نيويورك (أ ف ب) – لطالما كانت وراء الكواليس، لكن مهنة اختيار الممثلين (Casting) على وشك الخروج إلى دائرة الضوء. فبعد سنوات من التهميش، سيحصل مديرو اختيار الممثلين على اعتراف رسمي في حفل توزيع جوائز الأوسكار القادم، مع إضافة فئة جديدة للإنجاز في هذا المجال. هذا التطور التاريخي يمثل تقديرًا للدور الحيوي الذي يلعبه هؤلاء المحترفون في تشكيل الأفلام والمسلسلات التي نشاهدها.
أهمية اختيار الممثلين: فن إيجاد الشخص المناسب
لطالما كان اختيار الممثلين هو الخطوة الأولى الحاسمة في أي إنتاج سينمائي أو مسرحي. فكما قال برنارد تيلسي، أحد أبرز الأسماء في عالم اختيار الممثلين، والذي شارك في فيلمي “Wicked” الضخمين: “مهمتنا هي معرفة الممثلين الموجودين هناك أو معرفة كيفية العثور على الممثلين الذين لا نعرفهم”. إنهم ليسوا مجرد باحثين عن وجوه جميلة، بل هم فنانون يمتلكون عينًا ثاقبة وقدرة على رؤية الإمكانات الكامنة في الممثلين، وتحديد من هو الأنسب لتجسيد شخصية معينة. هذا يتطلب فهمًا عميقًا للنص، ورؤية المخرج، والشخصية نفسها، بالإضافة إلى القدرة على تقييم موهبة الممثل وقدرته على التطور.
جائزة أوسكار للاختيار: اعتراف بمهنة حيوية
إن إضافة جائزة أوسكار للإنجاز في اختيار الممثلين هي خطوة طال انتظارها، حيث أن هذه المهنة غالبًا ما تكون “غير مرئية” كما يقول ديستني ليلي، رئيس جمعية Casting Society. فالجمهور يرى الممثلين على الشاشة، لكنهم نادرًا ما يفكرون في الجهود المبذولة للعثور عليهم وتطويرهم. تيلسي يوضح أن “العمل الذي يقوم به مديرو اختيار الممثلين يحدث قبل انضمام الكثير من بقية فريق الإنتاج”، مما يجعل مساهمتهم أقل وضوحًا. لكن هذه الجائزة ستساعد في تسليط الضوء على أهمية هذه المهنة، وستشجع المزيد من المواهب على الانضمام إليها. حفل توزيع جوائز الأوسكار الـ 98، الذي سيشهد تقديم هذه الجائزة الجديدة، سيُبث مباشرة على قناة ABC في 15 مارس 2026.
“Wicked”: تحدٍ كبير لفريق الاختيار
يعتبر فيلم “Wicked” و “Wicked: For Good” من أكبر التحديات التي واجهها فريق تيلسي، حيث اضطروا إلى ملء مئات الأدوار، بما في ذلك أدوار الرقص، على مدار أكثر من عام من التصوير وعبر القارات. على الرغم من أن سينثيا إريفو وأريانا غراندي بدتا خيارين طبيعيين لأدوار إلفابا وغليندا على التوالي، إلا أن هذا الإدراك جاء بعد عملية اختيار دقيقة. تيلسي يؤكد أن “الأمر لم يكن كذلك إلا بعد أن دخلوا الغرفة، وقلت: ‘أوه، هذا سحر. هذا يجب أن يكون. لا يوجد أحد آخر يلعب الدور سوى الاثنين'”. هذا يوضح أن اختيار الممثلين ليس مجرد مسألة حدس، بل هو عملية تتطلب تقييمًا دقيقًا ومقارنة بين العديد من المواهب.
عملية الاختيار: سباق مستمر
عملية اختيار الممثلين هي سباق مستمر، حيث يسعى مديرو الاختيار إلى مواكبة أحدث المواهب الصاعدة. يتنقل تيلسي وفريقه بين المسارح أربع أو خمس ليالٍ في الأسبوع، ويقضون عطلات نهاية الأسبوع في مشاهدة التلفزيون والأفلام بحثًا عن وجوه جديدة. يجتمعون بانتظام لتبادل النصائح والتوصيات، ويحاولون دائمًا توسيع شبكة معارفهم. كما يشير تيلسي، “كل يوم تشعر وكأنك متخلف، وهناك مائة ممثل آخر لا أعرفهم، وكيف سأقابلهم وكيف سأراهم؟”.
تطور المهنة: من المسرح إلى الشاشة
على مر السنين، شهدت مهنة اختيار الممثلين تطورات كبيرة، خاصة مع ظهور التكنولوجيا الجديدة وانتشار البث التلفزيوني. أصبح اختبار الأداء عبر الإنترنت أكثر شيوعًا، مما سمح لمديري الاختيار بالوصول إلى مواهب من جميع أنحاء العالم. كما أن الحدود بين العمل السينمائي والتلفزيوني والمسرحي أصبحت أكثر مرونة، حيث يقوم الممثلون بتغيير الوسائط بحرية. تيلسي يؤكد أن “التمثيل الجيد هو تمثيل جيد”، وأن المهارات المطلوبة للنجاح في المسرح هي نفسها المهارات المطلوبة للنجاح في الشاشة.
نظرة إلى المستقبل: تحديات وفرص
مع استمرار نمو صناعة الترفيه، ستزداد أهمية اختيار الممثلين. لكن هذه المهنة تواجه أيضًا تحديات جديدة، مثل تقلص الميزانيات وزيادة المنافسة. يقول تيلسي: “الوقت ليس في صالحنا. وسيصبح الأمر أكثر ضيقًا مع تقلص الميزانيات للمستقبل”. ومع ذلك، فإن هذه التحديات تخلق أيضًا فرصًا جديدة للمديرين المبدعين والمبتكرين. من خلال تبني التكنولوجيا الجديدة وتوسيع شبكاتهم، يمكن لمديري اختيار الممثلين الاستمرار في العثور على أفضل المواهب وتقديمها إلى العالم.
الخلاصة
إن الاعتراف بمهنة اختيار الممثلين في حفل توزيع جوائز الأوسكار هو خطوة مهمة نحو تقدير الدور الحيوي الذي يلعبه هؤلاء المحترفون في صناعة الترفيه. إنهم فنانون يمتلكون عينًا ثاقبة وقدرة على رؤية الإمكانات الكامنة في الممثلين، وتحديد من هو الأنسب لتجسيد شخصية معينة. مع استمرار نمو الصناعة، ستزداد أهمية هذه المهنة، وستستمر في تشكيل الأفلام والمسلسلات التي نشاهدها. نتطلع إلى رؤية المزيد من المواهب الصاعدة التي يتم اكتشافها بفضل جهود هؤلاء المحترفين الموهوبين.
