توفي ثيودور بيشتيك، المصمم التشيكي الشهير الذي ترك بصمة لا تُمحى في عالم الأزياء والسينما والمسرح، عن عمر يناهز 93 عامًا. هذا النبأ الحزين هزّ الأوساط الفنية في جمهورية التشيك وخارجها، حيث يُعتبر بيشتيك أحد أبرز فناني البلاد، وقد توجت مسيرته الفنية الحافلة بالفوز بجائزة الأوسكار المرموقة عن عمله في فيلم “أماديوس” عام 1984. رحل بيشتيك يوم الأربعاء، لكن الإعلان عن وفاته جاء يوم الخميس من قبل بلدة موكاروف، حيث كان يقيم، وأكدته عائلته لوكالة أنباء سي تي كيه المحلية.
مسيرة ثيودور بيشتيك الفنية: من المسرح إلى هوليوود
بدأ ثيودور بيشتيك مسيرته المهنية في أواخر خمسينيات القرن الماضي، حيث تعاون مع المخرج التشيكي فرانتيشيك فلاشيل في العديد من الأفلام، بما في ذلك “ماركيتا لازاروفا” و”وادي النحل”. لكن الشهرة العالمية جاءت من خلال علاقته الوثيقة والتعاون الفني مع المخرج التشيكي الأمريكي ميلوش فورمان.
بداية الصداقة والتعاون مع ميلوش فورمان
نشأت صداقة قوية بين بيشتيك وفورمان خلال فترة خدمتهما العسكرية الإلزامية في تشيكوسلوفاكيا الشيوعية. على الرغم من أن فورمان استقر في الولايات المتحدة بعد الغزو السوفيتي عام 1968، بينما بقي بيشتيك في تشيكوسلوفاكيا، إلا أن ذلك لم يمنع استمرار تعاونهما الفني المثمر. هذا التعاون أثمر عن أعمال سينمائية لا تُنسى، وساهم في ترسيخ مكانة بيشتيك كمصمم أزياء عالمي المستوى.
جائزة الأوسكار وتكريم عالمي لمصمم الأزياء المبدع
يُعتبر فوز ثيودور بيشتيك بجائزة الأوسكار لأفضل تصميم أزياء عن فيلم “أماديوس” عام 1985 نقطة تحول في مسيرته المهنية. الفيلم، الذي حصد العديد من الجوائز الأخرى، تميز بأزيائه الفخمة والمتقنة التي تعكس حقبة زمنية محددة، وقد أشاد بها النقاد والجمهور على حد سواء. عندما استلم الجائزة، عبّر بيشتيك عن سعادته الغامرة، واصفًا إياها بأنها “أكبر وأسعد يوم في مسيرتي السينمائية”.
بالإضافة إلى ذلك، حاز بيشتيك على ترشيح آخر لجائزة الأوسكار عن فيلم فورمان “فالمونت” عام 1989، وفاز بجائزة سيزار الفرنسية عن نفس الفيلم، مما يؤكد التقدير الدولي لموهبته وإبداعه في مجال تصميم الأزياء السينمائية. كما شارك في تصميم أزياء فيلم “The People vs. Larry Flynt”، مما يدل على تنوع أعماله وقدرته على التكيف مع مختلف المشاريع السينمائية.
حياة ما قبل الشهرة ومساهمات أخرى لثيودور بيشتيك
ولد ثيودور بيشتيك في 25 أكتوبر 1932 في براغ، لعائلة فنية، حيث كان والداه ممثلين. تخرج من أكاديمية الفنون الجميلة في براغ عام 1958، مما صقل مهاراته الفنية ومنحه قاعدة صلبة لمسيرته المهنية.
لم يقتصر شغف بيشتيك على تصميم الأزياء والسينما، بل امتد ليشمل عالم سباقات السيارات. فقد شارك في العديد من السباقات كسائق، وأصبحت السيارات مصدر إلهام للوحاته الفنية التي عُرضت في الولايات المتحدة وغيرها من البلدان. هذا التنوع في الاهتمامات يعكس شخصيته المتعددة الأوجه وإبداعه الذي لا يعرف حدودًا.
تكريم وطني لموهبة تشيكية فريدة
بعد الثورة المخملية عام 1989، التي قادها الراحل فاتسلاف هافيل وأطاحت بالنظام الشيوعي، لعب بيشتيك دورًا في الحياة العامة من خلال تصميم الزي الرسمي للحراس في قلعة براغ، مقر الرئاسة. تقديرًا لمساهماته الفنية والثقافية، منحه الرئيس فاتسلاف هافيل وسام الدولة عام 2000. هذا التكريم يعكس الاعتراف الوطني بموهبة بيشتيك وإسهاماته القيمة في إثراء المشهد الفني والثقافي في جمهورية التشيك.
رحيل ثيودور بيشتيك يمثل خسارة كبيرة لعالم الفن والسينما. إرثه الفني سيظل حيًا في أعماله الخالدة، التي ستلهم الأجيال القادمة من المصممين والفنانين. سيظل اسمه مرتبطًا بفيلم “أماديوس” وبأناقة وجمال أزيائه التي أسهمت في نجاح الفيلم وتألقه. رحمه الله وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان.
