوء والاستقرار. على الرغم من اعتزاله الظهور المنتظم في “المستشفى العام” في عام 2015، إلا أنه عاد مرة أخرى في عام 2017 لتقديم دور شرفي، إرضاءً لجمهوره الوفي.

لم يقتصر إبداع جيري على التلفزيون فقط، بل قدم أيضًا العديد من الأعمال المسرحية المتميزة طوال مسيرته. و سيظل اسمه محفوراً في سجلات نجوم التلفزيون، بفضل دوره الخالد في “المستشفى العام”.

ردود الأفعال على وفاة النجم

رحل أنتوني جيري، لكن إرثه الفني سيبقى حيًا إلى الأبد. أعربت شبكة ABC والمنتج التنفيذي فرانك فالنتيني والممثلة جيني فرانسيس عن حزنهم العميق لوفاته، مثمنين مساهمته الكبيرة في عالم الترفيه. جيني فرانسيس وصفت جيري بأنه “فريد من نوعه” و “ممثل رائع” و “نجم لا يضاهيه نجم”، مؤكدة أنه كان يمتلك شغفًا بالحقيقة والجرأة في تقديم شخصياته بكل أبعادها.

رحم الله أنتوني جيري وأسكنه فسيح جناته. ستظل ذكراه محفورة في قلوبنا، وسنستمر في الاستمتاع بأعماله الخالدة.

شاركها.