سان فرانسيسكو (أ ف ب) – فقدت حركة حقوق الإعاقة صوتًا قويًا ومُلهمًا، إذ توفيت الناشطة البارزة والكاتبة أليس وونغ عن عمر يناهز 51 عامًا. إن رحيلها يترك فراغًا كبيرًا في قلوب محبيها وفي صراعها المستمر من أجل تحقيق العدالة والمساواة للأشخاص ذوي الإعاقة، وخاصة أولئك الذين يواجهون التمييز المزدوج بسبب لون البشرة أو ميولهم الجنسية أو وضعهم كمهاجرين. كانت أليس وونغ رمزًا للأمل والتمكين للكثيرين.
حياة مكرسة للدفاع عن حقوق الإعاقة
ولدت أليس وونغ لأبوين مهاجرين من هونغ كونغ، وعاشت حياتها مصابة بضمور العضلات، مما استلزم استخدام كرسي متحرك يعمل بالطاقة وجهاز تنفس مساعد. لكنها لم تسمح لهذا التحدي أن يعرقل طموحاتها أو يحد من قدرتها على إحداث تغيير إيجابي في العالم. بل حولت تجربتها الشخصية إلى قوة دافعة للنشاط والوعي.
كانت أليس وونغ من أشد المدافعين عن فكرة “إخراج الناس من المؤسسات والبقاء في المجتمع”. آمنت بشدة بأن الأشخاص ذوي الإعاقة يجب أن يتمتعوا بالحرية والاستقلالية الكاملين في حياتهم وقراراتهم، وأن يكونوا قادرين على العيش بكرامة واحترام في مجتمع شامل. تبنت فلسفة تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة ليصبحوا متحدثين عن أنفسهم وبأنفسهم.
رؤية شاملة للعدالة
لم تقتصر رؤية أليس وونغ على حقوق الإعاقة فحسب، بل امتدت لتشمل قضايا العدالة الاجتماعية المتشابكة. فقد أدركت أن الأشخاص ذوي الإعاقة، وخاصة المنتمين إلى الفئات المهمشة مثل الملونين ومجتمع المثليين والمهاجرين، يواجهون تحديات فريدة من نوعها تتطلب معالجة شاملة ومتكاملة. لقد سعت جاهدة لإنشاء عالم يتم فيه الاعتراف بجميع أشكال التنوع وتقديرها.
إرث من الكتابة والنشاط
تركت أليس وونغ إرثًا غنيًا من الكتابة والنشاط. شاركت في تأليف وتحرير العديد من الكتب التي سلطت الضوء على قضايا الإعاقة وروجت لثقافة الشمولية. بالإضافة إلى ذلك، أسست مدونة “مشروع رؤية الإعاقة” (Disability Visibility Project)، والتي أصبحت منصة رئيسية لمشاركة قصص وتجارب الأشخاص ذوي الإعاقة من خلفيات متنوعة.
وصفتها صديقتها المقربة ساندي هو بأنها “نجمة بارزة في حركة العدالة للإعاقة”. وأضافت أن وونغ كانت شخصية فكاهية وكاتبة موهوبة، وهو أمر نادرًا ما نراه في هذا المجال. مذكراتها التي تحمل عنوان “عام النمر: حياة ناشطة” (Year of the Tiger: An Activist’s Life) هي دليل على ذلك، فهي مليئة بالمقتطفات الفكاهية التي تضفي طابعًا إنسانيًا على تجربة الإعاقة.
“منحة العبقرية” تقديرًا لإنجازاتها
اعترافًا بإنجازاتها الملحوظة، تم اختيار أليس وونغ ضمن دفعة 2024 من زملاء مؤسسة جون د. و كاثرين تي. ماك آرثر، الحاصلين على “منحة العبقرية” المرموقة. هذا التكريم يعكس الأثر العميق الذي أحدثته في مجال حقوق الإعاقة والمجتمع ككل.
كلمات وداع مؤثرة
قبل وفاتها، كتبت أليس وونغ بيانًا شاركته على وسائل التواصل الاجتماعي، عبّرت فيه عن امتنانها للفرص التي أتيحت لها، ولصداقاتها، وللمعلمين الذين آمنوا بها. كتبت: “بفضل صداقاتي وبعض المعلمين العظماء الذين آمنوا بي، تمكنت من شق طريقي للخروج من المواقف البائسة إلى مكان شعرت فيه أخيرًا بالراحة في بشرتي. نحن بحاجة إلى المزيد من القصص عنا وعن ثقافتنا”. هذه الكلمات تلخص جوهر رسالتها: أهمية التمثيل والرؤية.
بالتأكيد، كانت أليس وونغ أكثر من مجرد ناشطة وكاتبة، فقد كانت مصدر إلهام للعديد من الأشخاص. لقد أثبتت أن الإعاقة ليست عائقًا أمام النجاح أو تحقيق الأحلام. وإرثها سيستمر في العيش من خلال عملها وكتاباتها والأثر الذي تركته على حياة الكثيرين.
في الختام، يمثل رحيل أليس وونغ خسارة كبيرة لحركة حقوق الإعاقة، لكن إرثها سيظل حيًا. دعونا نواصل العمل من أجل عالم أكثر شمولية وعدالة، عالم يحتفي بالتنوع ويضمن حقوق وكرامة جميع الأفراد، بغض النظر عن قدراتهم أو خلفياتهم. شارك قصصك وتجاربك حول الإعاقة، وادعم المؤسسات التي تدافع عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ونكن جميعًا جزءًا من هذا التغيير الإيجابي.
